أمين معلوف روائي وصحفي لبناني فرنسي صاحب مسيرة أدبية طويلة. اكتسب شهرته من الأعمال الروائية التي ترجم بعضها إلى نحو 40 لغة. انتخب أميناً دائماً للأكاديمية الفرنسية وحاز العديد من الجوائز الأدبية والأوسمة. ويلقب برجل “الكتب الأفضل مبيعا”.

المولد والنشأة:

ولدأمين معلوففي 25 فبراير/شباط 1949 في بيروت. والده هو الكاتب والصحفي والشاعر والسياسي رشدي معلوف ووالدته أديل غصين، وقد تزوجا في مصر عام 1945. وأمين هو الابن الثاني بين أربعة أطفال، وتعمل اثنتان من شقيقاته الثلاث مدرّستين للبيانو في فرنسا. عاش في القاهرة خلال طفولته المبكرة عدة سنوات. ثم عاد إلى لبنان وهو في الثالثة عشر من عمره.

الدراسة:

أمضىأمين معلوفدراسته الابتدائية في بيروت، والمرحلة الثانوية في مدرسة سيدة الجمهور، حيث أتقن الفرنسية واللاتينية، إلى جانب اللغة العربية والإنكليزية.
التحق بجامعة القديس يوسف ودرس الاقتصاد، كما درس علم الاجتماع في مدرسة الآداب العليا الفرنسية، وحصل على إجازة في علم الاجتماع والاقتصاد. منح عدة شهادات أكاديمية، منها الدكتوراه الفخرية من جامعة لوفان الكاثوليكية ببلجيكا، وجامعة تاراغونا في إسبانيا، وجامعة إيفورا بالبرتغال، والجامعة الأميركية في بيروت.

نشأته الأدبية:

نشأأمين معلوففي بيئة متعددة الثقافات واللغات، وكان سليل أسرة مشهورة بالتأليف والكتابة والصحافة. والده رشدي معلوف عشق الفنون والآداب ونظم الزجل خلال الجلسات الخاصة. ومن أمسيات الصيف الثقافية العائلية في عين القبو في جبل لبنان، احتفظ أمين بفن القصص، وتعرف على عظماء الشعر العربي القديم مثل أبو الطيب المتنبي وأبو العلاء المعري وعنترة بن شداد وغيرهم. وكان والده يحدثه على الدوام عن ستيفان مالارميه (شاعر وناقد فرنسي) ومايكل أنجلو (فنان ورسام إيطالي)، والشاعر عمر الخيام الذي صار بطلاً رئيسياً لروايته “سمرقند”.
كان معلوف قارئاً نهماً منذ طفولته، وكانت مكتبة والده تضم مئات الكتب من التراث والشعر العربي، لكنه عشق قراءة الأدب الكلاسيكي الغربي لتشارلز ديكنز وليو تولستوي وأونوريه دو بلزاك وفيكتور هوغو.
كما نشأ على قراءة الأدب الغربي المترجم إلى العربية مثل رحلات غليفر وديكنز ودوماس ومارك توين، كما اطلع على الأدب الفرنسي، واكتشف الكتّاب الروس والألمان من خلال مطالعاته باللغة الإنكليزية.

العمل في الصحافة:

في سن الـ14 أرادأمين معلوفأن يصبح في السر كاهناً، لكنه قرر خوض غمار الصحافة على خطى والده عندما بلغ الـ22، إذ كان والده يأخذه معه عندما كان طفلاً إلى مكتبه في الجريدة حيث كان يعمل.
في بداية سبعينيات القرن الماضي انضم معلوف إلى أسرة تحرير جريدة “النهار”. عمل بداية في الملحق الاقتصادي، ثم في قسم الدوليات. العمل في هذه الصحيفة فتح أمامه باب اللقاء بشخصيات دولية وعربية وأوروبية، إذ كانت مهمته آنذاك تقوم على متابعة الأخبار العالمية والانقلابات في أميركا الجنوبية وأفريقيا. عمل مراسلاً فتنقل في مهماته الصحفية بين أكثر من 60 بلد، وغطى أحداثاً كبرى منها سقوط النظام الملكي في إثيوبيا ومعركة سايغون الأخيرة، وأجرى مقابلة مع أنديرا غاندي.
الحرب في لبنان عام 1975 اضطرته إلى مغادرة بلده على متن باخرة إلى فرنسا عام 1976، وهو في الـ27 من عمره. وفي باريس كانت أولى تجاربه مع مجلة “إيكونوميا” الاقتصادية، ثم انضم إلى مجلة “جون أفريك” الأسبوعية التي أصبح رئيس تحريرها، وكان صاحب الافتتاحيات الرئيسية فيها. وبموازاة ذلك استمر رئيساً لتحرير الطبعة الدولية لجريدة “النهار” التي ظلّ مرتبطاً بها حتى عام 2010.

حلم التأليف:

رغم سطوع نجمه في الصحافة، إلا أنأمين معلوفكان يطمح إلى “الميدان الحقيقي للكتابة”، أي تأليف الكتب. وصدف أن عرض عليه رئيس تحرير المجلة التي عمل فيها فكرة نشر كتاب، فقرر التخلي عن الصحافة نهائياً، ليتفرغ للأعمال الأدبية. رغم ذلك ظل معلوف وفياً للصحافة التي تعلم منها قواعد عمله، لا سيما هاجس التوجه إلى جمهور واسع، والكتابة بأسلوب بسيط عن قضايا ومواضيع تهم قطاعاً واسعاً من الناس.

الرواية الأولى:

حصل الأديب اللبناني على الجنسية الفرنسية عام 1981، وبعد 5 سنوات وضعته روايته الأولى “ليون الأفريقي” على خارطة العالمية. وكان لها الفضل في دخوله للمرة الأولى إلى الأكاديمية الفرنسية مكرماً، لتسلم جائزة “الصداقة الفرنسية العربية” عام 1986، وكان يبلغ من العمر حينها 37 عاماً.

أمين عام الأكاديمية الفرنسية

بعد 25 عاماً على ذلك، عاد معلوف إلى الأكاديمية الفرنسية في 23 يونيو/حزيران 2011، وتبوأ المقعد رقم 29 خلفاً للكاتب والمفكر الفرنسي كلود ليڤي-ستروس.

لم يتوقف طموح معلوف عند هذه العضوية بل مضى قدماً في ترسيخ حضوره ومكانته داخل هذه المؤسسة العريقة.ففي 28 سبتمبر/أيلول 2023، فاز وهو في سن الـ74، بمنصب الأمين العام الدائم للأكاديمية الفرنسية، وهو المنصب الذي لم يشغله سوى 32 شخصاً منذ عام 1634.

الإبداع والمؤلفات

حقق معلوف من خلال كتبه نجاحاً لدى جمهور القراءة باللغة الفرنسية، ويلقب في فرنسا برجل “الكتب الأفضل مبيعا”. بدأ نشاطه الإبداعي ببحث تاريخي سنة 1983 بعنوان “الحروب الصليبية كما رآها العرب”. وترجم الكتاب إلى العديد من اللغات وحقق أرقاماً قياسية. وبعد أقل من ثلاث سنوات، أصدر روايته الأولى “ليون الأفريقي”، ورأت روايته الثانية “سمرقند” النور عام 1988. مبيعات “سمرقند” و”ليون الافريقي” تراوحت ما بين 500-600 ألف نسخة. الرواية الثالثة حملت عنوان “حدائق النور” وبعدها أصدر روايته “أوديسة بالتازار”.
وقد شكلت رواية “صخرة طانيوس” التي حاز بها على جائزة غونكور الفرنسية تحولاً نوعياً في مساره الإبداعي، إذ فتحت أمامه أبواب العالمية، فترجمت أعماله إلى عدد كبير من اللغات من بينها العربية. وهي أكثر رواية وزعت بالفرنسية.
وإلى جانب ذلك، أصدر رواية تستعيد الماضي القريب للبنان والمنطقة، وهي “موانئ الشرق”. ثم كتب رواية معاصرة بعنوان “التائهون”، وأصدر كتاب “بدايات” (سيرة ذاتية عائلية). بعدها كانت “الهويات القاتلة”، وهو مجموعة مقالات كان قد نشرها في الصحافة بين عامي 1998 و 2002. ومن مؤلفاته أيضاً رواية “القرن الأول بعد بياتريس” ورواية “إخوتنا غير المنتظرين”. كذلك أصدر “اختلال العالم” و”عالم الفوضى” و”غرق الحضارات” و”مقعد على ضفاف السين- أربعة قرون من تاريخ فرنسا”.
وكان لمعلوف أيضاً مسرحيتان شعريتان بعنوان “الأم أدريانا” و”الحب عن بعد”.
“صخرة طانيوس” أخرجها المبدع الراحل جيرار أفديسيان في افتتاح مسرح المدينة في بيروت عام 1994

الجوائز:

حاز أمين معلوف على عدد كبير من الجوائز العالمية التي جعلته في مصاف الكتّاب العالميين. وكانت:
-جائزة مجموعة سفراء الدول الفرنكوفونية في فرنسا عن كتابه “غرق الحضارات” (2021)
-وسام الاستحقاق الوطني، من درجة الضابط الأكبر، تقديرا لعطاءاته وإنجازاته في عالم الأدب (2020)
-جائزة ” Prix Aujourd’hui عن كتابه “غرق الحضارات” (2019)
-جائزة “الشيخ زايد للكتاب” عن شخصية العام الثقافية (2016)
-نيشان الاستحقاق الوطني من رتبة قائد (2014)
-الوشاح الأكبر لوسام الأرز الوطني اللبناني (2013)
-سيف الشرف في احتفالية انضمامه للأكاديمية الفرنسية (2012)
-جائزة أمير أستورياس الإسبانية للأدب (2010)
-جائزة الأدب لمنطقة البحر الأبيض عن رواية “بدايات” (2004)
-نيشان الاستحقاق الوطني من رتبة ضابط (2003)
-جائزة جاك أوديبيرتي عن روايته “رحلة بالتازار” (2002)
-الجائزة الأوروبية تشارلز فيون عن رواية “حدائق النور” وكتاب “الهويات القاتلة “(1999)
-جائزة غونكور، من كبرى الجوائز الأدبية الفرنسية عن رواية “صخرة طانيوس” (1993)
-جائزة اليونسيف عن رواية “حدائق النور” (1991)
-جائزة الصداقة الفرنسية العربية عن روايته “ليون الأفريقي” (1986)
-جائزة دار الصحافة لـ”رواية سمرقند” (1988).

شاركها.
Exit mobile version