لم يتبق على عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المكتب البيضاوي سوى أسابيع قليلة، لتبدأ معها ولاية يُتوقع أن تخلق تداعيات واسعة على الساحة العالمية. فكيف ستؤثر عودة الزعيم الجمهوري على الاقتصاد في أوروبا؟
سيطر الجمهوريون خلال هذه الانتخابات على مجلسي النواب والشيوخ، ما يعني أن لهم اليد العليا في رسم السياسات الأمريكية. وقد أثار فوز ترامب لولاية ثانية، تساؤلات حول انعكاساته على التجارة، والأمن، والتعاون المناخي في القارة الأوروبية.
في هذا السياق، وصف الرئيس السابق للمفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو عودة ترامب إلى السلطة بأنها “علاج بالصدمة” لقارة تعاني من الحرب، والنزعة القومية، والركود الاقتصادي.
وأضاف أن “ولاية ترامب الثانية تزيد من التحديات في الاتحاد الأوروبي وتشكل تنبيهًا للاستيقاظ”.
وشدد باروسو على مطالب الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي ماريو دراجي، بشأن حاجة الاتحاد الأوروبي إلى تمويل إضافي يتراوح بين 750 و800 مليار يورو سنويًا، أي ما يعادل حوالي 5% من ناتجه المحلي الإجمالي، ليظل قادرًا على المنافسة مع الولايات المتحدة والصين.
كما أكد المفوض السابق على ضرورة اتخاذ قادة الاتحاد لإجراءات جريئة تعزز الروابط الاقتصادية العميقة بين أوروبا والولايات المتحدة لردع ترامب عن اتخاذ تدابير تجارية أحادية الجانب قد تضر بالاقتصادين.
وقال باروسو: “أمام الاتحاد الأوروبي فرصة للتوقف عن كونه مراهقًا جيوسياسيًا وفرض نفسه تدريجيًا على الساحة العالمية إلى جانب أمريكا والصين”.
رسوم جمركية أعلى
يتخوف الأوروبيون في ولاية ترامب الجديدة من فرض رسوم جمركية على السلع الأوروبية، وخاصة السيارات. إذ يتوقع سفين جاري ستين، الخبير الاقتصادي لدى بنك جولدمان ساكس، أن فرض رسوم جمركية شاملة بنسبة 10% على الواردات الأوروبية سيقلص الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو بنسبة 1%. وستشهد ألمانيا انخفاضًا بنسبة 1.1% والمملكة المتحدة بنسبة 0.7% وإسبانيا بنسبة 0.6%.
تعويض الانسحاب من الشراكة العسكرية في الناتو
تضع سياسة ترامب الخارجية، لا سيما انتقاده لحلف شمال الأطلسي “الناتو” وتصريحاته بشأن تخفيض الدعم لكييف، أعباء إضافية على الاتحاد الأوروبي. ففي حال انسحبت واشنطن من الشراكة العسكرية للناتو، سيتكلف الاتحاد الأوروبي 0.5% من الناتج المحلي السنوي لتعويض الغياب.
في هذا السياق، قالت إنجلوش مورينا، المسؤولة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن الاتحاد “سيحتاج إلى تعزيز روابطه لمنع حدوث ثغرة يمكن أن تستغلها روسيا والصين بشكل كبير”.
وأشارت مورينا إلى أنه على الرغم من أن أوروبا قد قطعت أشواطًا في مجال الدفاع وأمن الطاقة، “إلا أن هناك حاجة إلى بذل المزيد من الجهود”.
ضبط الملف الأوكراني
من جهة ثانية، ستحتاج أوروبا إلى تعزيز استقلاليتها الجيوسياسية في ظل ولاية ترامب. إذ أشار نيكلاس بواتييه، الباحث في مركز بروغل، إلى أن وضع أوكرانيا معقد استراتيجيًا بعد فوز الزعيم الجمهوري، فهو من جهة عبر عن رغبته بتحجيم الدعم، ولكن في ذات الوقت لديه حوافز مالية لمواصلة مبيعات الأسلحة إلى أوكرانيا، ما يضع الاتحاد تحت مسؤولية ضبط هذا الملف.
المناخ: السياسات البيئية في خطر
وفيما يتعلق بالمناخ، يمكن لمعارضة ترامب للصفقة الخضراء الأوروبية أن تشكل مخاطر كبيرة على التعاون البيئي العالمي. قالت إلزبيتا بينكوفسكا، كبيرة المستشارين في شركة كوفينغتون آند بيرلينغ: “إن شكوك ترامب بشأن تغير المناخ ومعارضته للصفقة الخضراء الأوروبية تشير إلى تراجع محتمل عن اللوائح البيئية، والانسحاب من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالمناخ، وزيادة الدعم لإنتاج الوقود الأحفوري”. وهو ما قد يقوض قيادة الاتحاد الأوروبي في العمل المناخي ويعيق الجهود الدولية للنهوض بالسياسات المستدامة”.
المصادر الإضافية • Piero Cingari