هذا المقال نشر باللغة الإنجليزية

يشهد السودان واحدة من أكثر الحروب دموية في العالم، والتي دخلت عامها الثاني، في ظل تنافس داخلي بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، وتدخلات إقليمية ودولية تسعى لتحقيق مكاسب اقتصادية وجيوسياسية من النزاع. ومع تزايد الأزمات الإنسانية، تبرز أسئلة حول تأثير القوى الكبرى على مستقبل السودان.

تصعيد داخلي وتحولات ميدانية

اعلان

اندلعت الحرب بالسودان في نيسان/ أبريل 2023 بعد توتر طويل بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع. وفي كانون الثاني/ يناير 2024، وجهت الولايات المتحدة اتهامات رسمية لقوات الدعم السريع بارتكاب إبادة جماعية.

كما فرضت عقوبات على قائد القوات المسلحة، عبد الفتاح البرهان، متهمة قواته بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق تشمل القصف العشوائي للبنية التحتية المدنية واستخدام الأسلحة الكيميائية. 

ورغم الاتهامات الموجهة للطرفين، يبدو أن القوات المسلحة السودانية قد استعادت زمام المبادرة. فقد استعاد الجيش السيطرة على العاصمة الخرطوم ومعظم ولاية الجزيرة الاستراتيجية، ما أدى إلى إضعاف قوات الدعم السريع.

وترى المحللة السودانية خلود خير أن التطورات الأخيرة قد تكون نقطة تحول لصالح الجيش، مؤكدة أن موارد قوات الدعم السريع بدأت تُستنزف بشكل كبير. 

مصالح دولية وتدخلات إقليمية

تتصارع القوى الإقليمية والدولية على الاستفادة من الصراع السوداني. الإمارات ومصر هما من أبرز اللاعبين، اذ تدعم الأولى قوات الدعم السريع، بينما تدعم الثانية القوات المسلحة السودانية. 

تربط الإمارات مصالح اقتصادية وثيقة بقوات الدعم السريع، خصوصاً في تجارة الذهب. وتُعد الإمارات واحدة من أكبر مستوردي الذهب السوداني، وتوفر لقوات الدعم السريع دعماً عسكرياً ومالياً مقابل تصدير الذهب.

من ناحية أخرى، تعتمد مصر على السودان لتأمين جزء من مواردها الذهبية، وتشير تقارير إلى ازدهار تجارة تهريب الذهب عبر الحدود الشمالية للسودان. 

وإلى جانب المصالح الاقتصادية، يلعب الموقع الجيوسياسي للسودان دوراً محورياً. الإمارات تسعى لتعزيز سيطرتها على الموانئ السودانية، في محاولة لتقويض نفوذ السعودية في المنطقة. في الوقت نفسه، تضغط روسيا وإيران للوصول إلى ميناء بورتسودان، حيث تُستخدم هذه الورقة كورقة مساومة للحصول على دعم دولي. 

أزمة إنسانية متفاقمة

بينما تتنافس القوى الكبرى على موارد السودان، يعاني المدنيون من أزمة إنسانية حادة. نزح الملايين من السودانيين إلى دول الجوار، مع استقبال مصر النصيب الأكبر منهم. ومع ذلك، يُلقي الاقتصاد المصري المتدهور بظلاله على اللاجئين، حيث تُحمل الحكومة المصرية التدفق السكاني السوداني مسؤولية تفاقم أزماتها. 

وفي الداخل، يتعرض المدنيون لانتهاكات مروعة من جميع الأطراف. تقارير الأمم المتحدة تؤكد ارتكاب الطرفين جرائم حرب كبرى، بينما تشير الاتهامات الأمريكية إلى ارتكاب قوات الدعم السريع إبادة جماعية.

وعلى الرغم من ذلك، يخشى محللون أن يؤدي التركيز على طرف واحد إلى زيادة تعقيد النزاع وإطالة أمد الحرب. 

الدور الدولي ومستقبل النزاع

تتداخل المصالح الدولية في السودان مع تنافسات إقليمية، اذ تسعى دول مثل الإمارات وروسيا لتعزيز نفوذها على حساب قوى أخرى. الإمارات تستثمر في الموانئ السودانية، بينما ترى روسيا في السودان فرصة لتعويض خسائرها في سوريا وليبيا. 

من جهة أخرى، يرى محللون أن غياب استراتيجية دولية واضحة لحل النزاع يزيد من تعقيده. خلود خير تشير إلى أن المجتمع الدولي تجاهل علامات التحذير التي سبقت اندلاع الحرب، وركز على مصالحه الخاصة، مثل الهجرة والأمن في البحر الأحمر، متجاهلاً التوترات الداخلية. 

ورغم التنافس الدولي، يظل الحل السياسي هو الخيار الوحيد لإنهاء معاناة السودان. ومع ذلك، تبدو الأطراف الدولية أكثر اهتماماً بتحقيق مكاسبها الخاصة بدلاً من العمل على إنهاء النزاع.

شاركها.
Exit mobile version