غزة– كشفت شهادات خاصة حصلت عليها الجزيرة نت من صحفيين فلسطينيين اعتقلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال حربها على قطاع غزة وأفرجت عنهم مؤخرا، عن تكثيف التحقيق معهم وجمع معلومات عن عدد من الصحفيين العاملين في الميدان وطبيعة عمل المؤسسات الإعلامية.

وأظهرت الشهادات أن قوات الاحتلال استهدفت عددا من الصحفيين الذين ترددت أسماؤهم خلال التحقيق مما أدى لاستشهاد بعضهم في وقت لاحق وإصابة آخرين، في تطور خطير يبرز نوايا الجيش الإسرائيلي تجاه الصحفيين الفلسطينيين.

"اطلبوا من حماس تعالجكم".. أسير محرر يكشف فظائع التعذيب في سجون إسرائيل

استهداف الصحفيين

في منتصف مارس/آذار 2024 اعتقلت قوات الاحتلال، الصحفي الفلسطيني يوسف شرف خلال اقتحامها مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة، وأخضعته للتحقيق 3 مرات خلال تنقله في عدة معتقلات.

يقول شرف الذي أُفرج عنه قبل أسبوعين ضمن المرحلة الأولى لاتفاق وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، إن التحقيق معه من قبل جهازي الاستخبارات العسكرية “أمان” والأمن العام “الشاباك” تركز حول عمله الصحفي والزملاء العاملين في الميدان، وطلب المحقق منه معلومات عن 10 صحفيين.

وأوضح شرف أن أسئلة المحقق في جلسة التحقيق الأولى التي خضع لها في يونيو/حزيران 2024 شملت عرض صورة لمراسل قناة الجزيرة في غزة الصحفي إسماعيل الغول وسؤاله حول علاقته به وعمله الصحفي.

واغتالت قوات الاحتلال الصحفي الغول نهاية يوليو/تموز 2024 باستهداف مباشر لسيارته الصحفية مما أدى لاستشهاده وزميله المصور الصحفي رامي الريفي.

وفي سرده لأسماء الصحفيين الذين عُرضت صورهم أمامه وسؤال المحققين عن طبيعة عملهم، تبين أن أحدهم (تتحفظ الجزيرة نت على نشر اسمه) تعرض لاستهداف مباشر في وقت لاحق من الحرب، وأصيب بجراح خطيرة.

وشملت جلسات التحقيق الثلاث ذات الأسئلة عن الصحفيين، وتركز استجواب شرف عن طبيعة عمل قناة الجزيرة، ومحاور التغطية التي تطلبها من الصحفيين.

وادعى المحققون أن الصحفيين يعرفون كل شيء، ويتطلب عملهم التواصل مع فصائل المقاومة الفلسطينية، ويتمكنون من التصوير داخل الأنفاق ومناطق عسكرية حسب وصفهم، ومنازل شخصيات قيادية، مما يعني أن الصحفيين قادرون على جمع الكثير من المعلومات، ويمكن الاستفادة منها خلال عملية التحقيق.

واتهم المحققون الإسرائيليون، الصحفيين الفلسطينيين بتجاوز الحدود الشرقية لقطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ومشاركتهم في معركة طوفان الأقصى، واجتهد المحققون بمحاولة الوصول للعاملين في الإعلام العسكري التابع لفصائل المقاومة الفلسطينية.

التهديد بالقتل

وفي نهاية يناير/كانون الثاني 2024 اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي الصحفي الفلسطيني أمين بركة أثناء وجوده في المناطق الغربية لمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، وخضع لـ7 جلسات تحقيق تمحورت في إطار عمله الصحفي.

وتركز التحقيق مع بركة الذي قضى في السجن 333 يوما وأُطلق سراحه قبل أسبوع حول كيفية حصول الصحفيين على الفيديوهات التي تبثها فصائل المقاومة الفلسطينية خلال معركتها مع جيش الاحتلال، والسؤال عن مصادر المعلومات التي يتواصل معها، واتهمه المحققون بالتعامل مع قنوات تلفزيونية وصفوها بالإرهابية، خاصة قناة الجزيرة.

وتعرض الصحفي بركة الذي تحدث للجزيرة نت للشبح والتعذيب في مناطق الخصيتين والكلى والمعدة ووضع المحقق رأسه في سلة القمامة، وهدده بقتل عائلته كما فعلوا مع أسرة الصحفي وائل الدحدوح مراسل قناة الجزيرة بغزة.

وعرض المحققون على بركة صور عدد من الصحفيين من بينهم إسماعيل الغول، وتامر المسحال وسألوه عن طبيعة عملهما في قناة الجزيرة.

وتطرق التحقيق لأسئلة تتعلق بالمؤسسات الإعلامية التي عمل فيها، ومديريها، وكيف يتلقى الصحفيون رواتبهم.

واتهم المحققون، الصحفيين الفلسطينيين بأنهم يشكلون خطرا أكثر من العناصر المسلحة لأنهم يشوهون صورة إسرائيل، حسب زعمهم.

205 شهداء

وقال مدير منتدى الإعلاميين الفلسطينيين محمد ياسين، إن قوات الاحتلال الإسرائيلي لا تتوقف عن القتل المتعمد للصحفيين، وتعذيب الأسرى منهم بشتى الوسائل، وتعمد الحط من كرامتهم واعتقالهم بظروف غير إنسانية، ظهرت آثارها على أجساد الأسرى الصحفيين الذين تحرروا مؤخرا.

وأكد ياسين للجزيرة نت أن شهادات الصحفيين المحررين، تؤكد بث الرعب في قلوبهم، ومحاولة الاحتلال كسر إرادتهم، لا سيما أن المحققين ركزوا استجوابهم حول زملائهم العاملين في الميدان، وذلك بهدف نشر الترهيب المعنوي بين الصحفيين وثنيهم عن مواصلة عملهم.

وطالب مدير منتدى الإعلاميين الفلسطينيين بضرورة تدخل المؤسسات الدولية المعنية بحقوق الصحفيين لوقف الترهيب الذي تنتهجه قوات الاحتلال بحق الصحفيين، وممارسة الضغط على الاحتلال الإسرائيلي لإلزامه بتوفير الحماية لهم.

وفي ذات السياق، قال إسماعيل الثوابتة مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إن قوات الاحتلال الإسرائيلي اغتالت خلال الحرب 205 صحفيين، في حين بلغ عدد المصابين 399 آخرين، واعتقلت 48 صحفيا.

وأوضح في حديث خاص للجزيرة نت أن قوات الاحتلال دمرت 62 مقرا لصحف ومحطات إذاعية ومواقع إلكترونية وقنوات فضائية فلسطينية ومكاتب فضائيات عربية ودولية، بالإضافة إلى 4 مطابع كبرى.

وبلغ عدد أُسر الصحفيين الذين تم اغتيالهم باستهداف مباشر 26 أسرة، كما دمر الاحتلال الإسرائيلي 39 منزلا للصحفيين.

شاركها.
Exit mobile version