على هامش مهرجان طيران الإمارات للآداب، أجرت مجلة “ليالينا” حواراً خاصاً مع الكاتبة الفلسطينية البريطانية شيرين مالهيربي، التي تُعتبر واحدة من أبرز الأصوات الأدبية التي تتناول قضايا الهوية والوجود الفلسطيني عبر كتاباتها، حيث تتميز أعمالها بالتركيز على الشخصيات النسائية، والتراث العائلي، والأبعاد الثقافية التي تربط الماضي بالحاضر.
بعد أكثر من عقد من الزمن في الكتابة، قدّمت مالهيربي العديد من الروايات التي لاقت إعجاب القراء والنقاد، مثل “سقوط الياسمين” و”الأرض تحت الضوء”، لتصبح بذلك جزءاً من المشهد الأدبي الذي يعكس قصص المقاومة والهوية الفلسطينية.
أحدث أعمالها، “فتيات ياسيني”، تنقل لنا رواية مستوحاة من تاريخها الشخصي والعائلي، مستعرضة رحلة عاطفية وفكرية مليئة بالتحديات والاكتشافات.
وفي حوارها مع مجلة ليالينا، نتعرف أكثر على شيرين مالهيربي، الإلهام وراء أعمالها الأدبية، ورؤيتها للعالم الأدبي ودورها ككاتبة فلسطينية في الشتات.
-
عرفينا بنفسك
اسمي شيرين مالهيربي أنا مؤلفة بريطانية-فلسطينية أكتب روايات وكتباً موجهة للأطفال.
-
هل أثرت خلفيتك الثقافية الفلسطينية البريطانية على أسلوبك في الكتابة؟
أعتقد أنها أثرّت بالفعل بشكل كبير، حيث نشأت في المملكة المتحدة، لذا لم يكن لدي الكثير من الاحتكاك مع جذوري الفلسطينية. وفي العشرينات من عمري، سافرت إلى وطن أجدادي في فلسطين، ورأيت وطني لأول مرة من خلال تلك الزيارة. ما رأيته بدأت ألتقطه في قصص، وأحوّله إلى روايات، لذلك، هذا المزيج من الخلفيات أثر على مسيرتي في الكتابة خاصة خلال الخمسة عشر عاماً الأخيرة.
-
لقد تم ترجمة كتبك إلى عدة لغات. ما هو شعورك تجاه أعمالك التي تصل إلى جمهور عريض ومتعدد الثقافات؟
إنها نعمة عظيمة، أحمد الله عليها، كما أنها فرصة للوصول إلى الناس في بلدان مختلفة. وأعتقد أيضًا أنها تمثل شعور الناس تجاه فلسطين؛ فهم يريدون معرفة المزيد عن فلسطين، ويريدون رؤية هذا المنظور الحميم لفلسطين. وهذا لا يقتصر فقط على البلدان الناطقة باللغة الإنجليزية، بل يمتد إلى آسيا وقارات أخرى. لذلك أعتقد أن ذلك يعكس أيضًا حجم تزايد الطلب على الأدب الفلسطيني.
-
هل يمكنك أن تخبرينا عن روايتك “Yassini Girls” وهل حقاً تعكس تجربتك الشخصية الحقيقية؟
حسنًا، فتيات ياسيني/ “Yassini Girls” هي روايتي الرابعة، وهي بالفعل أقرب القصص لقلبي وأكثرها قرباً من قصتي الشخصية حتى الآن. في كل مرة أزور فيها فلسطين، أكتشف قصصاً جديدة، وأقضي الوقت مع عائلتي، وهناك الكثير مما لا يراه العالم عن فلسطين. وهذا هو الدافع الأساسي وراء كتابتي للروايات.
أما Yassini Girls فهي تاريخ عائلتي الخاص؛ تعود أحداث الرواية إلى فترة الأربعينيات، وتكتشف ما حدث على مدار أجيال كاملة. إنها رواية متعددة الأجيال، تستعرض ما حدث في حياة جدتي، وقبلها، وصولاً إلى الزمن الحاضر.
-
ما هي أكثر اللحظات سعادة بالنسبة لكِ ككاتبة؟
أعتقد أن أكثر اللحظات التي أشعر خلالها بالتقدير والسعادة، هي عندما يتصل القرّاء برواياتي بشكل عملي، العديد منهم يكتشف أشياء عن فلسطين لأول مرة، أشعر أنني أتيح لبعض القراء الذين لم يخططوا نهائياً لزيارة بلدي الفرصة ليطلعوا عليها عن قرب، هناك فلسطينيون أيضاً لا يمكنهم السفر هناك، وعندما يقرأون كتبي يتعرفون من خلالها على مشاهد جديدة بالنسبة لهم.
-
ما هي المواضيع الرئيسية التي يتناولها أدبك الخاص، وما الرسالة التي تسعين إلى إيصالها مستقبلاً؟
يغطي عملي في الغالب فلسطين، لكنني أكتب أيضاً كتباً تدور حول المهاجرين، الأمر يتمحور أكثر حول تجربة الشتات وأيضاً بكشف الحقيقة حول كيفية رؤية الناس للشرق الأوسط، ما زلنا نعيش في مجتمع غربي ينظر إلى الشرق الأوسط بنظرة استشراقية، وما تفعله كتبي، سواء كانت موجهة للكبار أو للأطفال، هو تفكيك هذه النظرة وتقديم منظور حقيقي وأكثر أصالة عن الشرق الأوسط. لذا، من المرجح أن أستمر في هذا الاتجاه.
-
هل تنوين تأليف كتاب منفصل عن الطبخ، وخاصة أنك تتناولين بعض الوصفات الفلسطينية في كتبك؟
في الواقع، جميع كتبي تحتوي على وصفات طهي أدمجها في القصص، لذلك، كل واحدة من كتبي تأخذ القارئ إلى داخل البيوت الفلسطينية والعائلات، وتعلمهم وصفات شهيرة مثل المقلوبة والمسقعة، ليتمكن القراء من إعادة صنعها في منازلهم. أما بالنسبة لتأليف كتاب طبخ منفصل، فإجابة لا فأنا لست بهذه الدرجة من الموهبة.
-
ما الذي يجعل مهرجان طيران الإمارات للآداب مميزاً بالنسبة لك؟
مهرجان طيران الإمارات للآداب هو مهرجان ضخم، والأمر المدهش فيه هو أنه يجمع الناس من جميع أنحاء العالم في مكان واحد. أعتقد أن هذا التجمع الدولي، والقدرة على مشاركة قصصنا مع بعضنا البعض، والتعرف على أشخاص مختلفين، هو أحد أكبر الإيجابيات في هذا المهرجان الأدبي، وبالنسبة لي، القدرة على عرض قصة عائلية شخصية للغاية، خاصةً أن جدتي لم تعد معنا، ومشاركة حياتها وتاريخها مع جيل جديد في دبي هي فرصة رائعة جداً.
-
ما الدافع وراء تركيزك على كتابة قصص للأطفال وربطهم بجذورهم الثقافية؟
أعتقد أنه الآن، مع تشتت الجميع في أنحاء مختلفة من العالم، ومع آخر الأرقام التي اطلعت عليها منذ بضع سنوات من اليونيسف، تشير إلى وجود 17 مليون طفل نازح ينتقلون من الشرق إلى الغرب، ما لاحظته هو تآكل الثقافة، وما أردت فعله هو منح الأطفال والبالغين، مع التركيز على فئة الأطفال، فرصة للاحتفاء بتراثهم واكتشاف جذورهم والتمسك بها. فرغم أننا نعيش في جميع أنحاء العالم، يجب أن نحافظ على هذا الاتصال بوطننا، وهذا ما تشجع عليه كتبي.
-
كيف يمكن للآباء الحفاظ على ارتباط أطفالهم بجذورهم الثقافية؟
أعتقد أنه من المهم إحاطة الأطفال بأشياء تذكرهم بوطنهم، مثل الوصفات والصور والكتب والقصص عن الوطن التي تحافظ على ارتباطهم بأرضهم. السبب وراء قوة السرد القصصي هو أنك نادر ما تنسى القصص الرائعة. وإذا قمت بتربية أطفالك على هذه القصص المرتبطة بوطنهم، يمكن لذلك أن يساعدهم على مواجهة جميع التأثيرات الأخرى في حياتهم والحفاظ على ارتباطهم بثقافتهم. لذلك، رؤية أنفسهم في الكتب أمر مهم للغاية.
-
كيف ترين تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على القراءة بين أجيال الشباب المختلفة؟
أنا واثقة أن الكتب ستظل دائماً جزءاً أساسياً من المجتمع. نحن كبشر نتواصل ونتفهم الطريقة التي تُروى بها القصص، وهذا يبقى معنا. كما أن الكتب تسمح لنا بنقل قصصنا عبر الأجيال، وهو أمر بالغ الأهمية للحفاظ على الهوية الثقافية.
أعتقد أيضاً أن الأطفال مهتمون بشدة بوسائل التواصل الاجتماعي ويوتيوب، لكن هذا لا يعني بالضرورة أنه ليس هناك مكان للكتب. فالسرد القصصي أكثر قوة؛ لأنه يدوم لفترة أطول، عندما يتنقل الأطفال بين الكتب، من المرجح أن يحتفظوا بالأفكار والمفاهيم. هناك أيضاً جيل جديد بالكامل من رواة القصص، سواء كان ذلك عبر الوسائط الرقمية أو الكتب أو كلاهما. هناك مساحة لكل شيء.
الكتب تدوم؛ في حين أن ما يوجد على وسائل التواصل الاجتماعي غالبًا ما يكون لحظيًا. يأتي ويذهب بسرعة. أما الكتب، فهي تدوم لعدة أجيال. لذا، أنصح الشباب الذين لديهم الموهبة بأن يتعلموا كيفية تقديم قصص رائعة. وأن يكتبوها في شكل نصوص، ويستخدموا وسائل التواصل الاجتماعي ويوتيوب لدعمها. أنا أفعل ذلك أيضاً، يجب أن تتذكروا أن السرد القصصي سيبقى مدى الحياة.
-
كيف يمكننا تشجيع الأطفال على التعبير عن قصصهم بطرق متنوعة؟
أعتقد أنه من المهم السماح لهم بالقراءة كثيراً، وشراء الكتب، وتوفيرها في المنزل، وتشجيعهم على سرد قصصهم بطرق مختلفة. كان سرد القصة تقليدياً يتم من خلال الحديث، والآن يمكن أن يكون عن طريق الكتابة أو الفيديوهات. لذا، يجب علينا تعليمهم كيفية الاتصال بما هو مهم بالنسبة لهم، ومن ثم نأمل أن يجدوا المنصة المناسبة لمشاركة قصصهم.
-
كيف يمكن للمهرجانات الأدبية أن تعزز من تواصل الأجيال المختلفة مع التراث والثقافة؟
أعتقد أن الأمر يتعلق حقاً بالتواصل مع الأشخاص الذين هم أكبر منهم بطريقة ما، سواء كانوا يحبون الكتب، أو يحبون السفر إلى أماكن مختلفة، فإن المهرجانات تعتبر مكاناً رائعاً حيث تجمعنا جميعاً في تلك اللقاءات.
يمكننا التحدث عن شعورهم تجاه الكتاب، ودائماً ما يفاجئني سماع ردود فعل القراء لمعرفة كيف تفاعلوا مع الكتاب، وما الذي أحبوه، وما الذي جعلهم يتواصلون مع تراثهم. كما أن الأماكن مثل مهرجانات الأدب تساهم في ذلك.
يمكنكم حضور ندوة شيرين مالهيربي في مهرجان طيران الإمارات للآداب في الأول من فبراير، من الساعة 4:00 إلى 5:00 مساءً.
شاهدي أيضاً: ماري كريستين تكشف لـ”ليالينا” تأثير الميكروبيوم على الصحة
شاهدي أيضاً: حوار خاص مع المصمم مؤمن عوض عن إبداعاته في الأزياء الرجالية
شاهدي أيضاً: حوار ليالينا مع ميغان هيس: أيقونة عالم الموضة والفن الراقي
شاهدي أيضاً: حوار مع د. أنجي قصابية خبيرة تغذية المشاهير ونجوم هوليوود