الاتحاد الأوروبي

خلافات عديدة تشهدها دول الاتحاد الأوروبي، باتت تزيد من الانقسامات في القارة العجوز، فبعد أن كانت الخلافات بسيطة في الماضي، أصبحت أكثر تعقيدا في الوقت الراهن.

وبحسب تقرير نشرته صحيفة “ذا إكونوميست” واطلعت عليه سكاي نيوز عربية، فقد كانت أوروبا تمتلك سابقا الكثير من الأسباب التي ساهمت في خلق الوحدة بين دولها.

وأشار التقرير إلى أن محادثات التجارة بين العواصم الأوروبية كانت أقل تعقيدا بالنسبة للسوق الموحدة، إذا توصلت 27 دولة إلى موقف مشترك، حتى لو كان ذلك يعني في بعض الأحيان التنازل عن المصالح الخاصة لبعض الدول، بحسب التقرير.

كما شاركت الدول الأوروبية، بحسب “ذا إكونوميست” نفس المخاوف عندما اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية، وسرعان ما تلا ذلك فرض عقوبات على روسيا وتقديم دعم كبير إلى أوكرانيا.

إلا أن التقرير أوضح أن الأزمة التالية للدول الأوروبية قد تكون أكثر صعوبة، ويرجع هذا جزئيا إلى تغير طبيعة التهديدات التي تواجه القارة.

إذ قد تتقاسم أميركا والصين قريبا بعض الازدراء تجاه الاتحاد الأوروبي والقواعد العالمية المنظمة للتجارة.

ولن تجد بكين أو واشنطن أي مشكلة في الربط بين الأمور الاقتصادية والأمنية لتحقيق أقصى قدر من النفوذ، كما يتضح من وعد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب باستخدام التعريفات الجمركية، وربما حتى القوة لحمل الدنمارك على تسليم غرينلاند.

كما أشار التقرير إلى تدهور الأمن الدولي إلى الحد الذي أصبحت معه القوات المسلحة الأوروبية تخضع لإعادة هندسة بميزانيات أكبر، مشيرا إلى أن أوروبا باتت وكأنها تتصرف من موقف ضعف، خاصة وأن ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، تدخل عامها الثالث في الركود الاقتصادي.

وقد تؤدي هذه التهديدات والمشاكل، وفق “ذا إكونوميست”، إلى تقسيم أوروبا على أسس جديدة.

تحديات أمام أوروبا

بحسب التقرير، باتت الاقتصادات الضعيفة في أوروبا أكثر عرضة لاتخاذ قرارات جيوسياسية رديئة.

فخلال أزمة اليورو في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كانت دول أوروبا الطرفية هي التي تعاني.

وكانت دول جنوب أوروبا تبيع تأشيرات الدخول للمستثمرين بلا تمييز.

وكانت دول وسط وشرق أوروبا أكثر من سعيدة بالعمل مع الصين في مبادرتها “16+1″، التي سعت إلى جر المنطقة إلى مدار الرئيس شي جين بينغ.

والآن بحسب “ذا إيكونوميست”، يعاني قلب أوروبا، ولا يقتصر الأمر على ألمانيا؛ إذ يتوقع صندوق النقد الدولي أيضا نموا هزيلاً لفرنسا وإيطاليا.

وفي سبتمبر، وضع ماريو دراجي، الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي ورئيس وزراء إيطاليا، خطة إصلاح طموحة، إلا أنه وفي غياب الاتفاق بين فرنسا وألمانيا، لن يكون هناك أمل يذكر حتى في تنفيذ أكثر مقترحاته تواضعا.

وأشار التقرير إلى أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لم تتفق قط في وجهات النظر بشأن التجارة، ولكن كان هناك توازن، وأشار إلى أن تكتل التجارة الحرة، الذي كانت بريطانيا في قلبه، قد ساعد في احتواء الغرائز الحمائية لدى دول أخرى مثل فرنسا.

ولكن بعد خروج بريطانيا، تحول التوازن لصالح أولئك الذين يريدون استخدام التعريفات الجمركية والإعانات لتحقيق أهداف سياسية، بحسب التقرير، إذ لم يتبق لدى منظمة التجارة العالمية سوى عدد قليل من الأصدقاء خارج أوروبا، كما فقدت عدداً قليلاً منهم داخل الكتلة أيضاً.

وأوضحت “ذا إيكونوميست” أن لدى الدول الكبرى في أوروبا أدوات مختلفة للغاية يمكن أن تستخدم للرد على أي إجراءات حمائية قد يعلن عنها الرئيس الأميركي المنتخب ترامب.

إذ تدير ألمانيا وهولندا الكثير من التجارة خارج حدود الاتحاد الأوروبي، وتواصل الأولى رفض التعريفات الجمركية على المركبات الكهربائية المصنوعة في الصين خوفًا من الانتقام من شركات صناعة السيارات لديها.

وعلى النقيض من ذلك، فإن فرنسا وإسبانيا وبولندا أقل تعرضًا للتجارة الدولية، ونتيجة لذلك فهي أكثر استعدادًا للتضحية بمكاسب التجارة. على الرغم من أن المفوضية الأوروبية وافقت على صفقة تجارية مع ميركوسور، وهي مجموعة من أميركا الجنوبية، إلا أنها لم يتم التصديق عليها بعد، وتعارضها فرنسا وبولندا.

ومن جهة أخرى، تبدو القارة موحدة فيما يتصل بالدفاع، ولكن بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا وإعادة انتخاب السيد ترامب فقد ظهرت مشكلة أخرى تتعلق بالإنفاق العسكري.

ففي عام 2023، أنفقت دول الاتحاد الأوروبي 1.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع.

والآن يتفق الجميع على أن الإنفاق لابد أن يرتفع إلى ما يتجاوز 2 بالمئة أو حتى 3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وهذه زيادة كبيرة بالنسبة لقارة اعتادت على الاستعانة بأميركا في تأمين أمنها.

ولكن حتى هنا هناك اختلافات، بحسب “ذا إيكونوميست”، فليست كل الدول قلقة على نحو متساو من روسيا.

وقد أوضح ترامب أنه يتوقع من أعضاء حلف شمال الأطلسي أن يرفعوا الإنفاق إلى 5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي إذا كانوا يرغبون في الاستمرار في الاستفادة من الحماية الأميركية.

وقد زعم أندريوس كوبيليوس، أول مفوض دفاع في الاتحاد الأوروبي، أن ميزانية الاتحاد الأوروبي قد تحتاج إلى مبلغ ضخم يبلغ 100 مليار يورو (103 مليار دولار) للإنفاق المشترك على الدفاع، ارتفاعاً من 8 مليارات يورو في الوقت الحالي.

وسوف يستلزم زيادة هذا الحجم تخفيضات في التزامات الإنفاق الأخرى للكتلة، أو مساهمات أكبر من جميع الأعضاء.

شاركها.
Exit mobile version