نشرت في آخر تحديث

هذا المقال نشر باللغة الإنجليزية

يبدأ رئيس الوزراء الفرنسي الجديد، فرانسوا بايرو، أول اختبار حاسم له أمام البرلمان بعد توليه المنصب الشهر الماضي في ظل حالة من عدم الاستقرار السياسي غير المسبوقة. ورث بايرو حكومة مثقلة بالأزمات بعد انهيار سابقتها، إذ يتعين عليه تقديم رؤية مقنعة لاستعادة الثقة.

اعلان

تمكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من اختيار فرانسوا بايرو رئيسًا للوزراء بعد الإطاحة بالحكومة السابقة في تصويت برلماني على الميزانية، حيث استعرض بايرو يوم الثلاثاء أمام البرلمان برنامج السياسة العامة لحكومته، مُتطرقاً إلى مسألتين محوريتين تشغلان الرأي العام الفرنسي: إصلاح نظام التقاعد وقانون الموازنة لعام 2025.

وفي خطابه، أكد بايرو أن معالجة العجز المالي، الذي يُقدر بنحو 6% من الناتج المحلي الإجمالي، يُعد ضرورة قصوى لتجنب تداعيات اقتصادية خطيرة على فرنسا ودول منطقة اليورو. كما شدد على التزام الحكومة بسياسات مالية أكثر انضباطًا لتحفيز النمو وضمان الاستقرار الاقتصادي. إلى جانب ذلك، أعاد التذكير بخطورة الدين العام الذي وصفه بأنه “سيف مسلط على رأس البلد”، داعياً إلى تبني اتفاقيات برلمانية لمنع تصويت جديد بحجب الثقة يُدخل البلاد في دوامة سياسية جديدة.

ومع تصاعد التوتر السياسي، ركز رئيس الوزراء الجديد على إصلاح نظام التقاعد، وهو الملف الذي أثار احتجاجات واسعة خلال فترة حكم ماكرون. ورغم ضغوط الاشتراكيين لتعليق هذا الإصلاح، حذر المحافظون من أن التراجع عن الخطوة سيكلف الدولة مليارات اليوروهات في المستقبل القريب، مما يعكس الانقسام العميق بين الأحزاب داخل الجمعية الوطنية.

وفي محاولة لتخفيف حالة الاحتقان السياسي، دعت حكومة بايرو إلى مفاوضات مع الاشتراكيين والخضر والشيوعيين، مع تجاهل اليمين المتطرف، وهي خطوة أثارت انتقادات من قادة حزب التجمع الوطني. وقد هددت مارين لوبان، زعيمة الحزب، بتقديم تصويت بحجب الثقة إذا تضررت مصالحها السياسية. ورغم دورها المحوري في إسقاط الحكومة السابقة، تواجه لوبان تحديات قانونية قد تؤثر على مستقبلها السياسي، ما قد يفتح المجال لتحالفات جديدة تُعيد تشكيل المشهد السياسي الفرنسي.

وتستند حكومة بايرو إلى تحالف هش يجمع بين وسطي ماكرون والمحافظين الجمهوريين، وهو تحالف لا يملك أغلبية كافية لضمان الاستقرار البرلماني. ومع ذلك، يعتمد الرئيس ماكرون على خبرة بايرو السياسية الطويلة وقدرته على توحيد الأطراف المختلفة في مواجهة الانقسامات التي تعصف بالبلاد.

ويُذكر أن فرانسوا بايرو هو سياسي فرنسي مخضرم شغل عدة مناصب وزارية، بما في ذلك وزارة التعليم، ويرأس حزب “الحركة الديمقراطية”. يُعرف بقدرته على التفاوض وتقديم حلول وسطية، ما جعله اختيارًا توافقيًا في ظل تعقيدات المشهد السياسي الفرنسي.

لكن، وسط هذه التحديات، يبقى السؤال الأهم: هل سيتمكن بايرو من قيادة الحكومة بنجاح واستعادة الاستقرار، أم أن استمرار الانقسام السياسي سيُعرقل جهود الإصلاح ويُدخل فرنسا في أزمات جديدة؟

شاركها.
Exit mobile version