عقب المشادة الكلامية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في المكتب البيضاوي يوم الجمعة، وردت أنباء عن أن زعيم البيت الأبيض أمر بتجميد المساعدات لكييف، مما يضع منطقة اليورو في موقف حرج، ويطرح سؤالًا محوريًا: هل يمكن لأوروبا دعم كييف بمفردها؟

اعلان

قررت واشنطن إذن تنفيذ تهديداتها للرئيس الأوكراني بالحرف: “إما إبرام صفقة السلام مع روسيا أو ننسحب”، إذ نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مسؤول أمريكي، فضّل عدم نشر اسمه، قوله إن بلاده “ستجمّد وتراجع مساعداتها للتأكد من أنها تساهم في التوصل لحل”.

ويشمل تجميد المساعدات الأمريكية جميع العتاد الذي أقرّ في عهد الرئيس السابق جو بايدن، ولم تستلمه كييف بعد. وأوضح مسؤول أمريكي لقناة “فوكس نيوز” بأن هذا الإجراء “موقت”.

ماذا قدمت واشنطن لكييف؟

ويقدّر أن واشنطن دعمت كييف، في عهد بايدن، بقيمة 65.9 مليار دولار أمريكي، بحيث وافق الرئيس الديمقراطي آنذاك بما وصفته وزارة الخارجية الأمريكية “بدعم أمريكا الثابت لسيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها”، في حين كانت كييف تنتظر المزيد من الدعم العسكري الأمريكي، لولا التبدل المفاجئ في نهج ترامب تجاه أوروبا.

وطيلة فترة الحرب الروسية-الأوكرانية، كانت الولايات المتحدة تمدّ أوكرانيا بمعدات دفاع جوي فائقة التطور، بما في ذلك ثلاث بطاريات صواريخ أرض-جو من طراز باتريوت.

كما شملت المساعدات 12 نظامًا دفاعيًا آخر من طراز “ناسام” وأنظمة ذخائر من طراز “هوك”، إلى جانب نحو 3 آلاف صاروخ من طراز “ستينغرز”. ناهيك عن 21 رادار مراقبة جوية، ومعدات من شأنها دمج القاذفات والصواريخ بالأنظمة الأوكرانية.

ماذا قدمت أوروبا لأوكرانيا؟

في المقابل، قدّم الاتحاد الأوروبي ما يقرب من 145 مليار دولار من المساعدات العسكرية، التي تتراوح بين الذخيرة وأنظمة الدفاع الجوي ودبابات “ليوبارد” والطائرات المقاتلة، وفقًا لما هو منشور في قسم المساعدات لأوكرانيا على الموقع الإلكتروني للاتحاد.

ويقول الأخيرإنه يعتبر أكبر مزود للتدريب العسكري للقوات المسلحة الأوكرانية، حيث تم تدريب 73,000 عسكري أوكراني في إطار بعثة المساعدة العسكرية للاتحاد الأوروبي.

في هذا السياق، تصاعدت المخاوف الأوروبية من توقف الدعم الأمريكي لأوكرانيا، واستضافت بريطانيا، على إثر المشاحنة الأخيرة بين ترامب وزيلينسكي، قمة طارئة جمعت 18 دولة حليفة لبحث أفق المرحلة القادمة.

وناقشت القمة الأوروبية احتمال الذهاب نحو هدنة جزئية، وتشكيل “تحالف من الدول الراغبة” لمعالجة تداعيات انسحاب واشنطن.

كما جرى طرح ملفات جادة بشأن ضرورة تعزيز القدرات الدفاعية في أوروبا، وهو ما دعت إليه رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين قائلة إنه “يجب إعادة تسليح أوروبا بشكل عاجل”.

أوروبا بين زيادة الانفاق العسكري والذهاب نحو تسوية سياسية

وخلال القمة، أبدى القادة الأوروبيون استعدادهم لتحمل المزيد من الأعباء بغية دعم كييف، لتعويض الفراغ الأمريكي.

في هذا السياق، قد تكون أوروبا أمام عدة مستحقات، منها تعويض أنظمة الدفاع الجوي مثل “باتريوت” التي تنتجها واشنطن، ومنظومة “ستارلينك” الأمريكية للاتصالات الفضائية المملوكة من قبل الملياردير إيلون ماسك.

ويعد هذا الهدف أمرًا صعبًا قد يُحمّل الحكومات الأوروبية رفع الإنفاق الدفاعي إلى ما بين 3 و3.5 %، إلى جانب تطوير القدرات العسكرية الذاتية.

في المقابل، تشير الباحثة ماريا سنيغوفايا، كبيرة الزملاء في برنامج أوروبا وروسيا وأوراسيا بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إلى أن الاتحاد يمتلك القدرة على تعويض الغياب الأمريكي، إذ يمكن لأوروبا أن تسد فجوة المساعدات الأمريكية من خلال شراء المعدات العسكرية، وإعادة إرسالها إلى كييف.

كما يمكن للاتحاد أن يستفيد من الأصول الروسية المجمدة التي تشكل أكثر من 200 مليار يورو، وتحويلها إلى أوكرانيا، فضلًا عن إمكانية اقتراضه المال.

اعلان

من جهة أخرى، يرى مراقبون آخرون أن تركيز أوروبا على زيادة الإنفاق العسكري لن يكون كافيًا لتعويض الدعم الأمريكي بالكامل، نظرًا لمعاناة الدول الأوروبية من مشكلات مالية واقتصادية، فضلًا عن انخفاض المخزون الاستراتيجي في السنوات الأخيرة. لذلك، فإن هناك خشية من أن تذهب القارة العجوز نحو تسوية سياسية، يكسب فيها ترامب الرهان.

شاركها.
Exit mobile version