إسطنبول- في واحدة من أكثر الحملات الانتخابية سخونة، أطلقت الأحزاب السياسية التركية ومرشحوها للرئاسة الكثير من الوعود الانتخابية، ورغم عدم واقعية كثير منها فبعضها يوصف بأنه من أغرب الوعود وأكثرها إثارة للجدل، كما اتصف بعضها بالطرافة.
ليست الوعود الانتخابية المبالغ فيها جديدة على الناخب التركي، فقد حفرت بعضها في ذاكرة الأتراك حتى تحولت في بعض الأحيان إلى أمثال شعبية، مثل “مهما دفع غيري سأدفع فوقه 5 ليرات”، وهي المقولة التي أطلقها الرئيس الأسبق سليمان ديميريل خلال حملته الانتخابية، وحفظها التاريخ، محاولًا من خلالها قطع الطريق على منافسيه.
كما اشتهرت رئيسة الوزراء السابقة وزعيمة حزب الطريق القويم تانسو تشيلر بوعودها بشأن جعل كل مواطن يملك مفتاحين؛ واحد لمنزله والآخر لسيارته، في حين كانت أغرب وعود حزبها في انتخابات عام 1991 تنص على التعهد بجعل جدران مراكز الشرطة مصنوعة من الزجاج الشفاف، وقادت هذه الوعود على ما يبدو حزب “الطريق القويم” إلى الفوز بالمركز الأول في الانتخابات.
وفي ما يلي بعض أغرب الوعود الانتخابية التي أطلقها ساسة أتراك في حملاتهم الانتخابية في سياق التحضير لانتخابات 14 مايو/أيار 2023.
الرئيس أردوغان: نصف الأشياء التي وعدوا بتنفيذها قمنا نحن بتحقيقها، والنصف الآخر هي وعود سخيفة. هل تُترَك البلاد لأمثال هؤلاء؟! #ترکیا #MTurkTV اشترك بقناة ميديا ترك على التليجرام https://t.co/VhDfWdOeoL pic.twitter.com/ctJseYRvvQ
— ميديا ترك – Media Türk Tv (@MturkTv) May 8, 2023
بيوت وخدمات مجانية للمواطنين
في أحد تطبيقات الماركسية التقليدية، أعلن الحزب الشيوعي التركي في بيانه الانتخابي أنه في حال فوزه بالانتخابات القادمة -التي عنونها بعبارة “خلال أسبوع واحد فقط”- سيجعل الماء والكهرباء والغاز والنقل الجماعي وإيجار البيوت مجانا، وسيصادر جميع البيوت من شركات الإنشاءات ويوزعها على المحتاجين.
ولا يتمتع الحزب الشيوعي التركي بشعبية، ولا يملك أي نائب في البرلمان، إلا أنه فاز في الانتخابات المحلية في 2019 برئاسة بلدية ولاية تونجلي ذات الأغلبية الكردية، وتكتسب وعوده هذه أهمية خاصة في هذه الانتخابات تحديدًا بسبب تدني مستوى المعيشة بشكل عام، حيث إن ما يعانيه الاقتصاد التركي من تضخم يعد من بين الأعلى على مستوى العالم.
لا طعام فاخرا للقطط
عرف عن رئيس حزب الشعب الجمهوري ومرشح المعارضة للرئاسة كمال كليجدار أوغلو غزارة وعوده الانتخابية، إضافة إلى برنامج حزبه الانتخابي وكذلك اتفاق السياسات المشترك للطاولة السداسية، ولقيت بعض وعوده انتقادات من قبل الحكومة، إما لأنها مبالغ بها، أو لأنها قد تحققت بالفعل على يد الحكومة الحالية.
ففي أحد فيديوهاته التي نشرها على حسابه في تويتر، تعهد كليجدار أوغلو بإعفاء من يتلقون الحد الأدنى للأجور من ضريبة الدخل، وهو ما سارع المسؤولون إلى انتقاده على اعتبار أنه إجراء كانت الحكومة اتخذته قبل عامين ودخل حيز التنفيذ منذ مطلع العام الماضي.
وفي وعد آخر يوصف بالطرافة، نشر كليجدار أوغلو في حسابه على إنستغرام صورة له مع قطة “شيرو” في مقر حزبه، وعلق عليها بالقول إنه شرح له آخر ما يعمل عليه، “بعدما أصبح (القط شيرو) من أرباب السياسة في أروقة الحزب”، وأضاف “لقد قطعت على نفسي عهدا مع شيرو، عندما نأتي إلى السلطة سنتخلى عن طعام القطط الفاخر، فنحن سنحب الجميع، بما فيهم القطط والزهور والحشرات، فالرحمة فضيلة”.
قانون الأسئلة التي لا تسأل
وفي منصة أخرى، خرج كليجدار أوغلو بفيديو عبر حسابه -الذي أنشأه حديثًا في “تيك توك”- متعهدًا بالعمل على إصدار قانون يمنع طرح أسئلة تنم عن تمييز أو عدم مساواة، موضحا ذلك قائلًا “عندما أصبح رئيسا للجمهورية سأقضي على الوسائط والمحسوبيات”.
وأضاف “هل أنت متزوج؟ هل أنت أعزب؟ هل أنت غير محجبة؟ هل أنت محجبة؟ هل سيكون لديك أطفال؟ وهل أنت من برج الجوزاء؟ ستصبح هذه الأسئلة من الماضي بعد 14 مايو/أيار، متابعا “السيد كمال سيعمل على إصدار قانون الأسئلة التي لا تُسأل وسأكون رئيسا للجميع”.
أثناء وجوده في المسجد لأداء صلاة الجمعة.. رئيس حزب النصر #اوميت_اوزداغ يستنكر عدم ذكر #اتاتورك في خطبة الجمعة أثناء حديث الخطيب عن ذكرى معركة #ملاذكرد pic.twitter.com/emZF255Sfg
— Hasan İsmail-حسن إسماعيل (@Hasanismailmoq) August 26, 2022
أتاتورك في خطب الجمعة
وتعهد رئيس حزب البلد والمرشح للرئاسة محرم إنجه -المنشق عن حزب الشعب الجمهوري، الذي يؤكد مرارًا انتماءه للفكر الكمالي- بفرض ذكر اسم مؤسس الجمهورية التركية الحديثة مصطفى كمال أتاتورك في خطب الجمعة.
وقال إنجه إنه “في حال انتخابي رئيسًا للجمهورية سأقوم بعزل علي إرباش (رئيس الشؤون الدينية) لرفضه ذكر اسم أتاتورك في خطب الجمعة”، مضيفًا “لا بد من ذكر اسم أتاتورك في خطب الجمعة”.
وغير بعيد عن مقترح إنجه، تعهد حزب الشعوب الديمقراطية المعارض والموالي للأكراد في برنامجه الانتخابي بإلغاء رئاسة الشؤون الدينية واستبدالها برئاسة الشؤون الإيمانية، لتشمل جميع الأديان وفقًا لقادة الحزب.
الوصاية الدولية
أما رئيس حزب الرفاه الجديد فاتح أربكان -الذي انضم لتحالف الجمهور الحاكم، ولكنه يخوض الانتخابات بقوائمه الخاصة- فقد تعهد في حال فوز حزبه في الانتخابات بالعمل تحت قبة البرلمان لرفع ما سماه “وصاية خارجية” مفروضة على 3 وزارات وطنية، في ادعاء قابله كثير من المواطنين بالاستغراب.
وقال أربكان “نأمل أن نكافح بشكل أكثر فاعلية في البرلمان لإنقاذ وزارة الزراعة لدينا من سيطرة مؤسسة بيل غيتس، وتخليص وزارة الصحة من وصاية منظمة الصحة العالمية، وتحرير وزارة التربية والتعليم الوطنية من وصاية لجنة فولبريدج الأميركية.
ولا يوضح أربكان كيفية سيطرة هذه المؤسسات الخارجية المذكورة على الوزارات ولا نوع الوصاية التي تمارسها عليها، في حين وردت هذه الوعود في قائمة مطالب كان حزب الرفاه الجديد قد تقدم بها لحزب العدالة والتنمية كشرط للانضمام إلى تحالف الجمهور.
13 مليون لاجئ
يعرف رئيس حزب الظفر القومي أوميت أوزداغ بمواقفه المناوئة للاجئين والأجانب ويعد ملف اللجوء في البلاد أهم أركان حملته الانتخابية، إلا أن برنامجه الانتخابي نص على أرقام وجداول زمنية قد تكون الأكثر مبالغة في هذا الصدد.
فقد تعهد أوزداغ بأن حزب الظفر الذي يقوده هو الوحيد الذي سيرسل 13 مليون “لاجئ وهارب في تركيا إلى وطنهم بالقوة في غضون عام”.
يذكر أن الطاولة السداسية أو تحالف الأمة المعارض الذي قدم كليجدار أوغلو مرشحًا مشتركًا للرئاسة تعهد بحل ملف اللاجئين وإعادتهم إلى بلادهم في غضون عامين في ظروف مواتية.
حزب “الظفر” التركي يعلق ملصقات بعبارة “ألم تشتاقوا؟” بالعربية مع رمز “باركود” يقود لخريطة الطريق إلى #سوريا pic.twitter.com/iMmBYIVsf8
— قناة الجزيرة (@AJArabic) May 1, 2023
1500 دولار
وتعهد مرشح الرئاسة عن تحالف الأجداد سنان أوغان برفع الحد الأدنى للأجور في البلاد إلى 30 ألف ليرة تركية (1500 دولار أميركي) شهريا ليتطابق مع خط الفقر، ويعد هذا الرقم أعلى بفارق كبير عن الرقم الذي تعهد به مرشح تحالف الأمة كليجدار أوغلو في هذا الصدد والذي وصل إلى 24 ألف ليرة تركية.
وقال أوغان إن “موظفينا حصلوا على الحد الأدنى للأجور، لكنني أعدكم برفعه إلى خط الفقر”، موضحا أن خط الفقر لأسرة مكونة من 4 أفراد هو 30 ألف ليرة، أما خط الجوع فيبلغ 9 آلاف و500 ليرة، وهو أعلى من الحد الأدنى للأجور الحالي (8500 ليرة شهريا).
وعلى مدى العقدين الأخيرين، لم يتجاوز الحد الأدنى للأجور حاجز 500 دولار، حيث أعلنت الحكومة مطلع العام الجاري رفع الحد الأدنى إلى 8500 ليرة، ولذلك يرى مراقبون أن وعد 30 ألف ليرة غير قابل للتطبيق.