كتب – أحمد زكي : في خطوة تعكس امتزاج القيم الإنسانية بالحضارة المصرية القديمة، قامت عالمة الآثار الإسبانية “ماريا رودريغيز”، المتخصصة في علم المصريات، بإنشاء أول ملجأ للكلاب الضالة في منطقة غرب الأقصر. هذا المشروع الإنساني الفريد يُجسد شغفها العميق بالمجتمع المصري، حيث تسعى من خلاله إلى تحسين أوضاع الحيوانات المشردة وتوعية السكان المحليين بأهمية الرفق بالحيوان، في مدينة تُعد رمزًا عالميًا للحضارة والثقافة.

عُرفت “ماريا رودريغيز”، التي استقرت في الأقصر منذ أكثر من عقدين، بحبها للآثار المصرية القديمة ودراستها المكثفة للحياة اليومية للمصريين القدماء. وقد دفعها هذا الشغف لفهم الأدوار المختلفة التي لعبتها الحيوانات في حياة المصريين القدماء، حيث كانت تُعتبر رموزًا مقدسة وشريكة في الحياة. ومن هذا المنطلق، قررت “ماريا” تحويل هذا الإرث الثقافي إلى مشروع إنساني عصري.

يقع الملجأ على أطراف غرب الأقصر، في منطقة تحيط بها الطبيعة الهادئة، مما يُوفر بيئة مثالية للحيوانات المشردة. يتضمن المشروع مرافق متطورة مثل عيادة بيطرية صغيرة، مناطق مفتوحة للتنزه، وأماكن مخصصة لتبني الكلاب. كما تعمل “ماريا” مع فريق من المتطوعين المحليين والدوليين لتقديم الرعاية اليومية للحيوانات وإجراء حملات توعية في المدارس والمجتمعات المحلية.

وقد عبرت “ماريا” في تصريحاتها عن شكرها العميق لسكان الأقصر الذين قدموا دعمًا كبيرًا لمشروعها، مؤكدة أن هذا التعاون يُعبر عن روح الكرم والتآخي التي اشتهر بها المصريون عبر العصور.

آراء السكان والخبراء:

يرى الدكتور أحمد الشناوي، الباحث في التراث المصري، أن مبادرة “ماريا” تعكس فلسفة المصريين القدماء في احترام الطبيعة والكائنات الحية، وهو ما يظهر جليًا في نقوش المعابد والبرديات. بينما أشادت السيدة أم محمد، إحدى سكان غرب الأقصر، بالمبادرة قائلة: “هذا الملجأ علّمنا كيف نتعامل مع الكلاب الضالة برحمة بدلًا من الخوف أو التجاهل”.

ملجأ “ماريا رودريغيز” ليس مجرد مشروع لرعاية الكلاب، بل هو رسالة إنسانية تُعيد إحياء جزء من القيم الحضارية التي عاشها المصريون القدماء، ممزوجة بروح معاصرة تعكس أهمية الرفق بالحيوانات. إنه جسر يربط بين الثقافات ويؤكد أن الإنسانية لغة عالمية تتجاوز حدود الزمان والمكان.

إقرأ أيضاً :

السكة الحديد تتيح عدة طرق للدفع والحصول على تذاكر قطارات المختلفة

شاركها.
Exit mobile version