يتواجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يدافع عن قانون الهجرة المثير للجدل معتبراً أنه سبيل “لمكافحة ما يغذي التجمع الوطني”، مع اليمين المتطرف منذ ست سنوات في معركة تبدو مبهمة أحياناً، من دون أن ينجح في وقف تقدمه رغم وعده الرسمي بذلك.

اعلان

إثر فوزه للمرة الأولى في الانتخابات الرئاسية الفرنسية في السابع من أيار/مايو 2017، وعد ماكرون ببذل كل ما في وسعه كي “لا يبقى للفرنسيين أي سبب للتصويت للمتطرفين”.

فقد سعى سريعاً إلى استبدال الانقسام التقليدي بين اليسار واليمين بمواجهة ثنائية بين “القوميين” و”التقدميين”. ونصب نفسه على رأس المعسكر الثاني مقدماً نفسه الحاجز الرئيسي لصدّ تقدم المعسكر الأول.

ويقول خبير الشؤون السياسية المتخصص باليمين المتطرف جان إيف كامو: “من خلال إقامة هذه المبارزة يواجه احتمال” أن يرى منتقديه ينضمون بأعداد كبيرة إلى خصمه المعلن.

وحتى إن كان ماكرون يعتد بأنه هزم مارين لوبان مرتين في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، فإن نتائج اليمين المتطرف استمرت بالتحسن من 33,9 % في الدور الثاني في 2017 إلى 41,45 % في 2022.

وتظهر نتائج استطلاعات الرأي للانتخابات البرلمانية الأوروبية في 2024 أن قائمة التجمع الوطني تتصدر نوايا التصويت كما كانت الحال في 2019 لكن بفارق أكبر هذه المرة.

في المعسكر الرئاسي، يرى كثيرون أن وصول مارين لوبان إلى قصر الإليزيه في 2027 ممكن ومحتمل. وكانت مارين لوبان أبنة الزعيم التاريخي والمثير للجدل لليمين المتطرف في فرنسا جان ماري لوبان، تولت زعامة حزب والدها في 2011 وتنفذ خطوة خطوة منذ عقد من الزمن استراتيجية لتغيير صورة معسكرها المتهم ب”الشيطنة”.

مطب ملف الهجرة

في ظل هذه الأجواء، أتى قانون الهجرة الذي أُقر الثلاثاء ليثير بعض الانزعاج في المعسكر الرئاسي حيث صدم عدداً كبيراً من النواب والوزراء. فقد دفعت الحكومة بهذا القانون الذي شدده اليمين الذي كانت أصواته أساسية لتمريره وأيدته مارين لوبان في نهاية المطاف معتبرة أنه “انتصار أيديولوجي” لمعسكرها.

لكن إيمانويل ماكرون دافع عن موقفه وشنّ هجوماً مضاداً نافياً أن يكون “استعار” من أفكار التجمع الوطني. فقد أكد مساء الأربعاء أن هذه “الدرع” على العكس “ستسمح لنا بمكافحة ما يغذي التجمع الوطني” مضيفاً “ستسمح لنا بأن نكون أكثر فاعلية لأن مواطنينا يقولون لنا اليوم بأننا لا نضبط بما يكفي الهجرة غير النظامية”.

وهذا نهج يلازمه إذ يرى أنه للحؤول دون وصول المتطرفين إلى السلطة، يجب تحقيق نتائج في “جوهر” القضايا وفضح “المسائل غير المنطقية” بدلاً من التركيز على “حجج أخلاقية أو تاريخية”.

وأكد برنار سانانيس رئيس معهد إلابي لاستطلاعات الرأي “الفرنسيون راضون عن النص الذي أقر وثمة تأييد واسع في صفوفهم لكل الإجراءات”.

وأوضح “ثمة فارق بين النقاش السياسي القائم على الانقسامات، والتوافق الحاصل في الرأي العام”.

“غياب النتائج”

ورأى أن ماكرون الذي “واجه صعوبة كبيرة في تناول المواضيع السيادية خلال ولايته الأولى” التي سُجل فيها “غياب النتائج” حول الهجرة “يحيط بتطور الرأي العام الذي بات أكثر تشدداً حول هذه المسائل”.

في المعسكر اليساري، يتهم الرئيس الفرنسي بالتودد لبعض الدوائر في صفوف اليمين المتطرف من خلال اعتماد بعض عباراتها على غرار مفهوم “نزع الطابع الحضاري”

ورد ماكرون الأربعاء: “هذا جنون. بات لا يحق لنا استخدام +تعابير+ يستخدمها التجمع الوطني، هذا يعني أنهم أصبحوا مرجعاً”.

ويذهب الاتهام إلى أبعد منذ ذلك الآن، إذ يعتبر الرئيس المنبثق عن اليسار والذي وصل إلى السلطة بنهج وسطي، بات يجعل من بعض أفكار اليمين المتطرف شأناً عادياً.

ويرى جون-إيف كامو أنه “يجب تناول القضايا التي يروج لها اليمين المتطرف. لكن إذا اقترب الشخص من أفكار برنامجه (لليمين المتطرف) لا يمكنه أبدا مضاهاة ما يقترحه الخصم”.

ويعتبر برنار سانانيس أن الحكم على قانون الهجرة الجديد قاس على السلطة التنفيذية. فحين رأى المستطلعة آراؤهم أنه “قد يكون فعالا” أكدوا عند سؤالهم عن “المستفيد الأكبر منه”، أنه “التجمع الوطني”.

والهجرة مسألة تطرح باستمرار في فرنسا وفي دول أوروبا الأخرى وهي غالبا ما تشعل النقاش السياسي. وقد ابرم الأربعاء اتفاق بشأن إصلاح سياسة الهجرة في الاتحاد الأوروبي وهو أمر يثير جدلا أيضا.

اعلان

وفي فرنسا 5,1 ملايين أجنبي في وضع نظامي أي 7,6 % للسكان. وهي تستضيف أكثر من من نصف مليون لاجئ. وتقدر السلطات وجود600 إلى 700 ألف مقيم بطريقة غر نظامية في البلاد.

شاركها.
Exit mobile version