كتبت- سها ممدوح – وكالات: شهد قطاع السياحة في أبوظبي نمواً كبيراً خلال 2024، فقد استقبلت فنادق الإمارة 4.8 مليون زائر حتى أكتوبر الماضي، بزيادة قدرها 26% في عدد الزوار الدوليين مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023.
وتعكس هذه الزيادة في السياحة الجهود الاستراتيجية التي تبذلها أبوظبي لتعزيز مكانتها كوجهة سياحية عالمية رائدة، وفقاً لتقرير نشره موقع «ترافل آند تور وورلد» (Travel and Tour World).
ومع تدفق السياح، شهد القطاع أيضاً زيادة ملحوظة في الوظائف، إذ تم إضافة 37 ألف وظيفة جديدة في الصناعات المرتبطة بالسياحة في 2024، ليرتفع إجمالي عدد العاملين في القطاع إلى 225 ألفاً، مقارنة بـ188 ألف عامل في 2023.
عزا التقرير هذا النمو بشكل كبير إلى الاستثمارات العالمية المتزايدة في السياحة، بما في ذلك الحملات الترويجية المستهدفة لجذب السياح ذوي الإنفاق العالي من أسواق دولية رئيسة مثل الصين والهند وروسيا والمملكة العربية السعودية وفرنسا والمملكة المتحدة.
إلى جانب ذلك، ينعكس التزام الإمارة بالنمو أيضاً في خططها الطموحة لتطوير القوى العاملة، إذ تعمل «دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي» (DCT) بنشاط على تعزيز نسبة التوطين في قطاع السياحة، بهدف رفع حصة المواطنين الإماراتيين العاملين في الوظائف السياحية إلى 10% بحلول عام 2025، مقارنة بنحو 3% حالياً.
وتعد هذه المبادرة جزءاً من جهود أوسع لتنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، من خلال التركيز على قطاعات رئيسة مثل السياحة والطيران والضيافة.
وتعتبر «استراتيجية أبوظبي للسياحة 2030» من الركائز الأساسية لاستراتيجية النمو في الإمارة، إذ تهدف إلى جذب 39.3 مليون زائر سنوياً بحلول عام 2030، وهو هدف طموح يمثل زيادة كبيرة مقارنة بـ 24 مليون زائر سُجِّلَت في 2023. وتهدف الاستراتيجية أيضاً إلى إيجاد 178 ألف وظيفة جديدة في قطاعات السياحة والضيافة، ليصل إجمالي عدد العاملين في هذا القطاع إلى 366 ألفاً بحلول نهاية العقد.
لتحقيق هذه الأهداف، أشار التقرير إلى استثمار أبوظبي بشكل كبير في مشاريع البنية التحتية والمشاريع الثقافية. فقد التزمت الإمارة باستثمار أكثر من 10 مليارات دولار في مبادرات البنية التحتية، بهدف تعزيز جاذبيتها للسياحة الدولية واستضافة الفعاليات الثقافية الكبرى.
ومن بين المشاريع الرئيسة، افتتاح مبنى «تيرمينال A» الجديد في مطار زايد الدولي، الذي ساهم بالفعل في تحسين اتصال الإمارة بالأسواق العالمية، كما عملت أبوظبي على زيادة سعة مقاعد الطائرات على الرحلات الجوية التي تخدمها، عبر تشغيل طائرات ذات سعة أكبر وزيادة عدد الرحلات إلى وجهات رئيسة.
وشهدت الإمارة نمواً ملحوظاً في الرحلات المتجهة إلى أسواق مهمة مثل الصين والهند وروسيا، مما أدى إلى تعزيز تدفق الزوار الدوليين بشكل كبير.
واستعرض التقرير السياحة الثقافية التي تُعد أيضاً محركاً رئيساً للنمو في الإمارة. شهدت المتاحف والمكتبات والمعالم الثقافية في أبوظبي زيادة كبيرة في عدد الزوار، إذ استكشف أكثر من 3.9 مليون شخص العروض الثقافية الغنية للمدينة في 2024، بزيادة قدرها 21% مقارنة بالعام السابق.
يبرز هذا النمو في السياحة الثقافية فعالية المبادرات الثقافية لأبوظبي، بما في ذلك الافتتاح المخطط للعديد من المؤسسات الثقافية العالمية مثل «متحف جوجنهايم أبوظبي»، و«متحف زايد الوطني»، و«متحف التاريخ الطبيعي أبوظبي». ومن المتوقع أن تسهم هذه المشاريع الثقافية الجديدة في جذب المزيد من الزوار في السنوات المقبلة.
أما معدلات إشغال الفنادق في الإمارة، فقد بقيت مرتفعة، مما يعكس الطلب المتزايد على الخدمات السياحية. ففي ديسمبر 2024، بلغ معدل إشغال الفنادق في أبوظبي 83%، بينما وصل الإشغال في المدينة إلى 85%، كما ارتفعت مدة الإقامة المتوسطة للزوار إلى 2.7 ليلة، مما يشير إلى الاتجاه المتزايد نحو الإقامات الأطول، وهو ما يساهم في دعم الاقتصاد المحلي.
وأشار التقرير إلى أن قطاع السياحة في أبوظبي يستفيد أيضاً من المبادرات الاستراتيجية التي تهدف إلى تعزيز مكانة الإمارة على الساحة العالمية. وبالتعاون مع طيران الاتحاد، أطلقت دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي في مايو 2024 برنامج «التوقف في أبوظبي»، الذي يستهدف جذب أكثر من 100 ألف زائر في 2025. ويشجع البرنامج المسافرين على تمديد إقاماتهم في المدينة، مما يتيح لهم فرصة استكشاف معالم العاصمة المتنوعة.
وبالنظر إلى المستقبل، توقع التقرير أن يواصل قطاع السياحة في أبوظبي مساره التصاعدي. ومع خططها الطموحة واستثماراتها الاستراتيجية وتركيزها على الابتكار، أكد أن أبوظبي في وضع جيد للاستمرار في جذب ملايين السياح، وتعزيز سمعتها كمركز عالمي رائد للسياحة.
اقرأ أيضًا: