كتبت- سها ممدوح: أعلنت هيئة تنشيط السياحة الأردنية عن تحقيق رقم قياسي في أعداد الزوار القادمين من دول مجلس التعاون الخليجي خلال عام 2024، في إنجاز يعكس المكانة المتزايدة للأردن كوجهة سياحية رئيسية في المنطقة.
وبلغ عدد الزوار الخليجيين القادمين إلى الأردن أكثر من 1.32 مليون زائر في عام 2024، مسجلاً زيادة بنسبة 15% مقارنةً بـ 1.15 مليون زائر في عام 2023. ويُعد هذا الرقم واحداً من أعلى معدلات الزوار الخليجيين سنوياً، مما يعزز مكانة الأردن كوجهة مفضلة للمسافرين من دول الخليج، ويؤكد نجاح الاستراتيجيات السياحية التي تنتهجها المملكة.
وإلى جانب النمو في أعداد الزوار، شهد متوسط مدة إقامة السياح من جميع دول مجلس التعاون الخليجي نمواً ملحوظاً، مما يعكس اتجاهاً متصاعداً نحو قضاء عطلات أطول واستكشاف أعمق لمناطق الجذب السياحي المتنوعة في الأردن. وكان هذا التوجه واضحاً خلال أشهر الصيف وفترات العطلات الرئيسية، حيث اختار العديد من الزوار الجمع بين عدة وجهات سياحية ضمن خطط سفرهم.
وفي تعليق له على هذا النمو اللافت، قال الدكتور عبد الرزاق عربيات، المدير العام لهيئة تنشيط السياحة الأردنية: “تعكس النتائج المذهلة التي حققناها في عام 2024 تركيزنا الاستراتيجي على سوق دول مجلس التعاون الخليجي، إلى جانب تعزيز الروابط الثقافية والسياحية القوية التي تجمع الأردن بدول الخليج”.
وأضاف: “إن النمو الملحوظ في أعداد الزوار ومدد إقامتهم يؤكد أن التنوع الفريد الذي تقدمه السياحة الأردنية يلقى صدى واسعاً لدى المسافرين الخليجيين، الذين باتوا يرون في الأردن وجهة مفضلة سواء لقضاء إجازات قصيرة أو عطلات طويلة”.
عززت المملكة العربية السعودية موقعها الرائد في السوق السياحي الأردني خلال عام 2024، حيث بلغ عدد السياح السعوديون 1.158 مليون زائر، مسجلاً زيادة بنسبة 17% مقارنةً بـ 985,904 زائر في عام 2023.
وشهدت أشهر الصيف زيادة لافتة، حيث سجل شهرا يوليو وأغسطس ذروة وصول السياح السعوديين، بواقع 156,400 زائر في يوليو و141,007 زائر في أغسطس.
وتؤكد هذه الزيادة الملحوظة في السياحة الصيفية جاذبية الأردن المتزايدة كخيار بديل عن الوجهات الصيفية التقليدية، إذ توفر مناظره الطبيعية المتنوعة ودرجات الحرارة المعتدلة في المرتفعات ملاذاً هادئاً ومريحاً، مما يجعله خياراً مفضلاً لسكان دول مجلس التعاون الخليجي الباحثين عن مناخ أكثر لطفاً خلال الصيف وتجربة صيفية متميزة.
ويُدلل على ذلك العدد الإجمالي لزوار دول مجلس التعاون الخليجي في شهري يوليو وأغسطس، والذي سجل نمواً مطرداً على مدى السنوات الماضية – من 146,474 زائراً في يوليو 2023 إلى 172,494 في يوليو 2024، ومن 165,593 إلى 167,031 في أغسطس خلال نفس الفترة.
وحافظت الكويت على مكانتها كثاني أكبر سوق مصدرة للسياح من دول مجلس التعاون الخليجي إلى الأردن، حيث بلغ عدد الزوار الكويتيين 72,784 زائراً في عام 2024. وسجلت الإمارات العربية المتحدة 18,378 زائراً، بزيادة 11% مقارنة بـ 16,491 زائراً في عام 2023. وساهمت قطر بنحو 16,081 زائراً، بينما بلغ عدد الزوار القادمين من البحرين 34,309 زائراً ومن سلطنة عمان 22,716 زائراً، حيث أظهرت عُمان نمواً قوياً بنسبة 12% على أساس سنوي.
وبرز دور منظمي الرحلات السياحية بشكل ملحوظ، حيث أسهمت برامجهم المنظمة في إطالة مدة الإقامة وزيادة إنفاق الزوار، إلى جانب توفير عروض سفر أكثر تنوعاً وتحسين التجربة السياحية للزوار الخليجيين.
وفي هذا السياق، قال الدكتور عبد الرزاق عربيات: “تمثل معدلات السياحة التي شهدناها في عام 2024 اتجاهاً جديداً، حيث لاحظنا تحولاً جوهرياً في الطريقة التي يستكشف بها الزوار الخليجيون الأردن، إذ لم يعد السفر مقتصراً على زيارة وجهة واحدة، بل أصبح العديد منهم يتنقل بين وجهات متعددة داخل المملكة، منخرطين في أنشطة أكثر تنوعاً من أي وقت مضى. وقد برز هذا التوجه بشكل خاص في الإقبال المتزايد على السياحة التجريبية، بدءاً من التخييم الفاخر في الصحراء وصولاً إلى التجارب الغنية بالثقافة والتراث، مما يعكس تطوراً لافتاً في تفضيلات المسافرين الخليجيين”.
شهدت منطقة البحر الميت إقبالاً لافتاً في عام 2024، حيث جذبت منتجعاتها الفاخرة ومرافق العلاجات الصحية أعداداً متزايدة من السياح الخليجيين الباحثين عن تجارب الاستجمام. فقد ساهمت الخصائص العلاجية الطبيعية الفريدة للمنطقة، إلى جانب المنتجعات الصحية ذات المستوى العالمي وأماكن الإقامة الفاخرة، في تعزيز مكانتها كوجهة رائدة لمحبي السياحة العلاجية والاسترخاء.
وعزّزت العاصمة عمّان مكانتها كإحدى أبرز الوجهات الحضرية الحديثة خلال عام 2024، حيث شهد قطاع السياحة العلاجية نمواً ملحوظاً. وجذبت المرافق الصحية المتطورة في المدينة، إلى جانب مناطق التسوق الفاخرة وأماكن الإقامة الراقية، أعداداً متزايدة من زوار دول مجلس التعاون الخليجي الباحثين عن العلاج الطبي وتجارب الترفيه الحصرية، مما يعكس تحول عمّان إلى وجهة متكاملة تجمع بين الرفاهية والرعاية الصحية المتقدمة.
وواصلت البترا، المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، استقطاب العائلات من دول مجلس التعاون الخليجي، مع ارتفاع ملحوظ في عدد الزيارات خلال العطلات. وقد ازدادت جاذبية المدينة الوردية بفضل مرافق الإرشاد السياحي الجديدة وخدمات الزوار المُحسّنة، مما جعلها أكثر سهولة ومتعة للعائلات، خاصة تلك التي تصطحب أطفالها أثناء السفر. كما أسهم إدخال الفعاليات المسائية والبرامج الثقافية المتخصصة في إطالة مدة إقامة الزوار وتعزيز استكشافهم للمنطقة، مما يرسّخ مكانة البترا كوجهة ثقافية وسياحية متكاملة.
وسجلت المخيمات الصحراوية الفاخرة في وادي رم معدلات إشغال عالية، مما يعكس تنامي شعبيتها كوجهة سياحية استثنائية. وقد رسخت هذه الوجهة الصحراوية مكانتها كوجهة سياحية متميزة من خلال تقديم تجارب فريدة تجمع بين الإقامة الفاخرة وسط الرمال الذهبية، وتجارب الطهي الحصرية، بالإضافة إلى برامج مشاهدة النجوم التي اجتذبت أعداداً متزايدة من عشاق المغامرة والراغبين في الاستمتاع بجمال الطبيعة في أجواء ساحرة.
وشهدت المناطق الشمالية في الأردن، مثل عجلون وجرش، اهتماماً متزايداً من الزوار الخليجيين، خاصة خلال أشهر الصيف، حيث شكلت هذه المواقع التاريخية وجهة بديلة جذابة بفضل مناخها المعتدل، وطبيعتها الخلابة، ومعالمها الأثرية العريقة. وقد أسهم تطوير المرافق السياحية الجديدة وإدخال تجارب تاريخية تفاعلية في تعزيز جاذبيتها، مما جعلها خياراً مفضلاً للراغبين في استكشاف الجمال الطبيعي والتاريخي للأردن بعيداً عن الوجهات الصيفية التقليدية.
وتتوقع هيئة تنشيط السياحة الأردنية استمرار نمو السياحة الخليجية، مدفوعاً بتوسّع شبكة النقل الجوي وشراكات استراتيجية مع شركات الطيران الكبرى في المنطقة. وقد أسهم التوسع الأخير في خطوط الطيران وزيادة وتيرة الرحلات في جعل الوصول إلى الأردن أكثر سهولةً من أي وقت مضى، خاصة في ظل توفر رحلات ربط مريحة من جميع المدن الخليجية الرئيسية. وإلى جانب ذلك، يمثل إعفاء مواطني ومقيمي دول مجلس التعاون الخليجي من تأشيرات الدخول، وفترات الرحلات القصيرة التي تتراوح بين ساعتين إلى ثلاث ساعات، عاملاً جوهرياً في تعزيز مكانة الأردن كوجهة مثالية سواء لعطلات نهاية الأسبوع السريعة أو الإجازات الممتدة.
اقرأ أيضًا: