خاص

استراتيجية حبوب صارمة في الصين لتأمين الغذاء

اتخذت الصين خلال الفترة الماضية خطوات حثيثة لتأمين الغذاء لديها، خوفا من اندلاع صراع عسكري أو تغيّرات مناخية تؤثر على سلاسل إمداد الحبوب لديها.

مع وصول حجم الأراضي الزراعية الخصبة التي تزرعها الصين إلى 295 مليون فدان والذي يعد انخفاضا للحد الأدنى لحجم الأراضي الصالحة للزراعة، أعلنت بكين حالة الطوارئ وأطلقت “استراتيجية الحبوب” التي تهدف إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد المزارعين لضمان سلامة توريد الحبوب.

جاءت هذه الإجراءات بعد أن أصبح أكبر مستورد زراعي في العالم مضغوطا بشكل متزايد لتحسين الاكتفاء الذاتي وسط التوترات الجيوسياسية المتزايدة مع الولايات المتحدة، وفقا للبيانات التي تم الإدلاء بها في مؤتمر صحفي لمجلس الدولة.

 قال لو جينغبو، نائب مدير الإدارة الوطنية للأغذية والاحتياطيات الاستراتيجية، إن استراتيجية الحبوب هي الأولى من نوعها التي تطبق على حكام المقاطعات وأمناء الأحزاب، وكانت استجابة “لدعوات الرئيس شي جين بينغ المتكررة للحكومات المحلية ولجان الحزب لتحمل المسؤولية السياسية للأمن الغذائي”.

مخاوف الصين
أعربت بكين عن مخاوف متزايدة بشأن الأمن الغذائي خلال السنوات الأخيرة، حيث وصف الرئيس الصيني الزراعة بأنها “قضية أمن قومي ذات أهمية قصوى”، وسط تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة وحلفائها، كونها موردة زراعية رئيسية للصين، وفي مواجهة تقلص الأراضي الصالحة للزراعة والصدمات المناخية.

التقييمات المتدنية تعرض المزارع للعقاب وقد تصل الأمور لسحب الأراضي.

في الوقت الحالي، قد يكون الغذاء ثاني أكبر مصدر قلق بعد الرقائق الإلكترونية عند الصين بسبب سيطرة الولايات المتحدة على تلك الأسواق.

الصين لديها اكتفاء ذاتي من الحبوب بنسبة تجاوزت 95 بالمائة، ولديها تخصيص سنوي لإمدادات الغذاء يبلغ 480 كغم (1058 رطلا) للشخص الواحد، وهو أعلى بكثير من المعيار الدولي البالغ 400 كغم.

انخفاض الحد الأدنى لحجم الأراضي
والضغط الكبير الذي يمارس على المزارعين جاء مع انخفاض الحد الأدنى لحجم الأراضي الصالحة للزراعة، الذي حددته بكين عند 296.5 مليون فدان، وقد تعرض لتحدٍّ متزايد خلال السنوات الأخيرة وسط توجه لبناء المناظر الطبيعية وزراعة نباتات أكثر ربحا.

حسب مصادر رسمية، فإن مساحة زراعة الحبوب انخفضت في المناطق الغربية وبعض المناطق الجنوبية، حيث استبدلها المزارعون بمحاصيل أكثر ربحية لتحقيق هدف القضاء على الفقر خلال السنوات الماضية.

واردات زراعية قادمة من أميركا
تقول الصين إنها تعمل على تحسين استقرار ومرونة إمدادات فول الصويا للتخلص من الاعتماد على الولايات المتحدة للحصول عليه، وفول الصويا تحتاج إليه الصين لإنتاج ما يكفي من زيت الطعام وأعلاف الماشية.

 تبحث الصين أيضا عن موردين جدد للذرة، والتي اعتادت الاعتماد على الولايات المتحدة وأوكرانيا لسد حاجاتها منها.

منذ العام الماضي، تستورد الصين الذرة من ميانمار وجنوب إفريقيا والبرازيل، وقالت الحكومة إن دبلوماسية الحبوب “ستوسع دائرة أصدقاء الصين وتحسن قدرتها على إدارة سلسلة الإمدادات الغذائية العالمية”.

يقول الخبير في الشؤون الصينية مازن حسن، لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن الصين خلال الفترة الماضية حققت طفرة في الإنتاج الذاتي من الحبوب، وأعلنت أنها تمتلك ٩٥ بالمئة من غذائها وتستورد فقط ٥ بالمئة.

أضاف أن بكين وسعت من الاستثمار الزراعي داخل أراضيها وخارجها، واستطاعت امتلاك أراضي زراعية في الولايات المتحدة وأميركا الشمالية وإفريقيا.

 أوضح أن الاستثمار الزراعي الخارجي للصين محفوف بالمخاطر، خاصة أن الولايات المتحدة باتت تستغل قضية الغذاء بالنسبة إلى الصين في الخلافات المشتعلة بينهما، بعد أن أقر الكونغرس الأميركي قانونا لتحجيم امتلاك الصين أراضي زراعية داخل أميركا.

أكد أن الصين هنا استشعرت الخطر خاصة بعد أزمة كورونا، واتجهت لتحسين قدراتها الزراعية الداخلية من خلال استراتيجية زراعية قوية تهدف إلى إنتاج الحبوب الأساسية داخل أراضيها والحد من زراعة الزهور والنباتات التي توفّر الأموال لزراعة الحبوب اللازمة للغذاء.

أشار إلى أن الصين متخوفة من ملاحقة أميركا لها في هذا الملف وتحريض حلفائها على عدم التعاون زراعيا مع الصين لإحداث أزمة بالداخل.

لكن الصين تنبهت للأمر وبدأت في اتخاذ خطوات جادة للتصدي لهذه الأمور، رغم أن استراتيجية الحبوب المتخذة من قبل الصين قد تكون صارمة أكثر من اللازم، حسب مازن حسن.

شاركها.
Exit mobile version