استنكرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” دعوة قبرص دول الاتحاد الأوروبي لإعادة تقييم ما إذا كانت سوريا آمنة لعودة اللاجئين السوريين إليها، مشيرة إلى أنها وثقت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان واضطهاداً على يد ميليشيا أسد والميليشيات الموالية لها بحق العائدين بين عامي 2017-2021.
وأكدت المنظمة في تقريرها الصادر اليوم الجمعة، الذي جاء بعنوان: “لا، لا تزال سوريا غير آمنة لعودة اللاجئين”، أن 8 محافظات سورية تُصنّف على أنها تعاني من مستويات عالية أو مرتفعة بشكل استثنائي من “العنف العشوائي”.
سوريا ليست آمنة
وأشارت إلى أن مقاربة وزير الداخلية القبرصي كونستانتينوس يوانو بشأن عودة اللاجئين خطيرة وغير واقعية، وذلك إثر إعرابه عن أسفه في 15 سبتمبر/أيلول، لأن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لا يمكنها حالياً إعادة طالبي اللجوء إلى سوريا.
وقال الوزير إن على الاتحاد الأوروبي إعادة تقييم ما إذا كانت سوريا آمنة للعودة حتى يمكن ترحيل طالبي اللجوء إليها أو إعادتهم إليها.
كما اتخذت قبرص أيضًا تدابير لتسريع معالجة طلبات اللجوء، وتقليل الدعم المالي لطالبي اللجوء، والبدء في بناء مركز لاحتجاز المهاجرين، على حد تعبير يوانو، “لجعل قبرص وجهة غير جذابة”.
وتأتي تصريحات يوانو بعد يوم واحد من تحذير مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك من تدهور الوضع الأمني في سوريا بسبب القتال الدائر في شمال شرق البلاد، فيما تؤكد المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن الظروف في سوريا تمنعها من تعزيز أو تسهيل عودة اللاجئين.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إنها وثقت كيف قامت الأجهزة الأمنية السورية باحتجاز واختطاف وتعذيب وقتل اللاجئين الذين عادوا إلى سوريا بين عامي 2017 و2021 بشكل تعسفي، فيما لا يزال هذا النمط من الانتهاكات والاضطهاد مستمراً.
وفي يوليو/تموز، وجدت هيومن رايتس ووتش أن العائدين تعرضوا للتعذيب على يد ميليشيا المخابرات العسكرية وتم تجنيدهم للخدمة في جيش أسد.
خطر الاضطهاد
كما رأت المنظمة أن استشهاد يوانو بتقييم وكالة اللجوء التابعة للاتحاد الأوروبي (EUAA) بأن دمشق وأجزاء أخرى من سوريا التي تسيطر عليها “الحكومة” لم تعد تعاني من العنف المعمّم، لكنه أغفل ملاحظة الوكالة بأن الأشخاص الذين تتم إعادتهم إلى دمشق قد لا يزالون معرضين لخطر الاضطهاد، وأن الوضع العام يشير إلى أن عدم تعرض الأشخاص المرسلين إلى سوريا للا ضطهاد لن يكون معقولاً إلا “في حالات استثنائية”.
وأكدت المنظمة أن غياب العنف العشوائي في جزء من البلاد لا يعني أن البلاد آمنة. وهذا لا يعني حتى أن الأماكن التي لا تشهد اشتباكات خالية من الخطر.
وذكّرت المنظمة بأن الحكومات التي تسعى بفارغ الصبر للحصول على ضوء أخضر لترحيل السوريين ستتعارض مع التزاماتها بعدم الإعادة القسرية إذا لم تدرس بشكل كامل وعادل التهديد المتمثل في العنف العام وانعدام الأمن في معظم أنحاء سوريا والتهديد المستمر في جميع أنحاء البلاد بالاضطهاد لأي شخص يُشتبه في اعتناقه معتقدات معينة أو هويات لا تتماشى مع أولئك الذين يسيطرون على المنطقة التي سيتم إعادتهم إليها.
وتصاعدت المطالب بترحيل اللاجئين السوريين الواصلين إلى قبرص خلال الآونة الأخيرة، وذلك بالتوازي مع مطالب مشابهة في دول أوروبية عديدة وكذلك في تركيا التي كانت المنظمة قد انتقدت فيها عمليات الترحيل القسرية التي تنتهجها السلطات تجاه اللاجئين السوريين منذ أكثر من عام.
الأمم المتحدة: سوريا غير آمنة
وقبل أيام، حذرت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا التابعة للأمم المتحدة، من تفاقم الأعمال القتالية والتدهور الاقتصادي الشديد واستمرار الانتهاكات والاعتداءات المتصلة بحقوق الإنسان، وذلك رغم الجهود الدبلوماسية لضمان استقرار الأوضاع في سوريا، بما في ذلك إعادة قبول نظام أسد بجامعة الدول العربية.
وأصدرت اللجنة تقريراً يُغطّي الفترة بين 1 كانون الثاني/يناير الماضي وحتى 30 حزيران/يونيو الماضي، رصدت فيه ارتفاع وتيرة الأعمال القتالية، وتأثيرات عدم تمديد الآلية الدولية لإدخال المساعدات عبر الحدود، إضافة إلى الانتهاكات بحق السوريين في مختلف المناطق.
استمرار العنف
وأشارت إلى أن الأسابيع الماضية شهدت نزوح الآلاف في إدلب بسبب القصف والاشتباكات، كما قُتل العشرات باشتباكات في دير الزور، بالإضافة إلى مظاهرات واسعة النطاق في مناطق خاضعة لسيطرة النظام، ولا سيما في السويداء.
وأكدت اللجنة في تقريرها أن انعدام الأمن ما زال متفشياً في مناطق ميليشيا أسد، ما يجعل العودة الآمنة للاجئين السوريين أمراً مستبعداً.
ووثقت اللجنة حالات خاصة للاجئين سوريين عائدين من دول الجوار، تعرضوا لسوء المعاملة من طرف الأجهزة الأمنية التابعة لميليشيا أسد.