كتبت- سها ممدوح – وكالات: في غضون أسابيع قليلة خيم الغموض على آفاق السياحة الأميركية نتيجة لبعض قرارات الرئيس دونالد ترامب السياسية التي أثارت غضب بعض الزوار الأجانب عدا عن مخاوف من ازدياد الأسعار وارتفاع قيمة الدولار. ومن المتوقع أن ينخفض عدد الأجانب الوافدين إلى الولايات المتحدة بنسبة 5,1 % في 2025 مقارنة بالعام الماضي، مقابل زيادة متوقعة سابقاً بنسبة 8,8%، وفقاً لتقرير في نشرة “اقتصاديات السياحة” أواخر الشهر الماضي. ويُتوقع أن يتراجع إنفاقهم بنسبة 10,9%.
منذ نشر التقرير “تدهور الوضع بشكل أكبر” وستكون النتيجة أسوأ على الأرجح، بحسب رئيس النشرة آدم ساكس، مشيراً إلى “تأثير مشاعر النفور تجاه الولايات المتحدة”. في الأسابيع الأخيرة فرضت إدارة ترامب رسوماً على كندا والمكسيك والصين وهددت بفرضها على الاتحاد الأوروبي. وتكثفت حملة واسعة ضد الهجرة.
وألغيت برامج عدد كبير من الهيئات الحكومية، مثل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وسُرِّح آلاف الموظفين المدنيين من محامين إلى حراس حدائق، ووضع ترامب خططاً مثيرة للجدل للحربين في أوكرانيا وغزة. وقالت نشرة “اقتصاديات السياحة” التابعة لمؤسسة “أكسفورد إيكونوميكس” إن “وضعاً تتسم فيه سياسات وخطابات إدارة ترامب بالاستقطاب… سيُثني الناس عن السفر إلى الولايات المتحدة”.
وأضافت “ستشعر بعض المؤسسات بضغوط لتجنب استضافة فعاليات في الولايات المتحدة أو إرسال موظفيها إليه ما سيُقلل عدد رحلات العمل”. وقال معهد منتدى السياحة العالمي إنّ مزيجاً من سياسات الهجرة الصارمة وقوة الدولار والتوترات السياسية العالمية “قد يؤثر بشكل كبير” على الوافدين الدوليين، “ما قد يُعيد تشكيل قطاع السياحة في البلاد لسنوات”.
ومن بين سكان 16 دولة أوروبية وآسيوية شملهم استطلاع أجرته شركة “يوغوف” في ديسمبر/كانون الأول، قال 35% من المشاركين إنهم أقل ميولاً للقدوم إلى الولايات المتحدة في عهد ترامب مقابل 22% عبروا عن رأي مغاير.
بالنسبة إلى سياح من فرنسا وأوزبكستان والأرجنتين، كانت وكالة فرانس برس قد أجرت مقابلات معهم في ساحة تايمز سكوير بنيويورك، لم تغير مواقف ترامب خططهم جذرياً. مع ذلك استخدمت كل من ماريانيلا لوبيز وأيلين هادجيكوفاكيس، وكلاهما تبلغان 33 عاماً، جواز سفرها الأوروبي بدلاً من الأرجنتيني لتجنب أي مشاكل على الحدود.
وقالت لوبيز “كنا خائفين بعض الشيء بشأن الوضع لكننا لم نغير خططنا”. وأكدت عائلة لاغاردير القادمة من فرنسا أن الوضع لم يؤثر على خططها أيضاً. وقال لوران لاغاردير البالغ 54 عاماً إن “الأميركيين انتخبوا هذا الرئيس. إنها الديموقراطية. إذا لم يكونوا راضين، فسيغيرونها في غضون أربع سنوات”.
وأضاف لاغاردير “هو (ترامب) كما هو” وتجنب الولايات المتحدة “لن يُغيّر شيئا”. وأشارت التوقعات إلى وصول عدد السياح الأجانب إلى 77,7 مليوناً في 2024، بزيادة 17% على أساس سنوي، وفقاً للمكتب الوطني للسفر والسياحة الذي لم تتوافر لديه بعد أرقام نهائية للعام الماضي.
يعدّ السياح القادمون من أوروبا الغربية، والذين شكّلوا 37% من الزوار في 2024، الأكثر ميولاً لاختيار وجهات أخرى إلى جانب الكنديين والمكسيكيين. وحذّرت جمعية السفر الأميركية في أوائل فبراير/شباط، من أن الرسوم الجمركية ستثني الكنديين الذين يُشكّلون أكبر شريحة من السياح الأجانب في الولايات المتحدة والذين وصل عددهم إلى 20,4 مليون سائح في 2024، عن السفر.
ووفقاً لهيئة الإحصاء الكندية انخفض عدد الكنديين العائدين من الولايات المتحدة بنسبة 23% في فبراير/شباط على أساس سنوي، في انخفاض شهري هو الثاني على التوالي. وفي نيويورك التي استقبلت 12,9 مليون مسافر أجنبي في 2024، أصبح التأثير ملحوظاً، فقد ألغى كنديون حجوزات جولات سياحية وانخفضت عمليات البحث على الإنترنت عن فنادق أو عروض برودواي، حسب ما ذكرته رئيسة هيئة السياحة في مدينة نيويورك جولي كوكر لوكالة فرانس برس.
وخفّضت كوكر توقعاتها لهذا العام في فبراير/شباط لكنها قالت إنه حتى الآن، الكنديون فقط هم من يتجنبون الولايات المتحدة في عهد ترامب. وقالت “لا نرى حالياً أي مستجدات من المملكة المتحدة أو أوروبا لأن الوقت لا يزال مبكراً جداً. نحن بالتأكيد نراقب الوضع عن كثب”.
لكن السلطات البريطانية والألمانية دعت مواطنيها أخيراً إلى توخي الحذر الشديد بشأن وثائق سفرهم، مشيرة إلى مخاطر توقيفهم. ورصدت شركة يونايتد إيرلاينز “انخفاضاً كبيراً” في السفر من كندا إلى الولايات المتحدة إضافة إلى تراجع الطلب على السفر الداخلي، كما حدث مع العديد من الشركات المنافسة.
ووفقاً لتقرير “اقتصاديات السياحة” قد يخسر قطاع السياحة قرابة 64 مليار دولار من الإيرادات في 2025 بسبب انخفاض السفر الدولي والمحلي. والأميركيون قلقون على ما يبدو في ظل التوقعات الاقتصادية، كما أن مصطلحات مثل الركود والتضخم تُخيف السياح إلى جانب احتمال ارتفاع قيمة الدولار، كما يشير الخبراء.
وأشارت “اقتصاديات السياحة” إلى أن “هذا سيجعل الولايات المتحدة أكثر كلفة للمسافرين الوافدين، ما يُضعف عدد الزوار ومتوسط فترة الإقامة”. ويخشى المهنيون أيضاً من تداعيات تشديد سياسة الهجرة على الأحداث الرياضية الكبرى التي تستضيفها الولايات المتحدة، مثل كأس رايدر (2025)، وكأس العالم لكرة القدم (2026)، ودورة الألعاب الأولمبية الصيفية 2026 في لوس أنجليس.
اقرأ أيضًا: