بقلم: يورونيوز
نشرت في
قدّم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، اليوم الجمعة 14 تشرين الثاني/نوفمبر، تهانيه لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بعد فوز ائتلافه “الإعمار والتنمية” في الانتخابات التشريعية التي أُجريت الأسبوع الجاري في عموم العراق.
إشادة إيرانية بتنظيم الانتخابات
وأشاد بزشكيان خلال اتصال هاتفي بـ”التنظيم الهادئ والرصين” للانتخابات البرلمانية، معتبرا أنها إنجاز قيّم يعزّز من مكانة وعظمة الشعب العراقي، وفق ما ورد في بيان الرئاسة الإيرانية.
كما هنّأ السوداني بفوز ائتلافه، معربا عن أمله في أن تكون المرحلة المقبلة مناسبة لـ”تعميق وتوسيع التعاون بين البلدين في جميع المجالات”.
واستعرض الجانبان العلاقات الثنائية وسبل تطويرها “بما يسهم في تدعيم الاستقرار بالمنطقة، ويصبُّ في مصلحة الشعبين العراقي والإيراني”.
السوداني: العلاقات مع إيران متجذّرة
من جهته، عبّر السوداني عن تقديره للتهنئة، مؤكداً أن الاتصال يعكس “عمق الروابط الأخوية” بين العراق وإيران. وقال إن الانتخابات “جرت بصورة شفافة وهادئة”، وإن المشاركة الواسعة تشكّل “أعلى نسبة منذ عام 2015″، وهو ما يراه دليلاً على “تنامي الثقة بالنظام السياسي”.
وأضاف أن الشعب العراقي “جدّد التزامه بالتجربة الديمقراطية” من خلال الإقبال على صناديق الاقتراع، آملاً أن تكون النتائج “منطلقاً جديداً لمواصلة مشاريع الإعمار والتنمية”.
تمهيد لمرحلة سياسية جديدة
وبهذه النتيجة يملك السوداني أفضلية في مشاورات تشكيل الحكومة المقبلة. وتُعدّ هذه الانتخابات المحطة التشريعية السادسة منذ تغيير النظام السياسي في العراق عام 2003، وشارك فيها 7,743 مرشحاً للتنافس على 329 مقعداً في البرلمان، بنسبة مشاركة بلغت 56.11%.
وقالت مفوضية الانتخابات إنها تتوقع إعلان النتائج النهائية الأسبوع المقبل.
تحديات الحكومة المقبلة
تنتظر رئيس الوزراء المقبل ملفات معقدة، من أبرزها نقص فرص العمل، وتدهور القطاعات الخدمية خاصة التعليم والصحة، إضافة إلى إدارة العلاقة الحساسة مع كلّ من إيران والولايات المتحدة في ظل التوتر الإقليمي منذ اندلاع حرب غزة عام 2023.
وتواجه الحكومة العراقية ضغوطاً أميركية متزايدة لنزع سلاح الفصائل الموالية لإيران وفرض عقوبات على كيانات مرتبطة بها، وهي سياسة يرجّح مراقبون استمرارها في المرحلة السياسية المقبلة.
وفي ختام الاتصال، أكّد السوداني وبزشكيان رغبتهما المشتركة في تعميق التعاون الاقتصادي والسياسي والأمني، وتعزيز التنسيق الإقليمي، في ظل تحولات تشهدها المنطقة وحرص الطرفين على الحفاظ على الاستقرار.
المسار الدستوري وتوزيع المناصب
عقب إعلان النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية، يتوجب على المحكمة الاتحادية العليا المصادقة عليها قبل الشروع في أي خطوة سياسية لاحقة. ووفق الأعراف السياسية المعمول بها منذ أول انتخابات تعددية في العام 2005، تقوم البنية السياسية على تقاسم المناصب العليا بين المكونات الأساسية: إذ تُسند رئاسة الجمهورية إلى المكوّن الكردي، بينما تؤول رئاسة الوزراء إلى الطائفة الشيعية باعتبارها الموقع التنفيذي الأبرز، فيما تُمنح رئاسة مجلس النواب لممثل عن المكوّن السني.
وبمقتضى الدستور، يفترض أن يعقد البرلمان الجديد جلسته الأولى خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ المصادقة على النتائج، ويرأس الجلسة النائب الأكبر سنًا لانتخاب رئيس جديد للمجلس. وبعد انتخاب رئيس البرلمان ونائبيه، ينتقل النواب إلى المرحلة التالية المتمثلة في انتخاب رئيس الجمهورية خلال مدة لا تتجاوز ثلاثين يومًا وبأغلبية الثلثين. لكن هذه المهل الدستورية كثيرًا ما تشهد تأخيرًا بسبب الخلافات بين الكتل، كما حصل في انتخابات 2021 حين استغرقت تسوية الخلافات ثلاثة أشهر قبل انعقاد الجلسة الأولى.
وبعد انتخاب رئيس الجمهورية، يكلّف الأخير خلال خمسة عشر يومًا مرشح الكتلة النيابية الأكبر بتشكيل الحكومة. ويُمنح رئيس الوزراء المكلّف مهلة ثلاثين يومًا لتقديم تشكيلته الوزارية إلى البرلمان لنيل الثقة. وفي حال تعذر التوصل إلى أغلبية داعمة، تبدأ مفاوضات موسعة بين الكتل لتشكيل ائتلافات قادرة على إدارة الحكومة.
وفي التجربة السابقة، قادت هذه المفاوضات الطويلة إلى تكليف محمد شياع السوداني بتشكيل الحكومة الحالية في تشرين الأول/أكتوبر 2022، وذلك بعد انسحاب التيار الصدري من العملية السياسية، في خطوة أنهت أزمة سياسية امتدت أشهراً وشهدت توترات واحتجاجات وأعمال عنف.

