مرة أخرى، تحاول روسيا إعادة العمل بخط النفط الذي يصل الحقول النفطية العراقية مع ميناء بانياس السوري، وسط اعتقاد من موسكو أن الظروف باتت مواتية لإعادة العمل بهذا الخط الذي من شأن تفعيله توفير كميات كبيرة من النفط الذي يحتاج إليه نظام أسد، إلى جانب حصولها على إيرادات مالية من الموانئ السورية الخاضعة لسيطرتها.
ويبدو أن روسيا ترى في المفاوضات التي تُعقد بين الولايات المتحدة الأمريكية ونظام أسد حول الصحفي الأمريكي المختطف من قبل النظام أوستن تايس، فرصة لتمرير هذا المشروع، رغم تعارضه مع عقوبات قانون “قيصر”.
فبعد نحو عام من تأكيد مصادر سياسية عراقية أن روسيا تضغط على القوى السياسية، عبر سفارتها في بغداد، لإحياء المشروع، أثارت وسائل إعلام روسية الحديث مجدداً عنه.
وبحسب وكالة “سبوتنيك” الروسية، كشف وزير التجارة العراقي أثير الغريري، أنه خلال اجتماع عقده مع وزير النفط والثروة المعدنية لدى النظام فراس حسن قدور، تم تبادل وجهات النظر حول إطلاق الاستثمارات في مجال النفط والطاقة بكلا البلدين من خلال تقديم التسهيلات للشركات العراقية الراغبة في الاستثمار في مجال النفط في سوريا، والتي بدورها ستضمن إعادة العمل بأنبوب نفط “كركوك – بانياس” الذي يربط آبار النفط العراقية بالموانئ السورية.
واعتبر الوزير العراقي أن إعادة تشغيل أنبوب نفط “كركوك – بانياس” سيكون مفصلياً، وسيساهم في تخليص سوريا من أزمتها النفطية الحالية خاصة أن أغلبية آبارها النفطية خارج السيطرة.
وتابع الوزير العراقي بأن السيناريوهات المرجحة لإعادة الضخ عبر أنبوب “كركوك – بانياس” تتركز حول إسناد عمليات إصلاح ما تم تخريبه في الأراضي العراقية إلى بغداد، وبالمقابل يتكفل النظام بإصلاح الأَضرار التي أصابت خط الأنابيب الموجود في أراضيه.
عقوبات قيصر
ورغم تعارض المشروع مع العقوبات الأمريكية المفروضة على النظام (قيصر)، إلا أن الإعلامي والسياسي المعارض المقيم بالولايات المتحدة أيمن عبد النور، يرى أن هناك احتمالية لإعطاء موافقة من الإدارة الأمريكية على إحياء خط نفط كركوك- بانياس، على غرار إعطاء واشنطن الموافقة “الشفهية” على مشروع خط الغاز المصري إلى لبنان عبر الأردن مروراً بسوريا.
ويضيف عبد النور لـ”أورينت نت” أن الإدارة الأمريكية في الغالب ستطلب من النظام مقابل تمرير المشروع، أي غض الطرف تحت مبرر أن استفادة النظام من المشروع قليلة.
ويستدرك بقوله: ” لكن إحياء هذا المشروع أمامه صعوبات كثيرة، أولها الكلفة العالية لصيانة الأنابيب، والجهات التي تتولى أمن وحراسة الخط، الذي يمر بالبادية السورية التي تنشط فيها خلايا تنظيم الدولة (داعش)”، معتبراً أن “العمل بهذه المشاريع الكبيرة يكاد يكون مستحيلاً قبل تحقيق الاستقرار وتطبيق الحل السياسي”.
رئيس المجلس السوري- الأمريكي فاروق بلال، قلل من حظوظ تمرير هذا المشروع، رغم التطبيع العربي مع النظام السوري، قائلاً لـ”أورينت نت”: “التطبيع لن يتطور لملفات إستراتيجية مثل النفط وإعادة الإعمار، في وجود عقوبات قيصر”.
ويقول بلال: إن “التعاون النفطي مع النظام يتعارض مع قيصر، إلا في حال وجود تصريح خاص أو استثناء من قبل الإدارة الأمريكية، وهذا لم يحصل حتى مع مشروع الغاز العربي، حيث رفض البيت الأبيض إعطاء إعفاء خطي لمصر والأردن، واكتفى بالإعفاء الشفهي، وهو ما عرقل العمل بالمشروع للآن”.
وأنبوب تصدير النفط العراقي – السوري “كركوك – بانياس” يعود إلى 1952، عندما نفذته شركة “بريتيش بتروليوم” البريطانية بعد الحرب العالمية الثانية، وتم تشغيله لفترات متقطعة، وتوقف العمل به قبيل اندلاع الثورة السورية، وتعرض لضرر كبير نتيجة استهدافه من قبل “التحالف الدولي” في العراق وسوريا.
دعاية روسية
ويوضح المستشار الاقتصادي الدولي ورئيس “مجموعة عمل اقتصاد سوريا” أسامة قاضي، أن الخط يحتاج لصيانة مكلفة، ويقول: إذا كان لدى الجانب العراقي القدرة المالية على صيانة الخط من الجانب العراقي، لكن النظام ليس لديه القدرة، وروسيا في الوقت ذاته غير مستعدة للدفع، وتنتظر الأموال (إعادة الإعمار)”.
وفي حديثه لـ”أورينت نت” يؤكد أن تمرير المشروع يحتاج إلى موافقة أمريكية، لأنه يمر بمناطق خاضعة لنفوذ واشنطن، وتجاوز قانون “قيصر”، مضيفاً: “تسوق روسيا للمشروع، متطلعة إلى تحقيق مكاسب اقتصادية نتيجة سيطرتها على الموانئ الروسية”.
وبذلك، يقلل من حظوظ إحياء هذا المشروع، مختتماً بقوله: “لا تخرج المداولات عن المشروع عن إطار الترويج الروسي بأن النظام يمتلك موارد مالية كبيرة”.