هذا المقال نشر باللغة الإنجليزية

في واقعة تسلط الضوء على التحديات التي تواجه السفر بالسكك الحديدية عبر أوروبا، لم تتمكن أول رحلة للقطار الليلي الذي انطلق من بروكسل إلى البندقية من الوصول إلى وجهتها النهائية، إذ توقفت في إنسبروك بالنمسا على بعد 313 كيلومترًا من محطتها الأخيرة.

اعلان

ورغم أن هذا المسار، كان من المفترض أن يكون خطوة تاريخية في تعزيز حركة النقل المستدام، فإن مشكلات بس كانعلى الحدود الإيطالية حالت دون إكمال الرحلة كما هو مخطط لها، مما أثار استياء الركاب ودفع شركة “يوروبيان سليبر” المشغلة للقطارات النائمة إلى البحث عن حلول لضمان عدم تكرار هذه العقبة في المستقبل.

وجد الركاب أنفسهم مضطرين إلى تغيير القطارات في منتصف الطريق، حيث نُقلوا إلى قطار آخر لاستكمال رحلتهم إلى البندقية. وقد وصفت الشركة هذا التوقف غير المتوقع بأنه “عقبة إدارية” وليس خللًا تشغيليًا، مؤكدة أن رؤيتها تظل قائمة على إعادة ربط المدن الأوروبية ليلاً بطريقة أكثر استدامة وراحة للمسافرين.

وفي حديث لصحيفة “دي تيليغراف” الهولندية، أوضح “إلمر فان بورين”، أحد مؤسسي “يوروبيان سليبر”، أن المشكلة نشأت بسبب عدم تعاون السلطات الإيطالية. وأشار إلى أن الأمر تطلّب تسعة أشهر من التحضيرات، ومئات المكالمات الهاتفية والاجتماعات، لضمان تشغيل القطار عبر خمسة بلدان أوروبية. ومع ذلك، وقبل أسبوع فقط من الرحلة، أبلغتهم السلطات الإيطالية فجأة بعدم السماح للقطار بالعبور إلى ما بعد بولزانو، قبل أن تتفاقم الأزمة بمنع دخوله إيطاليا بالكامل من دون تقديم أي مبررات واضحة.

وقد حاول مارك سميث، خبير السفر بالقطارات وصاحب الموقع الإلكتروني “الرجل في المقعد 61″، تسليط الضوء على سبب محتمل لهذا التعطيل، إذ أفاد بأن القاطرات اللازمة لمرافقة القطار إلى البندقية لم تكن متاحة. ووفقًا له، لم يتم إبلاغ “يوروبيان سليبر” بهذه المشكلة إلا في الرابع من فبراير، أي قبل يوم واحد فقط من مغادرة القطار بروكسل، مما تركهم دون وقت كافٍ للبحث عن بدائل.

هذه العقبة لم تكن الوحيدة، فمع تزايد الاهتمام بالسفر بالقطارات كبديل صديق للبيئة مقارنة الطيران، يواجه المشغلون تحديات تنسيقية معقدة بين الدول الأوروبية. وقد كشف تقرير صادر عن المفوضية الأوروبية أن عدد خدمات القطارات العابرة للحدود ظل ثابتًا تقريبًا بين عامي 2001 و2019، حيث لم تشكل سوى 7% فقط من إجمالي رحلات السكك الحديدية في القارة.

وفي ظل هذه التحديات، يأمل الخبراء في تسهيل عمليات التنسيق بين مشغلي السكك الحديدية المختلفة، وهو ما شدد عليه فيكتور ثيفينيت، مدير سياسة السكك الحديدية في منظمة “النقل والبيئة”، الذي يرى أن العقبة الأكبر أمام المسافرين تكمن في تعقيد حجز التذاكر بين الدول المختلفة، وهو ما يحتاج لإجراءات جذرية تبسط العملية لجذب المزيد من الركاب نحو القطارات بدلاً من الطائرات.

ويأتي ذلك في وقت يسعى فيه الاتحاد الأوروبي إلى معالجة هذه المشكلات من خلال تشريع جديد يُعرف بـ”خدمات التنقل الرقمي متعدد الوسائط”، والذي من شأنه أن يتيح للمسافرين شراء تذكرة واحدة لرحلة كاملة عبر الحدود بدلاً من التعامل مع عدة مشغّلين وطنيين بشكل منفصل. إلا أن هذا التشريع، الذي كان من المفترض أن يُطرح العام الماضي، تأجل لأسباب غير معلنة، مما يثير التساؤلات حول مدى جدية الاتحاد الأوروبي في تحسين تجربة السفر بالقطارات.

وبينما تستمر الجهود في حل هذه العقبات، يبقى المسافرون هم المتضرر الأكبر من هذه العقبات البيروقراطية، إذ يتسبب كل عائق إداري في إرباك خططهم وتأخير رحلاتهم.

يبدو أن رياح القطارات الأوروبية أيضًا لا تسير دائمًا وفق المخططات، وهو ما يجعل الحاجة ملحة إلى إصلاحات جذرية تضمن أن يكون السفر عبر السكك الحديدية تجربة سلسة حقًا.

شاركها.
Exit mobile version