قاربت الكاتبة والمخرجة مايا سعيد، في مسرحية “خمس دقايق” التي عُرضت في District 7 الصيفي، من بطولة الممثلين صولانج تراك وطارق تميم، مرض الزهايمر ومعاناة الذين يرافقون المريض، لأنها تؤمن بأن عيد الميلاد هو مشاركة، ورغبة منها بتكريم والدها. الحبكة مشوقة وجذابة، نقلت المعاناة بسلاسة، وساهمت مع القفشات الكوميدية الذكية، في تقديم مضمون عميق.أداء الممثلين كان رائعاً وعفوياً ومحترفاً، وحرّك مشاعر المشاهدين الذين ضحكوا وبكوا في آن.
موقع الفن إلتقى مايا سعيد وطارق تميم وصولانج تراك، وكان لنا معهم الحوارات الآتية.

مايا سعيد

قلتِ سابقاً إنك تفضلين الكتابة لأشخاص، هل هذا ما حصل في مسرحية “خمس دقايق”؟

بالطبع حصل، وكنت تشاورت مع صولانج تراك من أجل تقديم مسرحية في زمن الميلاد، وفكرت بطارق، وكنت أرغب بمعالجة موضوع عيد الميلاد واللقاء العائلي بطريقة مختلفة.

لماذا إخترتِ مرض الزهايمر موضوعاً للمسرحية؟

“خمس دقايق” تختصر خمسة أيام أمضيتها مع والدي قبل رحيله، ولم يستطع خلالها التعرف عليّ، وكان الأمر مؤلماً جداً بالنسبة لي، وهو لم يكن مصاباً بالزهايمر. وكان يقرأ كل كتاباتي، وأردت أن أكرّمه من خلال عمل ما. مرض الزهايمر يدوم لفترة طويلة، وهو مدمّر، والناس لا يحبون التحدث عنه، ولا وجود لأعمال مسرحية أو تلفزيونية تعالج هذا الموضوع، مع أنه من الآلام الصامتة التي يجب التعبير عنها.

كيف تمكنتِ من الكتابة في أجواء الحـرب الأخيرة؟

الكتابة في الحـرب كانت للهروب من الواقع، وقررت المضي فيها، وحين بدأ الحديث عن وقف إطلاق النار، كنت مع صولانج وطارق، وقررنا إنتظار وقف إطلاق النار لإتخاذ قرار الإنطلاق بالمسرحية. بدأنا بالتدريبات، وكان النص يصل إلى طارق وصولانج تدريجياً. من ناحية الورق، كنا جاهزين، والباقي تم إنجازه بسرعة، وكان التحدي في أن نطلق العمل بزمن عيد الميلاد.

ماذا يعني الوقت بالنسبة لكِ؟

الوقت يمر بسرعة، وبإمكاننا إختصار عمر بلحظة، وبهذا الوقت القصير، قد ينسى الإنسان أشياء مهمة في حياته، وتبقى أشياء لا ينساها. الأهم الذي لا ينساه الإنسان، هو عائلته وأهله، لأنهم مرسخون فينا، وقد يختصرون حياتنا بكاملها، لأن كل ما يعيشه الإنسان في المستقبل، أساسه العائلة، ويُختصر بخمس دقايق.

كيف كان تفاعل الحضور مع المسرحية؟

كنت قلقة، لأنني لا أريد أن أنقل الكآبة إلى الناس، إلا أننا نجحنا، لأن روح الميلاد والذكريات كانت الأبرز، وهذا تحدٍ كبير، والناس أحبوا العمل، والأصداء كانت إيجابية، والمسرحية لامست كثيرين، لاسيما الأشخاص الذين لديهم حالة الزهايمر في منازلهم، والذين أكدوا أن هذا المرض مؤلم ولا أحد يقاربه. تعنيني المواضيع النفسية، وقررت أن أكتب عنها.

طارق تميم

إلى أي حد لامسك دورك في المسرحية؟

لامسني الدور إلى حد كبير، لأن ما تكتبه مايا قريب من الحقيقة ومن الناس، ولأن معظم الأشخاص عانوا من نفس الوضع مع مقرّب منهم، سواء كان الزهايمر أو خرف أو فقدان للذاكرة. مقاربتها للموضوع فاجأتني، لاسيما أنها لم تعطنا في البداية النص الكامل، فقد تسلمناه على ثلاث دفعات، ولم تخبرنا عن مجرى الأحداث، والتحضير للعمل تم خلال أسبوعين بعد إعلان وقف إطلاق النار.

رأينا الدموع في عينيك في بعض المشاهد، كيف تعلق على ذلك؟

نعم تأثرت ببعض المشاهد، خصوصاً بالمونولوج الذي أروي فيه قصة “المرأة التي تشعل سيجارتها حين تغيب الشمس، وحين ترشف القهوة، تنظر إلى النور الكهربائي في المطبخ، تنظر إليه بتركيز”. هذا المونولوج أثّر بي كثيراً، وهو يعني أن المرأة راضية بقدرها. المشهد يرسم صورة تلامس كل إنسان. وما أثّر بي في القصة، هو أن زوجة الدكتور حرب، هي التي تعاني، لأنه لا يدرك ما يواجهه، فهي التي تضحي لأنها أصيلة وتحب زوجها.

ما الذي جذبك إلى نص مايا سعيد؟

أحب مايا سعيد وكتاباتها، وكيفية تسليطها الضوء على هذا الموضوع. من عنوان المسرحية، إعتقد البعض أنه سيحضر معجزة ميلادية، لكن العمل كان هادفاً، وحين تنتهي المسرحية ويغادر المشاهد، يبقى المضمون في ذهنه. أذكر لينا خوري حين عرضت مسرحية “حكي نسوان”، جزء كبير من الرجال تحديداً، تبدلت وجهات نظرهم بعد مشاهدتهم المسرحية، لأنهم لم يعرفوا معاناة المرأة. على المسرح أن يوصل رسالة، من خلال الضحك والحزن.

ماذا عن الكيمياء بينك وبين صولانج تراك ومايا سعيد؟

الكيمياء كانت موجودة لأننا نتبادل المحبة، ومؤمنون بما نقدمه. الكيمياء الموجودة بين الممثلين والكاتبة، تشكل إضافة وتنعكس إيجاباً على العمل. عملية التبادل (البينغ بونغ) بين الممثلين، تساهم في إتقانهم أدوارهم. بالنسبة لي، النص هو الأساس “في البدء كان الكلمة”، لا ينجح العمل من دون نص جيد، حتى لو كان الممثلون نجوماً.

صولانج تراك

كيف كانت ردة فعلكِ على الشخصية التي جسدتِها في المسرحية؟

مايا كتبت النص لي ولطارق تميم، وهو أمر مشرّف حين يكتب الكاتب لممثل، وحين قرأت الشخصية، ضحكت من قلبي، وقلت في نفسي إن ردة فعل الجمهور ستكون مشابهة لردة فعلي، وفرحت لأنني لا أتلقى عروضاً لتمثيل أدوار كوميدية، وغالباً ما أمثل دور الشريرة أو الدور الجدي.

حركة الجسد كانت واضحة خلال أداء الدور، كيف تعلقين؟

أردت أن تكون الشخصية خفيفة على المسرح، وأن تتحرك بشكل طبيعي في منزل الدكتور حرب، لأنها سيدة تقتحم منزل أحدهم، وكان يجب أن تتمتع بحركة رشيقة.

مبروك الموقع الجديد لـ District 7، هل برأيك سيشكل إضافة الى الأعمال التي ستعرض فيه؟

الموقع الجديد هو Boutique Theatre في داخله Coffee Shop، حيث يستطيع الممثلون أو الأشخاص العاديون، العمل، وهو مكان يجمع الفنانين في لبنان، ويبقى فيه الناس بعد المسرحية، للتناقش حول العمل والتعارف ومحاورة الممثلين، عوضاً عن الوقوف بإنتظارهم في الممر، كما يمكنهم تناول المشروبات والطعام.
المكان يفتح من الساعة التاسعة صباحاً حتى الواحدة ليلاً، وكل من يرغب في العمل بإمكانه أن يزوره، وبإمكان الممثلين الذين يجرون تدريبات أن يستريحوا في المكان.

شاركها.
Exit mobile version