مع إحكام أذربيجان سيطرتها على إقليم قره باغ بعد تحريره من أرمينيا وطرد عصابات الأرمن منه إثر عملية عسكرية أطلقتها قواتها عام 2020 وتكللت بالنجاح التام قبل أيام مع تسليم الأرمن لأسلحتهم في الإقليم وافتتاح ممر زنغور في نخشوان، برزت عصابة أرمينية حاقدة على تركيا وأذربيجان في المنطقة تدعى “فوما”.
وتروج فوما VoMa التي يعني اسمها باللغة الأرمنية “فن البقاء”، نفسها على أنها جيش احتياطي يسعى لحماية أمن وسلامة “أرمينيا المسيحية” في القوقاز بمواجهة تركيا المسلمة، وتقدم تدريبات عسكرية للمدنيين في أرمينيا.
عصابة شبه عسكرية من الأرمن
وتضم العصابة بين صفوفها عناصر من منظمات “بي كا كا” و”أصالا”، وأجانب من أصل أرميني، وقاتلت إلى جانب أرمينيا ضد أذربيجان في “قره باغ” تحت شعار “إذا كنت تريد السلام فاستعد للحرب”.
تأسست العصابة عام 2014، ولديها العديد من ميادين التدريب في جميع أنحاء أرمينيا، وهي تُدرّب قوات شبه عسكرية من الأرمن في الداخل وفي الشتات بتمويل من مانحين من داخل وخارج الحدود.
ووفق نجل مؤسس المنظمة ونائب مديرها، فاريناغ فارتانوف، فقد درّبت فوما آلاف المتطوعين، وأصبحت منذ عام 2016 أكثر انخراطاً في التشكيلات شبه العسكرية، فيما كرست طاقتها منذ حرب 2020 لتدريب المدنيين على كيفية التعامل مع جميع أنواع الأسلحة التي قد تكون مطلوبة في ساحة المعركة.
وتفتح فوما في ياريفان الباب أمام كافة الأرمن الراغبين في التدرب على التعامل مع الأسلحة والإسعافات الأولية وتنظيم المساعدات للمقاتلين وتهدف إلى تكوين جيش قومي للدفاع عن أرمينيا، على ما يقول القائمين عليها.
ورغم أنها المنظمة الأبرز، فإنها ليست الوحيدة التي تقدم تدريباً شبه عسكري في أرمينيا، فهناك أيضاً عصابات “تيغران” (Tigrane) و”أتان” (Atan) و”بوغا” (Poga)، وكلها تقوم بتعليم أساسيات الحرب المستقبلية لجميع من ينخرطون فيها.
ورغم الخسارة في قره باغ، إلا أن العصابة التي أعلنتها أذربيجان منظمة إرهابية لا يبدو أنها قد استسلمت، حيث شاركت قبل أيام على منصة التواصل الاجتماعي الروسية VK، منشوراً تم الإعلان فيه عن بدء دورات جديدة مدتها عشرة أيام.
وذكرت العصابة أن عارضة الأزياء الشهيرة، أرمين هاروتيونيان، قد انضمت إليها للمشاركة في التدريبات المسلّحة، وقد ظهرت في حديثها أمام الكاميرات وهي تحمل مسدساً في يدها وتهدد أذربيجان.
وتسعى المنظمة التي تشارك صور التدريب المقدم للأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً على حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، في رسائلها إلى أن تصبح جيشاً وطنياً في المستقبل.
حاجز متقدّم ضد الأتراك
وتصف المنظمة أرمينيا بأنها حاجز متقدّم ضد الأتراك عمره ألف عام، وتزعم أن الأتراك مع انهيار بيزنطة وصلوا إلى أسوار فيينا، فيما كان يقاتل الأرمن بمفردهم ضد العثمانيين، في تأكيد على هويتها المسيحية.
كما تزعم أن أرمينيا ليست مجرد إسفين في العالم الإسلامي أو التركي، ولكنها أيضاً إسفين في جسد أوراسيا المريضة، وتدعي فوما أن تركيا “العدوانية” ستصل إلى حدود روسيا وإيران، وحتى سور الصين العظيم.
وبحجة أن أي صراع مع تركيا سيعني “حرباً عالمية”، تدّعي المنظمة بأن إنشاء أرمينيا “قوية” سيمنع اندلاع تلك الحرب.
وفي شهر أيلول/سبتمبر الماضي، لوّح أرمن انفصاليون مدعومون من يريفان، والذين احتلوا العديد من المدن والبلدات في قره باغ منذ أكثر من 30 عاماً، بالعلم الأبيض خلال 24 ساعة إثر عملية عسكرية أطلقتها أذربيجان خلال يوم واحد فقط، حيث تمكنت خلالها من إحكام السيطرة على قره باغ بالكامل.
وتشكل السيطرة على قره باغ، عقبة أمام أحلام منظمة فوما التي لطالما كانت تسعى ومن ورائها أرمينيا لمنع مشروع خط أنابيب غاز “إغدير-نخجوان” وإنشاء ممر نقل زانجيزور الذي يربط ناخيشيفان بالبر الرئيسي لأذربيجان، والذي بدوره سيفصل أرمينيا عن حليفتها إيران، ويصل في الوقت نفسه تركيا بدول آسيا الوسطى عبر أذربيجان وبحر قزوين.