نشرت في •آخر تحديث
في قلب العاصمة السورية دمشق، شهدت الأيام القليلة الماضية موجة دبلوماسية غير مسبوقة، حيث استقبل أحمد الشرع (الجولاني) جموعا من الوفود العربية والدولية، في مسعى لتعزيز التعاون الثنائي والتباحث حول قضايا إقليمية ذات الاهتمام المشترك.
ففي 21 ديسمبر/كانون الأول 2024، استقبل الشرع وفدًا سعوديًا رفيع المستوى برئاسة مستشار في الديوان الملكي، في لقاء تناول سبل تعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، بالإضافة إلى تبادل وجهات النظر حول آخر تطورات المنطقة. وكان اللقاء فرصة لتبادل الآراء حول التحديات الإقليمية وكيفية إيجاد حلول منسقة، خاصة في ظل الأزمة المستمرة في المنطقة.
في ذات اليوم، كان اللقاء مع الوفد الأمريكي مؤثرًا أيضًا، حيث أعربت الولايات المتحدة عن دعمها المستمر للشعب السوري، مع تأكيد التزامها بالإسهام في الجهود الرامية لتحقيق الاستقرار السياسي وإعادة إعمار البلاد. وقد سلط هذا اللقاء الضوء على الأبعاد الإنسانية والتعاون الدولي الذي يسعى لدعم سوريا في المرحلة المقبلة.
أما في 22 ديسمبر/كانون الأول 2024، فقد استقبل الشرع وفدًا قطريًا رفيع المستوى، حيث تم تناول سبل تعزيز الاستقرار في سوريا ودور قطر الفاعل في تقديم الدعم لعملية إعادة الإعمار. كما تم بحث آفاق تطوير العلاقات الثنائية وتعميق التعاون على الأصعدة كافة. وفي سياق آخر، استقبل الشرع في نفس اليوم نائب الرئيس السوري السابق فاروق الشرع، الذي تم دعوته للمشاركة في مؤتمر وطني يسعى إلى تحقيق المصالحة الوطنية. اللقاء بين الطرفين كان ذا طابع خاص نظرًا للعلاقات الأسرية القوية بينهما، ما أضفى مزيدًا من الأبعاد الشخصية والسياسية على المباحثات.
وفي تطور مهم آخر، استقبل الشرع في 22 ديسمبر/كانون الأول 2024، وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، حيث شهد اللقاء تأكيدا على ضرورة تعزيز التعاون بين البلدين، مع التركيز على ضمان السيطرة الوطنية الكاملة على الأسلحة في سوريا، بما في ذلك تلك التي بحوزة القوات الكردية. كما شدد وزير الخارجية التركي على ضرورة تفكيك وحدات حماية الشعب الكردية ورفع العقوبات المفروضة على سوريا لتسهيل إعادة الإعمار، وهو ما يعد نقطة مفصلية في تعزيز العلاقة التركية-السورية.
وفي 23 ديسمبر/كانون الأول، جرت محادثات مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في دمشق كذلك، حيث تم التركيز على تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وتناول قضايا اللاجئين والتعاون الأمني، بما يسهم في استقرار المنطقة.
كما كانت اللقاءات مع زعماء سياسيين آخرين مؤثرة، مثل لقاء الشرع مع زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني وليد جنبلاط في 22 ديسمبر/كانون الأول، حيث أكد الشرع التزام سوريا بعدم التدخل في الشؤون اللبنانية واحترام سيادة لبنان، في الوقت الذي شدد فيه جنبلاط على ضرورة التعاون لتحقيق استقرار دائم في المنطقة.
وتكشف هذه اللقاءات المتواصلة عن مرحلة جديدة في السياسة السورية، مرحلة من الانفتاح على محيطها العربي والدولي. وفي وقت تسعى فيه دمشق لتعزيز مكانتها كمحور للحلول الإقليمية، فإن هذه الدبلوماسية النشطة تعد خطوة مهمة نحو تحقيق المصالحة الوطنية والاستقرار في المنطقة، في ظل المتغيرات السياسية والدبلوماسية التي تعيشها سوريا والمنطقة العربية.