واشنطن- رغم اعتبار هيئة المحلفين بمحكمة بولاية نيويورك الرئيس السابق دونالد ترامب مسؤولا عن “الاعتداء الجنسي” على سيدة أميركية في الولاية، فلا يوجد أي سبب للاعتقاد بأن موقف ترامب باعتباره المرشح الأوفر حظا لترشيح الحزب الجمهوري يتعرض لأي تهديد مباشر.
ويدور الحديث عن اعتداء جنسي تعرضت له المواطنة آي جان كارول، داخل متجر شهير في نيويورك عام 1996، وحُكم لها بتعويض قيمته 5 ملايين دولار عن التشهير والأضرار التي تسبب فيها ترامب.
لكن خلال ظهوره في مقابلة مع شبكة “سي إن إن” مساء الأربعاء الماضي، تعامل ترامب كمرشح فعلي للحزب الجمهوري في انتخابات 2024 الرئاسية، وأظهر عدم اكتراث بالانتخابات التمهيدية التي عليه خوضها من أجل الفوز بالترشح على بطاقة الحزب الرئاسية.
زيادة الانتقادات.. ولكن
ودفعت إدانة ترامب بهذه التهم إلى تساؤلات حول أهليته للمنصب، كما زادت من انتقادات عدد من المشرعين الجمهوريين. وقال السيناتور كيفين كرامر من ولاية داكوتا الشمالية “هذا وعدة أشياء أخرى تجعلني أتساءل عما إذا كان ترامب سيكون أفضل مرشح للحزب”، وأضاف “أفضّل أن يكون لدي رئيس ليس لديه هذا التاريخ المشين، ولكن في الوقت نفسه، في مرحلة ما، سيكون هناك خيار آخر، وهذا ما سنقوم به”.
في حين قال النائب دون بيكون، من ولاية نبراسكا “أعتقد أنه سيخسر، لن يفوز بالبيت الأبيض. ومن المحتمل أن يتسبب في خسارتنا لأغلبية مجلس النواب ومجلس الشيوخ”.
ويواجه ترامب اتهامات جنائية منفصلة في قضايا عدة، إحداها تتعلق بدفع 130 ألف دولار لنجمة أفلام إباحية مقابل صمتها عن الحديث للإعلام إبان انتخابات 2016 عن علاقتها السابقة به. إضافة لانتظاره ما إذا كان سيواجه اتهاما في تحقيقات منفصلة بمحاولته تغيير نتائج انتخابات 2020 في ولاية جورجيا، إلى جانب قضية احتفاظه بوثائق سرية حكومية في منزله بفلوريدا دون وجه حق، والتحقيقات حول دوره في اقتحام أنصاره للكونغرس في السادس من يناير/كانون الثاني 2021.
ورغم كل هذه المتاعب القانونية، يحق لترامب الترشح للرئاسة طالما لم يبادر هو بالانسحاب من سباق الحزب الجمهوري، في الوقت الذي لم تطالبه قيادات الجمهوريين بمجلس النواب والشيوخ بالانسحاب. وهو ما يعكس حجم هيمنته على الحزب في الوقت الراهن.
صمت المنافسين
تهرّب رئيس مجلس النواب كيفن مكارثي، إضافة إلى زعيم الجمهوريين بمجلس الشيوخ السيناتور ميتش ماكونيل، من الإجابة عن أية أسئلة تتعلق بإدانة ترامب.
غير أن الأكثر غرابة هو صمت منافسي ترامب ممن أعلنوا رسميا خوض السباق الرئاسي التمهيدي في الحزب الجمهوري، وكذلك المرشحين المحتملين أيضا.
وينبع عدم تعليق هؤلاء من رغبتهم في عدم إغضاب الكتلة الجمهورية الضخمة من مؤيدي ترامب. إلا أن حاكم ولاية أركنساس السابق آسا هاتشينسون، الذي حصل على 1% في استطلاع حديث أجرته “واشنطن بوست” وشبكة “إيه بي سي نيوز” بين الناخبين الجمهوريين، كان الاستثناء، إذ هاجم ترامب وقال إن المحلفين في هذه القضية أصدروا حكما يعني أن ترامب لم يعد مؤهلا للخدمة، وأن الجمهوريين يجب أن يأخذوا في الاعتبار الآثار الانتخابية لوجود مثل هذا المرشح على بطاقة الحزب.
هل يؤثر على أصوات النساء والمتأرجحين؟
ليست هذه المرة الأولى التي تُثار فيها أسئلة حول معاملة ترامب للنساء، وكيف يمكن أن يؤدي ذلك إلى إبعاد بعض الناخبين، ويدور الجدل الآن حول ما إذا كانت هذه المرة مختلفة.
وترى أليسا فرح غريفين، مديرة الاتصالات السابقة في البيت الأبيض في عهد ترامب، أن إدانته بجريمة “الاعتداء الجنسي” ستحرمه من أصوات الكثير من النساء.
لكن البعض يشكك في ذلك، حيث هناك سابقة في انتخابات 2016 التي أظهرت سوء سلوك ترامب تجاه النساء، مثل حالة فيديو “آكسس هوليود” (Access Hollywood) حيث تلفظ بعبارات جنسية نابية، ولم يُبعد ذلك النساء عن التصويت له.
ويرجع ذلك لطبيعة علاقة ترامب بالقاعدة الانتخابية المؤيدة له، فهي علاقة عاطفية بالأساس حيث يعتبرونه ممثلهم في مواجهة النخب السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تنظر لهم بدونية. لذلك، من الصعب رؤية أنصار الرئيس السابق ينقلبون ضده بسبب هذه القضية.
ودفع ذلك بالنائب مات غايتز من ولاية فلوريدا، ويعد من أكثر المؤيدين بمجلس النواب لترامب، للتأكيد “أن هذا الحكم لن يُحدث فرقا كبيرا”.
وفي حديث مع الجزيرة نت، قالت ماري ساسون، وهي ناخبة جمهورية صوتت لترامب عامي 2016 و2020، إنها ستصوت لصالحه مرة أخرى إذا أصبح المرشح الجمهوري في الانتخابات الرئاسية. إلا أنها عبرت عن قلقها من عزوف الكثير من النساء عن التصويت له “بسبب سلوكياته معهن”. وأكدت أنها لا تصدق ادعاء السيدة باغتصاب ترامب لها.
وكان ترامب قد فاز في انتخابات 2020 بأصوات 42% من النساء، وفي انتخابات 2016 فاز بأصوات 44% منهن.
استطلاعات تدعم ترامب
وتشير أحدث استطلاعات الرأي إلى أن ترامب لا يزال المرشح الأوفر حظا للفوز بترشيح الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة عام 2024، رغم القضايا التي تهدد بعرقلة فرصه.
وتحسنت فرص الرئيس السابق في الفوز بالانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في أعقاب ظهوره في محكمة مانهاتن بعد توجيه اتهامات جنائية له، ثم إدانته في قضية الاعتداء الجنسي، بل تُظهر الاستطلاعات أن ترامب وسّع من تقدمه على أكبر منافسيه، حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس.
وأظهر استطلاع حديث أجرته مؤسسة “مورنينغ كونسلت” (Morning Consult) شمل 3574 ناخبا جمهوريا أن ترامب يتقدم على ديسانتيس في سباق الترشح على بطاقة الحزب بنسبة 60% مقابل 19%.
جاء ذلك في الوقت الذي يستمر فيه تفوق ترامب في الاستطلاعات على المستوى القومي، إذ كشف استطلاع أجرته صحيفة “واشنطن بوست” بالتعاون مع شبكة “إيه بي سي نيوز” بين 28 أبريل/نيسان والثالث من مايو/أيار وشارك فيه 1006 ناخبين، عن حصول بايدن على نسبة 38% من الأصوات، مقابل 45% لترامب، ولم يقرر 18% من الناخبين بعد لمن ستذهب أصواتهم.