يبدو أن الظروف التي يمر بها نظام أسد والمتغيرات الإقليمية، قد دفعته إلى التماهي “ظاهرياً” مع المطالب العربية والسعودية منها على وجه الخصوص، وهو ما يمكن تلمسه من خلال إغلاق السفارة اليمنية في دمشق والطلب من ممثلي ميليشيا “الحوثي” مغادرة مقر السفارة، تمهيداً لتسليمها للحكومة اليمنية الشرعية.
وأكد وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك أن وزير خارجية النظام فيصل المقداد أبلغه الأربعاء باتخاذ قرار تسليم سفارة بلاده في دمشق للحكومة الشرعية، بعد إشعار ميليشيا “الحوثي” بتسليم المبنى والمغادرة.
وأضاف بن مبارك في تصريح لـ”اندبندنت عربية” أن “هذا الأمر جاء ثمرة لقاءاتنا الأخيرة مع السوريين في مصر والسعودية”، مؤكداً أنهم “مستعدون فوراً لتعيين بعثة دبلوماسية هناك في الفترة المقبلة”.
وكانت مصادر من ميليشيا “الحوثي” قد اعتبرت قرار إغلاق السفارة أنه “يعكس فشل الاختبار في تمثيل الجماعة في العلاقات الدولية والخارجية، وتحدث القيادي الحوثي خالد العراسي عن “فساد ومحسوبيات” أدت إلى هذا القرار.
غير أن توقيت الخطوة التي جاءت بعد نحو شهر من لقاء وزير الخارجية اليمني أحمد بن مبارك، مع وزير خارجية أسد فيصل المقداد في القاهرة على هامش اجتماع مجلس جامعة الدول العربية، وهو اللقاء الأول منذ العام 2011، يكشف زيف تفسيرات القيادي الحوثي لقرار نظام أسد، وذلك بهدف تجنّب الحرج.
وبأوامر إيرانية، كانت ميليشيا الحوثي قد عيّنت في العام 2015 أول ممثل خارجي لها لدى النظام الذي يعترف بـ”شرعية” تمثيلها للشعب اليمني، إلى جانب إيران فقط.
تكتيك إيراني
ويربط مراقبون قرار النظام بافتتاح سفارته في الرياض قبل أسبوع، معتبرين أن “الطلب من ممثلي الحوثي إغلاق السفارة، يأتي تلبية لشروط الرياض، قبل فتح السفارات وتبادل السفراء”.
ويرى مدير مركز “فكر للدراسات” الدكتور غياث الدك، في قرار النظام استجابة للضغوط العربية، معتبراً في حديثه لـ”أورينت نت” أن “النظام يراوغ في سبيل الحصول على الدعم السياسي والمالي العربي، وبتنسيق مع إيران الداعمة له ولميليشيا الحوثي”.
أما الباحث اليمني المختص بشؤون الجماعات الإسلامية الدكتور أحمد الدغشي، فيؤكد أن “إغلاق السفارة لا يعني القطيعة بين النظام والحوثي”، ويقول لـ”أورينت نت”: “لا تخرج الخطوة عن التكتيك”، وذلك في تأكيد منه على استحالة الفصل بين أذرع ايران في المنطقة.
تغير موازين القوى
من جانب آخر، يعزو مدير “مركز الشرق للدراسات” الدكتور سمير التقي قرار نظام الأسد إلى التغير في موازين القوى على المستوى الإقليمي، وتحديداً بعد قدوم الولايات المتحدة إلى المنطقة.
ويوضح لـ”أورينت نت” أن “خطوة النظام ليست انعكاساً للعلاقة مع العرب أو لتنفيذ المصالحة، بل هي ناجمة عن الشعور من جانب النظام بانعدام الوزن مع التحول الجاري في الموقف الإستراتيجي في المنطقة”.
النظام يلتزم الصمت
ولم يصدر أي تعليق رسمي من جانب نظام أسد على ما سبق، وأكد مصدر من دمشق أن “النظام طلب من ممثلي الحوثي إخلاء مبنى السفارة”، ولم يُفصح لـ”أورينت نت” عن خلفيات وأسباب الخطوة.
ولا يُريد النظام –كما يبدو- الظهور بمظهر “المنبطح والخاضع” للشروط العربية أمام الأوساط الموالية له، وخاصة أنه يروج لعدم تقديم أي تنازلات للدول العربية مقابل التطبيع معه.