لا تزال عمليات الترحيل القسرية للاجئين السوريين بدعوى “العودة الطوعية” متواصلة بشكل كبير في عموم المدن التركية، رغم التحذيرات الأممية والأوروبية من خطورة تلك الخطوة، ومخالفتها للقوانين الإنسانية والدولية المتعلقة بطالبي اللجوء والأفراد الخاضعين للحماية المؤقتة.

وقال الناشط الحقوقي “طه الغازي” في مقابلة مع أورينت إن رئاسة الهجرة التابعة لوزارة الداخلية التركية رحلت 130 لاجئاً سورياً من مخيم كلس جنوبي البلاد.

ولفت الغازي أن إدارة الهجرة أجبرت الجميع على توقيع ورقة العودة الطوعية لكن بعض اللاجئين رفض ذلك خاصة أنهم أمضوا أشهر طويلة في المخيم.

وبحسب “الغازي”، فإن معظم هؤلاء اللاجئين خاضعون للحماية المؤقتة بشكل رسمي ويمتلكون “كمليك” نظامياً، وبرغم ذلك تم ترحيلهم.

وأشار إلى أن إجراءات السلطات التركية في التعامل مع ملف اللاجئين باتت أكثر صرامة خلال الآونة الأخيرة بالتزامن مع تقاعس المنظمات الدولية المعنية والتي تأثر عمل بعضها خلال فترة وقوع الزلزال الذي ضرب جنوبي البلاد في شهر شباط الماضي.

وبيّن الناشط الحقوقي أن هناك عدم تجاوب من قبل “الهجرة التركية” مع نقابات المحامين حول سبب الترحيل، موضحاً أن الأمر عند محاولة البعض منهم الهروب خارج المخيم.

وذكر الغازي أن هناك تقارير حقوقية تشير إلى أن اللاجئين السوريين في المخيمات يعانون نفسيا وجسديا فضلا عن أن وجودهم في تلك المخيمات غير قانوني، حيث بات موضوع ترحيل اللاجئ السوري يعتمد على مزاجية الموظف.

ضرب وتعذيب

من ناحيته، شارك الناشط الحقوقي أحمد قطيع قصة أحد المرحلين حيث تعرض للضرب والتعذيب لإجباره على التوقيع على العودة الطوعية، داعياً إلى محاسبة المسؤولين ورجال الأمن المتورطين في المخيم.

وطالب قطيع بمحاسبة رجل الأمن الذي إعتدى على الشاب (طارق رجب) بالضرب المبرح مما أدّى إلى تكسير أسنانه قبل القيام بترحيله وإجباره على التوقيع على العودة الطوعية وحرمانه من حقّه بتقديم شكوى ضد الحارس الذي قام بالاعتداء عليه داخل المخيّم رغم مطالبته بفتح شكوى ضد الحارس من إدارة المخيّم التي قابلت طلبه بإجباره على الترحيل.

كما طالب بالسماح لزوجته ( س. ب. )  الحامل وطفلهما الرضيع ذو الثمان أشهر بالعودة إلى الشمال السوري ، اللذان تشرّدا في شوارع الريحانية، بعد أن طردهما صاحب المنزل التركي في اسطنبول بسبب عدم تمكن الزوجة من دفع إيجار المنزل، مما جعلها تتوجّه إلى المعابر البرية للعودة إلى سوريا والالتحاق بزوجها.

تقارير حقوقية

وكانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” المعنية بحقوق الإنسان كشفت في تقرير سابق لها أن أنقرة قامت باعتقال واحتجاز وترحيل مئات اللاجئين السوريين، وأغلبهم من الرجال والفتيان بشكل تعسفي إلى بلادهم ما بين شهري شباط وتموز لعام 2022. 

وبيّن التقرير أن اللاجئين السوريين تم اعتقالهم من الشوارع ومن منازلهم وأماكن عملهم من قبل رجال الأمن الأتراك الذين قاموا بضرب معظمهم والإساءة إليهم واحتجازهم في ظروف سيئة، ومن ثم إجبارهم على التوقيع على وثيقة العودة الطوعية.

وبحسب الباحثة الحقوقية في المنظمة “نادية هاردمان”، فإن السلطات التركية اقتادت اللاجئين السوريين ومن بينهم أطفال إلى نقاط العبور الحدودية، وأجبرتهم على العبور تحت تهديد السلاح، الأمر الذي يعد انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي، مشيرة إلى أن أنقرة تحاول جعل الشمال السوري منطقة للتخلص من اللاجئين.

وتابعت “رايتس ووتش” أن العديد من اللاجئين الذين تمت إعادتهم هم من المناطق التي تسيطر عليها ميليشيا أسد في سوريا، ما يشكّل خطورة عليهم، حيث أُجبروا على التوقيع للعودة الطوعية دون السماح لهم بقراءة الاستمارات أوحتى توضيح ما ورد فيها.

ولفتت إلى أن لاجئين رأوا رجال أمن أتراك يضربون آخرين رفضوا التوقيع في البداية، كما تم تخيير سوريَّين احتُجزا في مركز ترحيل بأضنة ما بين الترحيل أو الحبس لمدة عام، ما جعلهما يختاران المغادرة، بسبب عدم تحمّل فكرة قضاء عام في الاحتجاز، ولا سيما أن عائلتهما بحاجة إليهما.

 

شاركها.
Exit mobile version