خاص

الشيكل الإسرائيلي

في استطلاع حول الاقتصاد الإسرائيلي، يشير بنك UBS السويسري إلى أن الاقتصاد كان في وضع صعب ومعقد منذ 7 أكتوبر 2023، ويقدم توقعات بشأن الشيكل بناءً على ثلاثة سيناريوهات.

كتب محللو البنك: “لقد كانت تأثيرات الناتج المحلي الإجمالي والعجز المالي على الاقتصاد الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر 2023، وسط عدم اليقين المستمر حول مدة الحرب، قد أضرت بالأصول الإسرائيلية”. وأضافوا: “في أعقاب أحداث 7 أكتوبر، قام المستثمرون سريعًا بتسعير تخفيضات تصنيف ائتماني تتراوح بين درجتين إلى ثلاث درجات (التي تحققت إلى حد كبير منذ ذلك الحين مع تخفيض التصنيف الأخير بمقدار درجتين من قبل موديز)، ولكن الأسعار استمرت في الانخفاض منذ ذلك الحين – وهو ما صاحبه أيضًا أداء ضعيف للسندات المحلية (مما أدى إلى اتساع فجوة العائد بين السندات لمدة عشر سنوات وسندات الخزانة الأميركية إلى مستويات لم نشهدها منذ 2013).

وقد استقر الشيكل من الناحية الاسمية بعد بيع قصير الأمد، ولكنه احتفظ بشكل كبير بالانخفاض الذي تحقق خلال الأشهر التي سبقت الحرب.

يضع البنك ثلاثة سيناريوهات للستة إلى الاثني عشر شهراً القادمة: السيناريو الأول هو وقف إطلاق النار على جميع الجبهات. بينما السيناريو الثاني يفترض تراجع شدة الحرب، والسيناريو الثالث مرتبط بتوسيع وامتداد جبهة إسرائيل/لبنان حيث تنتهي الحرب فقط في نهاية 2025.  ويشار إلى أن السيناريو الثاني مشابه لذلك الذي توقعه بنك إسرائيل في يوليو الماضي.

  • تحت السيناريو الأول، يرى UBS أن الشيكل سيتعزز، مع انخفاض سعر صرف الشيكل مقابل الدولار إلى نطاق يتراوح بين 3.40 و3.50 شيكل لكل دولار. ويقول البنك إن هذا سيقوده إطلاق الطلب المكبوت على الشيكل عبر التحوطات المحلية والدولية من نقطة انطلاق إيجابية.
  • بينما في السيناريو الثاني، يقول البنك: “من المحتمل أن تحدث هذه الديناميكيات أيضًا.. ولكن بدرجة أقل بكثير”. في هذا السيناريو، يتوقع UBS أن يكون سعر الشيكل مقابل الدولار في نطاق 3.60-3.70 شيكل.
  • أما السيناريو الثالث فيتماشى مع وجود علاوة مخاطر مالية مرتفعة مستمرة وتخفيضات تصنيف ائتماني أخرى، تعوضها تدخلات محتملة من بنك إسرائيل.. وفي هذا السيناريو، النطاق المتوقع لسعر الشيكل مقابل الدولار هو 3.80-3.90 شيكل.

العجز المالي

كما يعلق البنك على تطورات العجز المالي، والذي وفقًا لتوقعات وزارة المالية سيكون 6.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2024. ويقول المحللون إنه تحت السيناريوهين الأول والثاني، من المتوقع أن يصل العجز لمدة اثني عشر شهرًا إلى ذروته، لكنه سيظل أعلى من التوقعات الرسمية للعام.

ويضيف: “إن التدابير المخططة للتقشف (التي تستهدف عجزًا قدره 4.0 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العام المقبل) تواجه مخاطر تنفيذ؛ في حين ستحتاج تدابير التقشف أيضًا إلى أن تمتد إلى ما بعد 2025 حيث من المحتمل أن ترتفع النفقات الدفاعية هيكليًا (بنسبة 1%-2% من الناتج المحلي الإجمالي)”، كما ورد في التقرير.

عوامل داعمة

على الجانب الإيجابي، يشير UBS إلى أنه رغم الصورة الصعبة، هناك أيضًا عوامل تدعم الاقتصاد الإسرائيلي. واحدة من العوامل الرئيسية هي الطلب المكبوت على الشيكل من قبل مؤسسات الاستثمار. ويقدر UBS أنه عندما يتحسن الوضع الجيوسياسي، من المحتمل أن يرغب هؤلاء المستثمرون في العودة إلى مستويات التحوط العادية، ومن أجل القيام بذلك قد يبيعون كميات كبيرة من الدولارات – تصل إلى 15 مليار دولار – مما سيدعم تقدير الشيكل.

بالإضافة إلى ذلك، توجد إمكانية لتدخل بنك إسرائيل لاستقرار السوق في حال حدوث صدمة، خاصةً أن احتياطياته من العملات الأجنبية عند مستوى صحي بنسبة 42% من الناتج المحلي الإجمالي، أي أكثر من 200 مليار دولار. في بداية الحرب، أعلن البنك عن برنامج تدخل يصل إلى 30 مليار دولار، على الرغم من أنه استخدم بالفعل 8.5 مليار دولار فقط.

عامل آخر يدعم الشيكل هو الفجوة في أسعار الفائدة مقارنةً بالولايات المتحدة وأوروبا، حيث من المتوقع أن تنخفض أسعار الفائدة بشكل كبير في الفصول القادمة، بينما في إسرائيل، إذا كان هناك أي انخفاض على الإطلاق، من المتوقع أن يكون معتدلاً. ومع ذلك، يشير المحللون إلى أن “عملية إعادة تخصيص الأسر نحو الأصول الأجنبية ستظل قائمة”.

العملة “المدعومة”

من جانبه، قال الخبير الاقتصادي وكبير الاقتصاديين في شركة “ACY” الدكتور نضال الشعار، في تصريحات لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إن:

  • “الشيكل الإسرائيلي لم يكن يومًا عملة عالمية، بل هو عملة محلية تُستخدم في التداول داخل إسرائيل. ورغم إمكانية تداوله في الأسواق العالمية، إلا أنه يُعتبر من العملات النادرة أو الغريبة، مثل الليرة التركية أو العملات الأخرى للدول الناشئة”.
  • “الشيكل مدعوم بمخزون كبير من الدولار واليورو بفضل العلاقات الوثيقة بين إسرائيل والولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وبعض الدول الأفريقية، وكندا، وجنوب أفريقيا. لذلك، يمتلك البنك المركزي الإسرائيلي احتياطيًا هائلًا من العملات الأجنبية”.
  • “الاقتصاد الإسرائيلي يشتهر بارتفاع مستويات التصدير، خاصة في مجالات التكنولوجيا، مما يضمن تدفقًا مستمرًا للعملات الأجنبية مثل الدولار واليورو، وهذا يعزز قوة الشيكل”
  • “الشيكل شهد استقرارًا نسبيًا منذ بداية الحرب الأخيرة في أكتوبر عند حوالي 3.70 – 3.75 مقابل الدولار. ومع ذلك، شهدت العملة تقلبات كبيرة مؤخرًا، لكنها حافظت على قيمتها بفضل الاحتياطيات المتوفرة لدى البنك المركزي الإسرائيلي”.

واستطرد: “الاقتصاد الإسرائيلي يتميز بسهولة الحصول على الدعم المالي، بسبب التحيز السياسي الواضح لإسرائيل ومعاملتها التفضيلية من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وحتى روسيا في بعض الأحيان”، مؤكداً أنه منذ حرب غزة يمكن وصف الشيكل بأنه “عملة جيوسياسية”، تتأثر بالتوترات السياسية والتصعيد في الشرق الأوسط، وتشهد تقلبات وفقًا لهذه التطورات.

وخلص الشعار إلى القول: “على الرغم من التخفيضات الائتمانية التي تعرضت لها إسرائيل عدة مرات، فإن الشيكل حافظ على قيمته مقابل العملات الأخرى. وقد يكون الوضع الحالي للشيكل أفضل مما كان عليه خلال جائحة كورونا، بفضل الدعم المتوقع للاقتصاد الإسرائيلي، رغم التكاليف الكبيرة التي تكبدتها إسرائيل في حربها على غزة والتي تجاوزت 60 مليار دولار حتى الآن”.

“في الختام، يُعتقد أن الاقتصاد الإسرائيلي يتمتع بنوع من “الحصانة” بسبب وضعه السياسي، ومن غير المرجح أن يشهد الشيكل انخفاضًا كبيرًا في الفترة القادمة، بل سيحافظ على موقعه وقيمته تجاه العملات الأخرى”، وفق الشعار.

تحديات

وإلى ذلك، أشار مستشار المركز العربي للدراسات والبحوث، أبو بكر الديب، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إلى أنه رغم الخطط التي وضعها البنك المركزي الإسرائيلي لضخ أكثر من 30 مليار دولار من خلال بيع العملات الأجنبية للحفاظ على استقرار العملة، إلا أن تلك الإجراءات المصرفية والحكومية لم تمنع الشيكل من التراجع بسبب الأضرار التي لحقت بقطاعات الاقتصاد الإسرائيلي بشكل عام، بما في ذلك الزراعة، والصناعة، والتجارة، والاستيراد والتصدير، وصناعة التكنولوجيا، وتوقف العمالة، سواء الفلسطينية أو العمالة الأجنبية من تايلاند.

واستطرد: “لقد تأثرت جميع القطاعات الكبرى، بما في ذلك المستوطنات القريبة من قطاع غزة ولبنان، التي كان يعتمد عليها الاقتصاد الإسرائيلي بشكل كبير في الزراعة. وحتى النشاط السياحي توقف، حيث استضافت الفنادق في تل أبيب وما حولها النازحين من الشمال والجنوب بدلًا من السياح”.

وأوضح أن “الحكومة الإسرائيلية تجد نفسها مضطرة لدفع تعويضات للجرحى والمصابين ولجنود الاحتياط، حيث تم استدعاء أكثر من 350 ألف جندي احتياطي من أعمالهم في المصانع والشركات، مما أدى إلى توقف الإنتاج وتراجع الصادرات وقلة تدفق العملة الأجنبية إلى إسرائيل”.

ورغم دعم البنك المركزي للشيكل باستخدام العملات الأجنبية، أشار الديب إلى أن “السيناريوهات المستقبلية للشيكل تعتمد بشكل كبير على تطورات الصراع. فهل سينتهي قريبًا؟ أم سيستمر لفترة طويلة؟ أم سيتوسع ليشمل مناطق أخرى، مثل الصراع مع إيران؟”.

وأضاف: “إذا تطور الصراع مع إيران، فإن حركة التجارة والصادرات في إسرائيل ستتوقف تمامًا مما قد يؤدي إلى انهيار كبير للشيكل.. السيناريوهات عديدة، والمستقبل يبدو قاتمًا”، على حد وصفه.

شاركها.
Exit mobile version