خاص

جانب من العاصمة البريطانية لندن

تحاول بريطانيا الخروج من أزمتها الاقتصادية التي ألمت بها بسبب تداعيات خروجها من الاتحاد الأوروبي وجائحة كورونا وارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية جراء الحرب في أوكرانيا، وسط تفاؤل نسبي بالخروج من الأزمة بفضل السياسات النقدية التي أدت إلى تباطؤ التضخم إلى أدنى مستوى له منذ عامين.

وقد أثرت هذه الأوضاع الاقتصادية الصعبة، خلال العامين الماضين تحديداً، على نسبة المسافرين وأدت إلى تغيير تفضيلات وميزانيات وسلوكيات المستهلكين فيما يتعلق بالسياحة والترفيه، إلا أن تباطؤ معدل التضخم ينذر بالتخفيف من حدة تلك المتغيرات التي طرأت على عادات البريطانيين.

ويمكن أن يزيد تباطؤ التضخم من القوة الشرائية للجنيه الإسترليني أمام العملات الأخرى، مما يجعل السفر إلى الخارج أرخص وأكثر جاذبية، ويخفف من ضغط بنك إنجلترا على رفع أسعار الفائدة، ليحافظ على تكاليف الاقتراض منخفضة في وقت تالٍ من العام المقبل وبما يشجع على الإنفاق والاستهلاك، وكذلك يمكنه أن يحسن من ثقة المستهلكين والمستثمرين في الاقتصاد البريطاني؛ بما يدعم النمو والتوظيف.

تباطؤ التضخم

  • تراجع التضخم في المملكة المتحدة- وفقا لمؤشر أسعار المستهلكين- إلى أدنى مستوى منذ أكثر من عامين.
  • من المتوقع أن يعزز ذ لك التباطؤ التكهنات بأن بنك إنجلترا قد يبدأ في خفض أسعار الفائدة في وقت أقرب مما كان متوقعا.
  • انخفض التضخم إلى 3.9 بالمئة في نوفمبر، وهو أدنى مستوى له منذ سبتمبر 2021، من 4.6 بالمئة المسجلة في أكتوبر.

وترك بنك إنجلترا سعر الفائدة الرئيسي عند أعلى مستوى له منذ 15 عاما عند 5.25 بالمئة الأسبوع الماضي، وهو نفس المستوى الذي ظل عليه منذ أغسطس بعد نهاية ما يقرب من عامين من الارتفاعات.

نجح بنك إنجلترا في خفض التضخم من أعلى مستوى بلغه منذ أربعة عقود، والذي كان يزيد على 11 بالمئة، لكن لا يزال أمامه طريق طويل للوصول إلى هدفه البالغ 2 بالمئة.

أخبار تقلق الأسر

وفي السياق، يقول المحلل الاقتصادي بصحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، الدكتور أنور القاسم، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”:

  • الفائدة المرتفعة جداً بهدف السيطرة على أكبر تضخم تشهده بريطانيا منذ الحرب العالمية الثانية، أدت إلى انخفاض قياسي في ثروة الأسر البريطانية.
  • هذا التراجع الكبير يقلل من التفاوت بين الأجيال الذي زاد على مدار الـ 40 سنة الماضية، إذ استفادت الأجيال الأكبر سنا من الطفرة العقارية، في حين وجد الأصغر سنًا أنفسهم محرومين من امتلاك عقار.

ويشير إلى اعتقاد الخبراء الاقتصاديين في لندن بأن ما يحدث حاليًا في سوق القروض البريطانية قد ينذر بانفجار قنبلة القروض.  فهناك أكثر من مليون بريطاني سوف تكون عليهم خسارة 20 في المئة من إجمالي دخلهم الشهري لسداد أقساط ديون قروض شراء بيوت، إذا لم يبدأ بنك إنجلترا قريبا في خفض سعر الفائدة.

ويضيف: من المعروف أن أغلب البريطانيين حصلوا على قروض عندما كان سعر الفائدة في حدود 1 بالمئة خلال جائحة كورونا، بينما سيكون عليهم الآن الحصول على قروض جديدة بنسبة قد تصل إلى 6 بالمئة، وهو ما يعني زيادة في قيمة الأقساط الشهرية بنحو 500 إلى 600 جنيه إسترليني شهريا.

وينبّه بأنه وعلى الرغم من أن انخفاض التضخم من حوالي 11 بالمئة إلى 3.9 بالمئة الآن يعد خبراً إيجابيا ونقطة تحول، فإن المستهلكين سيظلون يشعرون بالضيق في أعياد الميلاد، وهناك أخبار تقلق الأسر بأن أسعار الطاقة ستزيد العام المقبل.

ويردف القاسم: لذلك يزيد الرهان الآن من المتسوقين على العروض الترويجية بشكل أساسي، فقد زادت نسبة المبيعات من خلال العروض الترويجية في كل محل بقالة مقارنة بالعام الماضي، وهو الأمر الذي لم يحدث إلا في مناسبة أخرى قبل ما يقرب من 10 سنوات. وبلغ الإنفاق على العروض الترويجية 27.2 بالمئة من إجمالي مبيعات البقالة.

  • مسح لبنك باركليز أظهر أن إنفاق المستهلكين البريطانيين نما بأبطأ وتيرة في أكثر من عام الشهر الماضي؛ مما يعكس المخاوف بشأن تكلفة المعيشة في الفترة التي تسبق عيد الميلاد.
  • يراقب المستهلكون، وبنك إنجلترا المركزي، المسار الهبوطين الأخير لتضخم الغذاء من كثب، حيث يضعان في الحسبان أسعار الفائدة.

الطريق لا تزال طويلة

ويلفت إلى أن البنك المركزي يضع نصب عينه نسبة تضخم 2 بالمئة فقط كي يتعافى الاستهلاك، لكن ما زال المشوار طويلا وقد يستغرق العام المقبل، والذي يليه حتى يتحقق مستوى التضخم المطلوب، هذا إذا سار الاقتصاد البريطاني دون منغصات، من خلال استمرار الحرب الروسية الأوكرانية والإسرائيلية ضد الفلسطينيين واضطراب حركة التجارة في البحر الأحمر، إضافة للتقلبات في أسواق النفط الدولية.

تأثير سلبي

ومن جانبه، يقول عضو حزب العمال البريطاني، مصطفى رجب، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إنه مع اقتراب أعياد الميلاد وقلق التجار من انخفاض نسبة المبيعات بدأت المحال الشعبية الكبرى في تقديم تخفيضات لتشجيع البيع؛ لأن بضاعة أعياد الميلاد لا يعد لها استعمال إذا لم تبع قبل الاحتفالات التي تكون أيام الأحد والاثنين والثلاثاء من 24 إلى 26 ديسمبر، في نهاية هذا الأسبوع وبداية الأسبوع المقبل وتكتمل باحتفال رأس السنة الأربعاء 31 ديسمبر.

ويشير إلى أن إحصائين صدرا في نهاية نوفمبر، الأول يقول إن المتزوجين الجدد لا يستطيعون ماديا إنجاب أطفال، والثاني يقول إن أصحاب الحيوانات كالكلاب والقطط بدؤوا يسلمونهم لملاجئ الحيوانات؛ نظرا لعدم قدرتهم على مصاريف التغذية والكل يعلم مدى شغف وحب الشعب الإنجليزي بهذه الحيوانات.

ويضيف: هذان الخبران يعتبران مؤشرًا خطيرًا لمعاناة البريطانيين في مواجهة غلاء المعيشة، والكل يعلم أن أغلب الشعب الإنجليزي يعتمد على كروت الائتمان في شراء احتياجاتهم، ومع ارتفاع أسعار الفائدة ومهما اقتصد الشعب في الشراء فإنه سيعاني في دفع بعض الأقساط، وأخطر ما في ذلك إذا خسر بعض المواطنين منازلهم كما حدث في التسعينيات.

ويردف: أضف إلى ذلك الارتفاع المستمر في أسعار المأكولات والمشروبات والكهرباء والجاز والبنزين والتليفونات. ويوضح أن الحكومة تحاول عن طريق بلديات البلاد أن تقوم بحملات إرشاد أشهرها لإرشاد المواطنين لإعادة استعمال ما يمكن إعادة استعماله، إلى جانب عقد ندوات توعية لرؤساء الجمعيات الأهلية لنصح المواطنين.

انكماش

أظهرت بيانات رسمية محدثة أن الناتج المحلي الإجمالي لبريطانيا انكمش في الفترة من يوليو إلى سبتمبر بعد استقراره في الأشهر الثلاثة السابقة، مما يشير إلى أن الاقتصاد ربما وقع في حالة ركود اقتصادي، وبعد فترة وجيزة من تلميح وزير المالية جيريمي هانت إلى أن بنك إنجلترا قد يخفض أسعار الفائدة للمساعدة في تعزيز النمو.

وقدر المكتب في السابق أن الاقتصاد لن يطرأ عليه أي تغير مقارنة بالأشهر الثلاثة السابقة. وتوقع اقتصاديون استطلعت رويترز آراءهم في الغالب قراءة أخرى دون تغيير (صفر نمو).

وذكر المكتب في تقديراته أن الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني لم يحقق أي نمو، في تعديل نزولي عن تقديره السابق بأنه سينمو 0.2 بالمئة.

شاركها.
Exit mobile version