الإعلانات المضللة
يتداول عدد من المصريين عبر منصات التواصل الاجتماعي صوراً تُظهر ازدحاماً أمام مطاعم ومحال بعينها، منتقدين ما وصفوه بـ “تعمد تأخير طلبات العملاء” كوسيلة دعائية من قبل إدارات تلك المطاعم لخلق ازدحام مصطنع يلفت الأنظار ويجلب مزيداً من الزبائن ممن يسعون للتعرف إلى “هذا المطعم الذي يشهد ازدحاماً مستمراً”.
وسواء كانت تلك التفسيرات المُتداولة حقيقية من عدمه، إلا أنها تتناول نمطاً من أنماط الدعاية المُزيفة التي تلجأ إليها عدد من المؤسسات لخلق هالة خاصة حول منتجاتهم، ظناً أن ذلك يساعدهم في جذب المزيد من العملاء.
تنتشر أنماط “الدعاية المزيفة أو المضللة” بأشكال مختلفة، وهي إما تكون قائمة على تقديم معلومات خاطئة أو منقوصة لمنتجاتهم للمستهلكين، أو تضليلهم بعروض وهمية، وغير ذلك من الأنماط التي يُمكن على المدى المتوسط أو الطويل أن تأتي بنتائج عكسية تُنفر العملاء مع تراجع ثقتهم.
ويبزغ في هذا السياق عديد من الاستراتيجيات التي يُمكن وصفها بـ”المضللة” والتي يمكن أن تتبعها بعض المحال التجارية في الإعلان عن منتجاتها. تلك الاستراتيجيات قد تكون مضرة بالمستهلكين وتنطوي على التلاعب أو الإيهام. من بينها:
- الإعلان بأسعار مزيفة: قد تقوم بعض المحال بالإعلان عن منتجات بأسعار منخفضة جداً أو تخفيضات ضخمة، ولكن عندما يذهب المستهلكون للشراء، يتضح أن هذه الأسعار غير صحيحة أو تطبق على عدد قليل من الوحدات.. أو أنها تُطبق حال الشراء بكميات كبيرة فقط.. إلخ.
- التلاعب بالمعلومات الاستهلاكية: يمكن أن يقوم البائعون بتوجيه معلومات مضللة حول المنتجات، مثل الادعاء بفوائد صحية غير مثبتة علمياً أو تضخيم الأداء والجودة.
- عروض محدودة زائفة: تعد هذه الاستراتيجية بأن المنتج متاح فقط لفترة محدودة أو بكميات محدودة للتشجيع على الشراء الفوري، ولكن في الحقيقة قد يكون المنتج متاحاً دائماً بنفس السعر.
- التلاعب بالصور: يمكن أن تتلاعب المحال بالصور للمنتجات عبر تعديلها ببرامج التحرير لتبدو أكثر جاذبية أو جودة مما هي عليه في الواقع.
- تقديم ضمانات زائفة: قد يتعهد البائعون بضمانات للمنتجات تكون صعبة التنفيذ أو لا تتوافق مع القوانين واللوائح.
- التجاهل أو إخفاء المعلومات الهامة: يمكن للبائعين تجاهل معلومات هامة مثل تكلفة الصيانة المستقبلية أو التأثير البيئي للمنتج بالنسبة للأجهزة وخلافه.
- الإعلان باستخدام الضغط النفسي: يمكن أن يستخدم بعض الإعلانات تقنيات ضغط نفسي لإجبار المستهلكين على الشراء سريعاً، مثل إنشاء حالة عاجلة أو الاستنجاد بأماني المستهلكين.
التلاعب والتضليل
تجنب هذه الاستراتيجيات المضللة يعتبر أمراً مهماً للمستهلكين، ويتعين على السلطات التنظيمية فرض قوانين ولوائح صارمة لحماية حقوق المستهلك ومكافحة الإعلانات المضللة.
خبير استراتيجيات التسويق وبناء العلامات التجارية، المستشار الإعلامي إيهاب كاسب، يقول لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أن عديداً من السلاسل التجارية والمطاعم تتلاعب بالصور والألوان الخاصة بالمنتج حتى يكون أكثر جاذبية مما يبدو عليه في الواقع، بالإضافة إلى الاعتماد على الأسماء المختلفة والجديدة الملفتة للعملاء، وهذا بدوره يؤثر على عقلية المستهلك ويشعره بالاحتياج إلى ذلك المنتج وضرورة شرائه، كنوع من أنواع التجربة.
ويضيف: بعض المحال والسلاسل التجارية تعتمد كذلك على الإعلان عن الأسعار المزيفة لبعض المنتجات، ولكن عندما يذهب العملاء للشراء يكتشفون أن تلك الخصومات والأسعار غير حقيقية أو مرتبطة باشتراطات بعينها، كما تعتمد أغلب الإعلانات على فكرة الضغط النفسي على المستهلك لإجبارهم على الشراء خلال فترة معينة.
وينوه كاسب بأن سلاسلاً تجارية ترفع أسعار تلك السلع بنسبة كبيرة عن سعرها الحقيقي حتى يشعر المستهلك بالفرق الكبير بين السعر الأصلي والسعر المقرر في العرض (..) وبالتالي تتلاعب تلك السلاسل تتلاعب بالأسعار والخصومات غير الحقيقية والمعلومات الكاذبة عن المنتج لجذب العميل ومن ثم يتم عمل نوع من التأثير عليه خلال عملية الشراء.
ولكن كل ذلك من شأنه الإضرار بسمعة الشركة والتقليل من الإقبال على منتجاتها لعدم ثقة المستهلكين فيها مرة أخرى، وفق كاسب، الذي يشدد عل ضرورة تشديد الرقابة والمؤسسات المعنية بحماية المستهلك.
زاوية أخرى يمكن الإشارة إليها فيما يخص خطورة “الإعلانات المضللة” ترتبط بـ “المنافسة غير العادلة، ذلك أن الشركات التي تنتج منتجات أو خدمات عالية الجودة وتقدم معلومات صادقة في إعلاناتها قد تفقد المنافسة بسبب الشركات الأخرى التي تستخدم إعلانات مضللة للترويج لمنتجات ذات جودة منخفضة.
ذلك فضلاً عن تأثير تلك الاستراتيجات على الاقتصاد، لجهة أن اتباع الإعلانات المضللة بشكل واسع يمكن أن يؤثر على الاقتصاد بشكل عام من خلال تشجيع الاستهلاك غير الضروري والإنفاق غير مدروس.
الغش التجاري
من جانبه، يؤكد الخبير الاقتصادي، الدكتور السيد خضر، على انتشار الغش التجاري للشركات بصورة كبيرة لاسيما في مصر ودول عربية أخرى، بالإضافة إلى عدم وجود خدمة ما بعد البيع في كثير من الأحيان، مشيراً كذلك إلى أن التجارة الإلكترونية يكثر بها التزييف والغش؛ لأن الشركات وبينما تسوق منتجاتها بشكل جيد إلا أنه لا توجد ضوابط لمثل هذا النوع من التجارة، لذلك ثد ينخدع المستهلك بسهولة ويشتري المنتج ثم يتفاجأ بسوء الجودة.
ويوضح خضر لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن هدف المؤسسات من ممارسة الغش التجاري وتقديم معلومات غير صحيحة عن المنتج لجذب المستهلكين، وهذا يعتبر سلاحاً ذا حدين؛ لأن ذلك يساعد على الانتشار السريع للمنتج في السوق وزيادة مبيعات الشركة وبالتالي زيادة الأرباح، لكن الانتشار السريع سيجعل العمر الافتراضي للشركة قليل جداً، ما يؤدي إلى إفلاس الشركة وغلقها.
عندما يتم كشف الإعلانات المضللة، فإن ذلك يمكن أن يتسبب في تلف سمعة الشركة المعلنة وفقدان الثقة لديها.
ويضيف الخبير الاقتصادي، أنه من الممكن أن يكون المنتج متوسط الجودة لكن خدمة ما بعد البيع متميزة مع اتباع الاستراتيجيات الإعلانية الصحيحة ومعرفة كيفية التعامل مع العميل، كل هذا سيكسب المنتج سمعة طيبة وبالتالي ستزيد نسبة المبيعات بصورة كبيرة.
ويشدد خضر على أهمية أن تضطلع الجهات الرقابية المعنية بمسؤوليتها في زيادة الرقابة على منتجات الشركات والمحال الكبرى ووضع ضوابط وقوانين للإعلان عن المنتج، وعدم بيع المنتج بشكل عشوائي والتأكد من معايير الجودة حتى لا يضر بسمعة الشركة.