يشهد الشمال السوري نشاطاً كبيراً لتطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي لا سيما برنامج تيلغرام، حيث أصبح هناك العديد من الغرف والمجموعات المحلية التي تنقل الأخبار وتعمل على استمالة وجذب أكبر عدد من المشتركين، من خلال نشر مواد مكتوبة وبصرية تتسم بعنصر الإثارة والتشويق وسرعة نقل الأخبار.

كما يعتمد بعض أصحاب مجموعات التيلغرام على الأخبار المجهولة والشائعات والفضائح والجرائم والقصص الخبرية والعناوين الصارخة أو المضللة، ما جعل لها جمهوراً واسعاً يصل عدد مشتركيها للآلاف، وزاد من تأثيرها في صناعة رأي عام مؤيد أو معارض لحدث ما.

محتوى فاضح

وتركز عدة مجموعات وغرف منتشرة بالشمال المحرر على نشر محتوى جنسي، لبعض عناصر وقيادات الفصائل العسكرية، وموظفي المجالس المحلية وقيادات المعارضة السورية، وكذلك نشر محتوى يظهر جوانب من فساد وفضائح مسؤولي المنطقة من مدنيين وعسكريين وأمن وشرطة، من دون التأكد من دقة المعلومات، وتضع تلك المجموعات رقماً للتواصل معها وفي الغالب رقم غير مسجل بشركة اتصالات رسمية، دون ذكر اسم مرسل الخبر.

وتستخدم هذه المجموعات والغرف المحلية أسماء عديدة أغلبها تحت مسمى “كابوس” ومن ثم اسم المنطقة التي يغطي أخبارها، مثال: “كابوس درع الفرات، كابوس جرابلس، كابوس منبج، كابوس تل رفعت وغيرهم”، وتنحصر مهمتها في نشر ما يصلها من فيديوهات وأخبار أحياناً تفتقد للمصداقية.

تجنيد مراسلين

وقال “أحمد” مطلع على هذه المجموعات لأورينت نت، “إن الكثير من الأخبار يتم تسريبها للمجموعات من خلال رقم التواصل الخاص بها أو من الغرف الإخبارية الموجودة بالواتس آب، والتي تسمح بالدخول لها عبر رابط إلكتروني. 

وأضاف “أن تلك المجموعات جندت مراسلين لها من داخل المؤسسات المدنية، يقومون بتزويدها بما يحصل أثناء العمل، وكذلك تسريب محاضر جلسات ونقاشات العاملين في المؤسسة وبعض تصرفات المسؤولين من خلال تصويرهم بدون علمهم”.

 أخبار كاذبة

بدوره، يرى “وائل” مدرس لغة عربية أن المجموعات المسماة “كوابيس”، تندرج ضمن الصحافة الرديئة، وتنشر أحياناً حقائق، ضمن أخبارها الكاذبة حتى تحصل على درجة من المصداقية عند متابعيها، مشيراً إلى أن الأخبار التي تنشرها تعكس ردود فعل سلبية، حول عمل المؤسسات الذي يشوبه أحياناً فساد بعض الأشخاص والمديرين، ولكن الكثير من متابعيها وبالذات الناس العاديين يقومون بتعميم حالة الفساد على كامل المؤسسة سواء كانت مدنية أو عسكرية.

ولفت إلى أن تلك المجموعات تعمد على نشر الفضائح ونقل مواضيع الإثارة والتشهير وكشف عثرات الآخرين، سعياً من أصحابها لزيادة أعداد مشتركيها وتحقيق شهرة أو كسب مادي، موضحاً أنه “أصبح هناك خشية لدى البعض من مستخدمي وسائل التواصل من المحادثات الصوتية في المجموعات العامة، خوفاً من تصيد الأخطاء التي قد ترد في الرسالة، ومن ثم يتم تسريبها لتلك المواقع”.

تمويل مشبوه

واتهم قيادي في الجيش الوطني “رفض الكشف عن اسمه” مجموعات “الكوابيس” بالحصول على تمويل مادي من نظام أسد وقسد وبعض الجهات الأخرى نظراً لتركيزها على فضائح الجيش الوطني بشكل كبير.

وقال إن صفحات الكوابيس انطلقت مع بدء عملية درع الفرات عام 2016، واتخذت منهجاً عدائياً وتشهيراً بالجيش الوطني وكل مؤسسات وقيادات الثورة، وتشويه عمل المؤسسات العسكرية والمدنية، وأن من يديرها أغلبهم يعيش في الدول الأوروبية، ولهم عيون في المناطق المحررة.

وبالنسبة لازدياد عدد متابعي تلك المجموعات أكد أن غياب الوعي لدى عامة الناس في المناطق المحررة يسهم في ذلك، وهناك ميول لدى الكثير من الناس في المجتمع يرغب بمتابعة الأخبار التي تتعلق بفضائح الشرف والفساد ويستهويهم الأسلوب التي تعتمد عليها تلك المجموعات بنشر أخبارها.

ونوه أنه لو كان هدف هذه المجموعات مكافحة الفساد والحد منه، لكانت بادرت بالتواصل مع الجهات المعنية والمختصة وتقديم الدلائل والوثائق لمحاسبته ولكن تبين أن غايتها المال والتشهير، داعياً إلى مكافحة هذه المجموعات بالطرق القانونية وتشديد العقوبات على من يتعامل ويتواصل معها، وتوجيه سهام الإعلام الحر عليها وإسقاط محتواها المضلل.

وأكد أن هذه المجموعات قامت بعمليات ابتزاز لبعض الأشخاص الذين تستهدفهم، وقامت أيضاً بتجنيد عملاء لصالح قسد، إضافة لمساهمة القائمين عليها في مجال تهريب قيادات من تنظيم داعش من المناطق المحررة إلى خارج البلاد.

لا تخضع لأي معايير

وحول هذه المجموعات والغرف وما تنشره من محتوى، ذكر أحمد بريمو وهو صحافي في منصة “تأكد” لأورينت نت، “أن تلك القنوات ليست منصات إعلامية، وتعتمد على صناعة المحتوى من قبل الأشخاص الذين يديرونها، ولا تخضع للمعايير الصحفية التي تقدم الأخبار للجمهور، وأغلب مصادرها مجهولة، وتقدم خبراً ناقصاً وتنشر صورة وفيديو مجتزأ، ولا تتضمن أخبارها على عناصر الخبر الصحفي.

وأردف أنه ساهم في انتشارها سهولة الوصول إليها من قبل المستخدمين عبر تطبيق التيلغرام، مطالباً متابعيها بالتساؤل عن مصادرها ومصداقية أخبارها وتاريخ نشرها ومصلحة الجهات التي تديرها والتي تنشر أخباراً مضللة.

صحافة فضائح

من جهته، قال الكاتب الصحفي أحمد رياض جاموس، “يمكن تصنيف هكذا نوع من الصفحات التي تتناول جرائم الشرف والدعارة والاغتصاب والفضائح بالصحف “الحمراء”، لأن طريقة نشرها تثير فضول الشارع وتروي نهمه تجاه تقصير الإعلام الآخر الملتزم والذي من المفترض أن يكون بديلاً عن هذه الصفحات”.

وأوضح أن هذه القنوات أصبحت لدى البعض وسيلة بديلة لتغيير الرأي العام، وهناك العديد من الحوادث أو الفضائح كانت سبباً في تغيير أحداث معينة، وبذات الوقت نشرت أحداثاً تعدت المحظور وفضحت المستور داخل البيوت، منوهاً إلى أن هناك عدة أسباب ساهمت بحضورها، أولها غياب الثقافة الإعلامية وسطوة العسكر والتضييق على حرية عين الكاميرا، وتحول الشارع في أغلبه لما يسمى بالمواطن الصحفي، وهذا ساهم بشكل أو بآخر في إنتاج كميات كبيرة من الأخبار التي تنقلها تلك الصفحات.

والمطلوب للحد من انتشارها حسب قوله، إنشاء منصات إعلامية تزرع الثقة بينها وبين الشارع وتستقبل كل الأخبار الجريئة والحساسة، ثم التأكد والتحقق منها ومراعاة السياسة الإعلامية ومدى القدرة على التغيير وإحداث الفارق المطلوب.

وللوقوف على ما يُثار حول مجموعات وقنوات ما يسماه “كوابيس” على التيلغرام حاولت أورينت نت التواصل مع القائمين على إحدى هذه المجموعات، لأخذ رأيه حول المحتوى والاستفسار عن المصادر والهدف من انتشار أخبار الفضائح، لكنه رفض التصريح والإجابة عن أي سؤال.

شاركها.
Exit mobile version