تتابع الولايات المتحدة، روسيا، والصين الانتخابات الألمانية لعام 2025 بحذر، نظرًا لتأثير نتائجها المحتمل على التحالفات الدولية وموازين القوى العالمية.

اعلان

مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية الألمانية الأحد في 23 فبراير 2025، تتحول أنظار القوى الدولية الكبرى -الولايات المتحدة، روسيا، والصين -نحو برلين، حيث يُتوقع أن تؤثر نتائج هذه الانتخابات بشكل مباشر على المشهد الجيوسياسي الدولي، وتعيد رسم ملامح العلاقات الثنائية والإقليمية.

الولايات المتحدة

تراقب واشنطن الانتخابات الألمانية عن كثب، نظراً للمكانة المحورية لألمانيا في التحالف الأطلسي والاتحاد الأوروبي. وفي ظل إدارة أمريكية تبرز أولويات جديدة في موضوع التعاون عبر الأطلسي، تُبدي واشنطن اهتمامًا خاصًا بمواقف الأحزاب الألمانية من قضايا الدفاع والأمن والهجرة.

يعتبر الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU) بقيادة فريدريش ميرتس شريكًا تقليديًا موثوقًا للولايات المتحدة، إذ يعكس برنامجه الانتخابي توجهات داعمة لتعزيز العلاقات الدفاعية والتجارية مع واشنطن، خاصة في مواجهة التحديات المشتركة مثل النفوذ الروسي والصيني من جهة، ورغبة واشنطن في وقف الحرب في أوكرانيا من جهة ثانية.

في المقابل، يُثير صعود حزب “البديل من أجل ألمانيا” (AfD)، المعروف بمواقفه المتشددة تجاه الاتحاد الأوروبي والناتو، قلقًا في الأوساط الأمريكية. إذ تخشى واشنطن من أن تؤدي سياسات هذا الحزب إلى تآكل الوحدة الأوروبية، مما قد يُضعف الموقف الغربي الموحد تجاه موسكو وبكين.

روسيا: آمال في تغيير التوازن الأوروبي ورفع العقوبات

بالنسبة لموسكو، تُعد الانتخابات الألمانية فرصة لإعادة رسم العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، خاصة في ظل توتر العلاقات الناتج عن الأزمة الأوكرانية والعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.

تراقب روسيا صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة مثل حزب البديل من أجل ألمانيا، والتي تُعرف بمواقفها غير العدائية تجاه موسكو ودعواتها لإعادة النظر في العقوبات الأوروبية المفروضة على روسيا. ترى موسكو في تحقيق هذه الأحزاب لمكاسب انتخابية فرصة لتعزيز علاقاتها المستقبلية مع أوروبا وتقويض الدعم الأوروبي لأوكرانيا.

في المقابل، فإن فوز الأحزاب التقليدية مثل الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU) أو الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD)، قد يعني استمرار النهج الحالي تجاه روسيا، بما في ذلك التمسك بالعقوبات ودعم السياسات الأمنية الأوروبية.

كما أن تصاعد حضور التيار اليساري الممثل بحزب “دي لينكه” يعتبر مؤشراً لافتاً في هذا الاستحقاق، ويتوقع منه أن يترجم في صناديق الاقتراع.

الصين: مصالح اقتصادية واستراتيجية في مواجهة احتمالات التشدد الأوروبي

من ناحيتها، تراقب بكين الانتخابات الألمانية بعناية، مدركةً للأهمية الاستراتيجية لألمانيا كأكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي. وتسعى الصين إلى الحفاظ على علاقات اقتصادية قوية مع ألمانيا، خاصة في مجالات التكنولوجيا والاستثمار والتجارة، في ظل تصاعد التوترات التجارية مع الولايات المتحدة.

وكما يبدو من برامج الأحزاب المشاركة في الانتخابات، تُفضل بكين فوز الأحزاب الداعمة للتجارة الحرة مثل الحزب الديمقراطي الحر (FDP)، الذي يتبنى سياسات انفتاح اقتصادي واستثمارات خارجية، مما يعزز الشراكة الاقتصادية بين الصين وألمانيا.

في المقابل، يُثير صعود الأحزاب اليمينية أو الأحزاب ذات التوجهات القومية قلقًا لدى الصين، نظرًا لاحتمال تبنيها سياسات حمائية وتشديد الرقابة على الاستثمارات الأجنبية، وهو ما قد يؤثر على المصالح الاقتصادية الصينية في أوروبا.

تأثيرات محتملة على العلاقات الدولية

تُعد الانتخابات الألمانية لعام 2025 نقطة تحول في السياسة الدولية، نظرًا لتأثير نتائجها على توازنات القوى العالمية.

  • فوز الأحزاب التقليدية قد يعني استمرار السياسة الألمانية الحالية، بما في ذلك الالتزام بالتحالفات الدولية كالناتو والاتحاد الأوروبي، والمواقف الثابتة تجاه روسيا والصين.
  • في المقابل، فإن صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة قد يؤدي إلى تغييرات جذرية في السياسة الخارجية، بما في ذلك تبني مواقف أكثر انعزالية أو مراجعة العلاقات مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

هذا التباين في السيناريوهات يجعل نتائج الانتخابات الألمانية محط اهتمام عالمي، حيث تُدرك القوى الدولية أن التوجهات السياسية لأكبر اقتصاد في أوروبا ستؤثر على السياسات الأوروبية والدولية بشكل عام، وقد تُعيد تشكيل الخريطة الجيوسياسية العالمية. في ظل تنافس الأحزاب الألمانية بمواقف متباينة تجاه القضايا الدولية، تُصبح هذه الانتخابات بمثابة اختبار استراتيجي لمستقبل التحالفات الدولية والتوازنات الإقليمية.

ومع استمرار المنافسة الحادة على الساحة الألمانية، يبقى السؤال الأبرز: كيف ستؤثر نتائج الانتخابات على مستقبل العلاقات الدولية وموقع ألمانيا في النظام العالمي؟

شاركها.
Exit mobile version