ذكر موقع “ميديا بارت” (Mediapart) أن عددا من النواب الفرنسيين عبّروا عن قلقهم من عدم قدرتهم على انتقاد إسرائيل، وذلك على خلفية مناقشات ساخنة اندلعت مؤخرا داخل البرلمان بخصوص الموقف من بعض القرارات الإسرائيلية، خاصة ما تعلق منها بالاستيطان.
وأمس الخميس، رفضت الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان) بأغلبية 199 صوتا مقابل 71 مشروع قانون تقدم به نواب الحزب الشيوعي الفرنسي لإدانة “مأسسة إسرائيل لنظام الأبارتهايد”، في حين دعا جزء من تيار اليسار داخل الجمعية الوطنية لتبني مشروع قرار أكثر “اقترابا من القانون الدولي”.
وقد أوضح النائب جان-بولس لوكوك، محرر مشروع القانون، أنه وفريقه متشبثون “بوجود دولة إسرائيل”، لكنه دافع عن حقه هو وغيره في انتقاد “الانحراف غير الليبرالي والاستعماري لهذه الدولة” من دون أن يوصم من ينتقدها بمعاداة السامية أو معاداة الصهيونية.
وسعى نواب الحزب الشيوعي في مشروع القرار -الذي رُفض- إلى إضفاء الشرعية القانونية على مقاطعة البضائع المستوردة من إسرائيل، علما أن عمل حركة مقاطعة إسرائيل “بي دي إس” (BDS) مجرّم سياسيا وقضائيا في فرنسا.
تباين
ووصف النائب عن حزب “النهضة” (Renaissance) ورئيس مجموعة مناهضة معاداة السامية ماثيو لوفيفر مشروع القانون بأنه يعكس “كراهية وجودية لدولة إسرائيل”، معبرا عن رفضه ما سماه “جلب” مثل هذا الصراع الأجنبي للنقاش الداخلي، لأنه يغذي معاداة السامية، على حد تعبيره.
وحسب تقرير ميديا بارت، فقد عمل جزء من تيار ماكرون بنشاط على إخماد أي نقاش عن السياسة الإسرائيلية، على الرغم من نفي بعضهم ذلك، مؤكدين أن فرنسا وإن كانت لا تتدخل في الشؤون الداخلية لإسرائيل، فانتقادها حق لمن أراد، مضيفين “نحن لا ننتقد دولة إسرائيل، بل الحكومة الإسرائيلية”.
لَبس
لكن هذا “التوضيح” لم يزد الأوضاع إلا لبسا، إذ ذكر تقرير ميديا بارت أن إقرار قانون يدين كل خطاب “معاد للصهيونية” عام 2019 -بعد أشهر قليلة من مقتل عجوز فرنسية من أصل يهودي- يجعل من الصعب تصنيف انتقاد الحكومة الإسرائيلية على أنه انتقاد سياسي عادي.
وهو ما جعل أحد نواب حزب “النهضة” يصرح لميديا بارت بأنه “بمجرد ما نتخذ بعض المواقف القريبة من الموقف الفلسطيني، نُتهم بأننا معادون للسامية، وتُدنس سمعتنا، لذلك نفضل السكوت”.
كما نقل الموقع عن نائب آخر من الحزب نفسه قوله “ما لا يمكن تقبله هو تكريس مفهوم أن انتقاد إسرائيل يعني أنك معاد للسامية، هذا يجعلني حزينا لأني أرى أن مواضيع كبيرة -على هذه الدرجة من الحساسية- يُتعامل معها بهذا الأسلوب”.
وقد كانت حالة المحامي الفرنسي من أصل فلسطيني صلاح حموري مؤشرا على حالة الخلاف العمومي الحاد حول إسرائيل، إذ دانت الحكومة الفرنسية ديسمبر/كانون الأول 2022 قرار ترحيله إلى فرنسا، في حين سارع ماثيو لوفيفر، النائب عن حزب “النهضة” ورئيس مجموعة مكافحة معاداة السامية، وقتها لتقديم لائحة اتهام ضد حموري، واصفا إياه بالشخصية “الكارثية”.
وقد سخر عضو الحزب الشيوعي بيير داريفيل من الخطوة التي أقدم عليها لوفيفر قائلا “إنها إسرائيل التي تتحدث”.