بقلم: يورونيوز
نشرت في
دعا الحاخام يتسحاق يوسف، الحاخام السفاردي السابق والمرشد الروحي لحزب شاس الحريدي، إلى “اعتقال” أي معلّم أو محاضر يدّعي أن عمر الأرض يتجاوز ما ورد في سفر التكوين، مؤكداً أن العالم خُلق منذ أقل من 6000 سنة.
وقال خلال خطبة مصوّرة: “إذا وُجد معلّمون يدرّسون أن عمر العالم يبلغ ملايين السنين، فامنعوهم — ولا تصمتوا ولا تستمعوا إليهم، لأن تقبُّل ذلك غير لائق”. وشدّد قائلًا: “لا تجادلوني بشأن زمن خلق العالم. لقد خُلق منذ أقل من 6000 سنة”.
تصريحات الحاخام يوسف، التي رفضت جملةً وتفصيلاً أساليب التأريخ العلمية، تأتي في ظل تصاعد خطاب اليمين المتطرف داخل إسرائيل، حيث تتزايد الدعوات إلى فرض رؤى دينية أو أيديولوجية على مؤسسات التعليم والدولة.
وسبق أن أثار الحاخام يوسف جدلاً واسعًا بتصريح آخر، حين حذّر من أن أفراد المجتمع الحريدي “سيركبون الطائرات ويعبرون الحدود” إذا أُجبر طلاب اليشيفوت (مدارس تدرس الشريعة اليهودية) على الخدمة في الجيش الإسرائيلي.
ونقلت صحيفة “معاريف” العبرية عنه قوله: “إذا جُنّد طلاب اليشيفوت، فسنغادر إسرائيل جميعاً”.
احتجاجات حاشدة تكشف أولويات مجتمعية متنافرة
وفي خضم الخلاف المتصاعد حول مشروع قانون التجنيد الإجباري، نظّم المجتمع الحريدي مظاهرة حاشدة في القدس الغربية يوم الخميس 30 أكتوبر، شارك فيها مئات الآلاف، وصفت بـ”مسيرة المليون”.
ونُظّمت التظاهرة بدعوة من كبار الحاخامات ومجالس طلاب التوراة، بدعم من الأحزاب الدينية ومؤسسات التعليم التوراتي، وجسّدت وحدة غير مسبوقة بين التيارات الحريدية المختلفة.
وأدت المسيرة إلى اختناقات مرورية واسعة في القدس الغربية، وشلل في محطات الحافلات والقطارات. ويُقدّر عدد الحريديم اليوم بنحو 13 إلى 14% من سكان إسرائيل، البالغ عددهم نحو 10 ملايين نسمة.
وبحسب وسائل إعلام عبرية، فإن حجم الحشد كشف عمق الانقسام داخل المجتمع الإسرائيلي، وانشغال شرائح واسعة بمطالب فئوية، مقابل غياب مظاهرات مماثلة للمطالبة بإعادة الأسرى المحتجزين في قطاع غزة — رغم استمرار الحرب ومرور أكثر من عام على أسرهم.
ومنذ تأسيس إسرائيل، حظي الطلاب المسجّلون بدوام كامل في اليشيفوت بإعفاء من الخدمة العسكرية، في إطار تفاهم تاريخي بين الدولة والمجتمع الحريدي. لكن هذا الإعفاء بات موضع جدل متصاعد، خصوصاً منذ اندلاع الحرب على غزة، مع تصاعد المطالبات بمشاركة الحريديم في الخدمة العسكرية لسدّ النقص.
ومع ذلك، يرى جزء كبير من الحريديم أن التجنيد يشكّل تهديداً مباشراً لنمط حياتهم الديني الصارم، إذ يخشون أن يفرض عليهم الجيش نمطاً من العيش يتعارض مع تقاليدهم العريقة. في المقابل، يرى مؤيدو التجنيد أن العدالة تقتضي تقاسم التضحيات بين جميع شرائح المجتمع الإسرائيلي — وهو انقسام يزداد عمقاً في ظل الخطاب الاستقطابي الحالي.

