خاص

كتاب السيناريو يخشون على وظائفهم من الذكاء الاصطناعي

في ظل ظروف معيشية صعبة تحت وطأة ارتفاع معدلات التضخم بالبلاد، أعلن آلاف من كتاب السينما والتلفزيون في الولايات المتحدة الأميركية عن تنفيذ إضراب عن العمل؛ للمطالبة بتحسين أوضاعهم المالية.

يعكس إضراب كتاب السيناريو، في تقدير كبير المعلقين التجاريين في فاينانشال تايمز، جون غابر “انعدام الأمن الوظيفي الواسع والخوف من سطوة التكنولوجيا”.

يشير غابر في مقال له بالصحيفة البريطانية، إلى دعوة وجهت إلى المُنتجين ضمن قائمة المطالب التي قدّمتها نقابة الكتاب الأميركية، وهي المرتبطة بضرورة السماح لـ “البشر فقط” وليس “روبوتات الدردشة الذكية” بـ “كتابة أو إعادة كتابة مادة أدبية”!

 وتبعاً لذلك، تُطرح مجموعة من الأسئلة؛ من بينها ما إذا كانت تطبيقات الذكاء الاصطناعي تشكل تهديداً حقيقياً على “كُتاب السيناريو” والمبدعين عموماً؟ وما مدى تأثر صناعة “الترفيه” في سياق ذلك تحديداً؟ وإلى أي مدى يُمكن أن تقود تلك التطبيقات الفن والإعلام بشكل عام في المستقبل؟.

يقول أستاذ الفنون السينمائية في جامعة كاليفورنيا الجنوبية،جايسون سكوير، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن:

– الذكاء الاصطناعي التوليدي يتمتع بإمكانات كبيرة في عالم الترفيه.

– مع إدخال تطبيقات مثل ChatGPT، تصبح الإمكانات جادة وقد تكون خطرة على المبدعين.

– تعد كيفية تنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي إحدى القضايا الحاسمة في إضراب كتاب هوليوود الحالي.

ويتابع الخبير المتخصص في مجال الترفيه، قائلاً: “هل ينتمي استخدام الذكاء الاصطناعي إلى أي مكان في الكتابة الإبداعية؟! يعتقد البعض بأن استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي يمثل إهانة للكتاب، ويتعارض مع الدافع الإبداعي الذي هو أساس كل وسائل الترفيه”، مشيراً إلى أن الذكاء الاصطناعي لا يزال في مهده، وأن تعامل صناعة الترفيه معه سيكون رائعاً.

وبالعودة لمقال كبير المعلقين التجاريين في فاينانشال تايمز، فإنه يقول “إن لفت الانتباه إلى حقيقة أنك تعتقد بأن البرنامج يمكن أن يؤدي بعضاً من عملك هو مناورة جريئة، ولكن كتاب السيناريو لديهم خيال واضح وأسباب تجعلهم غير آمنين”.

لكنه يعتقد في الوقت نفسه بأن “كتابة السيناريو ليست بين المهن التي يتوقع الاقتصاديون أن يزعجها الذكاء الاصطناعي قريباً بشكل كامل، فالترفيه والإعلام يحتلان المرتبة الأولى فقط في منتصف الصناعات التي يحتمل أن تتأثر، مع احتلال الخدمات الإدارية والقانونية المقدمة، وفقًا لغولد مان ساكس”.

حدود تأثير الذكاء الاصطناعي

الخبير في تكنولوجيا المعلومات من الولايات المتحدة، الدكتور أحمد بانافع، يقول في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”:

– يمكن أن يكون للذكاء الاصطناعي تأثير كبير على كتاب السيناريو بعدة طرق.

– تتمثل إحدى الطرق الأكثر بروزاً في استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحليل وإنشاء أفكار القصة والشخصيات وخطوط الحبكة.

– يمكن لهذه الخوارزميات تحليل الأفلام والبرامج التلفزيونية والبرامج النصية الموجودة لتحديد الأنماط والاتجاهات التي يمكن استخدامها لإنشاء محتوى جديد.

– على سبيل المثال، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل الأفلام والبرامج التلفزيونية الشهيرة لتحديد العناصر المشتركة؛ مثل سمات الشخصية وتحولات الحبكة والقصة، التي يتردد صداها مع الجماهير. يمكن بعد ذلك استخدام هذه المعلومات للإبلاغ عن تطوير سيناريوهات جديدة.

وفي ضوء ذلك، يجيب بانافع عن سؤال حول ما إذا كان الكتاب يواجهون “انعدام الأمن الوظيفي؟ قائلاً:

– يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد الكتاب وكتاب السيناريو في جوانب معينة من عملهم، ومن غير المرجح أن يحل محلهم تماماً.

– يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي تحليل البيانات وإنشاء المحتوى، لكنها تفتقر إلى الحدس الإبداعي والعمق العاطفي الضروريين للكتابة الرائعة حقاً.

ويضيف: في حالة كتابة السيناريو، يمكن استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحليل المحتوى الحالي وتوليد الأفكار، لكنها لا يمكن أن تحل محل الصوت الفريد ومنظور كاتب السيناريو البشري. إذ تتطلب أفضل السيناريوهات فهماً عميقاً للعواطف والعلاقات والتجارب البشرية، فضلاً عن رؤية إبداعية لا يمكن تكرارها بواسطة خوارزمية.

ويتابع: “قد تخلق تطبيقات الذكاء الاصطناعي فرص عمل جديدة للكتاب وكتاب السيناريو. على سبيل المثال، نظراً لأن التوصيات الشخصية أصبحت أكثر أهمية لخدمات البث فقد يكون هناك طلب أكبر على الكتاب الذين يمكنهم إنشاء محتوى جذاب وجذاب يروق لجمهور معين”.

ويشدد على أنه يمكن للذكاء الاصطناعي أتمتة جوانب معينة من الكتابة، مثل التنسيق والتحرير، ما قد يقلل من الحاجة إلى بعض الوظائف على مستوى الدخول، مردفاً: “من المهم أن تتذكر أن الكتابة مهارة معقدة ودقيقة تتطلب أكثر من مجرد إتقان تقني.. أفضل الكتاب هم أولئك الذين يمكنهم الاستفادة من تجاربهم وعواطفهم لخلق شيء فريد وقوي حقاً، وهو أمر من غير المرجح أن يكرره الذكاء الاصطناعي في أي وقت قريب”.

صناعة الترفيه

وحول مدى تأثير تطبيقات الذكاء الاصطناعي على “صناعة الترفيه”، يشير الخبير في تكنولوجيا المعلومات من الولايات المتحدة، في معرض حديثه مع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إلى أنه كان لتطبيقات الذكاء الاصطناعي تأثير كبير على صناعة الترفيه في السنوات الأخيرة، مستعرضاً بعض الأمثلة عن كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي، على النحو التالي:

– التوصيات المخصصة: يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي تحليل بيانات المستخدم، مثل سجل المشاهدة والتفضيلات، لتقديم توصيات مخصصة للأفلام والبرامج التلفزيونية والموسيقى. وبالتالي يمكن أن يساعد ذلك المستخدمين في اكتشاف محتوى جديد من المحتمل أن يستمتعوا به ويمكن أن يزيد من المشاركة والاحتفاظ بخدمات البث.

– إنشاء المحتوى: يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي تحليل المحتوى الحالي لتحديد الأنماط والاتجاهات التي يمكن استخدامها لإنشاء محتوى جديد. على سبيل المثال، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء موسيقى وفن ونصوص جديدة للعروض التلفزيونية والأفلام.

– كفاءة الإنتاج: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لأتمتة بعض جوانب الإنتاج المملة، مثل الجدولة واللوجستيات. يمكن أن يساعد ذلك في تقليل التكاليف وتسريع الجداول الزمنية للإنتاج.

-مرحلة ما بعد الإنتاج: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لأتمتة بعض الجوانب التي تستغرق وقتاً طويلاً في مرحلة ما بعد الإنتاج، مثل تصحيح الألوان والتأثيرات المرئية. يمكن أن يساعد ذلك في تقليل التكاليف وتسريع عملية ما بعد الإنتاج.

-تحليل الجمهور: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل وسائل التواصل الاجتماعي والأنشطة الأخرى عبر الإنترنت لاكتساب نظرة ثاقبة حول سلوك الجمهور وتفضيلاته. يمكن أن يساعد هذا الاستوديوهات وشركات الإنتاج على اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن المحتوى الذي يجب إنتاجه وكيفية تسويقه.

ويختتم حديثه بقوله: تمتلك تطبيقات الذكاء الاصطناعي القدرة على تبسيط الإنتاج وخفض التكاليف وتحسين تجربة الجمهور في صناعة الترفيه. ومع ذلك، هناك أيضاً مخاوف بشأن تأثير الذكاء الاصطناعي على الوظائف والعملية الإبداعية، فضلاً عن الاعتبارات الأخلاقية حول استخدام الذكاء الاصطناعي في إنشاء المحتوى وتوزيعه.

وبالنظر إلى الإضراب الأخير، فإن “نقابة الكتاب الأميركية تريد إيقاف استخدام عمل أعضائها لتدريب الذكاء الاصطناعي، كما أنها تريدهم أن يتم دفع أجرهم مقابل إعادة كتابة مخرجات الذكاء الاصطناعي كما لو كانت من إنتاجهم”.

الذكاء الاصطناعي يقتحم سوق العمل وينافس البشر..نعمة أم نقمة؟

وظائف المبدعين “غير محصنة”

الأستاذ المساعد في إدارة الصناعات الإبداعية بكلية الصناعات الإبداعية بجامعة تورنتو متروبوليتان، مدير مركز Future of Live Entertainment، لويس إتيان، يقول في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”:

– لطالما اعتقد العاملون المبدعون بأن وظائفهم كانت إلى حد ما محصنة ضد تهديد الذكاء الاصطناعي.

*يدرك الكثيرون الآن أن الخوارزميات قادرة على إنشاء أي شيء من الصور الأصلية المستخدمة في الأفلام، والتناغمات وكلمات الأغاني في الموسيقى، وأسطر التعليمات البرمجية في ألعاب الفيديو، بالإضافة إلى اللوحات المعقدة أو السرد المفصل للكتب المصورة.

-بالإضافة إلى المخاوف الفورية بشأن الملكية الفكرية، فإن الخوف هو أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحل في نهاية المطاف محل عديد من العاملين في جميع القطاعات الإبداعية.

ويعتقد إتيان، بأنه “على المدى القصير، من المحتمل أن نرى المنظمات تستخدم الذكاء الاصطناعي لدعم الأنشطة غير الإبداعية والوظائف الإدارية مثل المحاسبة واللوجستيات والموارد البشرية.. ومع ذلك، على المدى الطويل لا بد أن تدخل الخوارزميات نفسها في قلب إنتاجها وتهدد بشكل خطير المواقف الإبداعية الأساسية”.

شاركها.
Exit mobile version