قبل ساعات من بدء الاجتماع الرباعي المزمع عقده في العاصمة الروسية موسكو، بين وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران والنظام، أعلنت تركيا موافقتها على شرط الأسد بالانسحاب من الأراضي السورية، وذلك مقابل تنفيذ مطلب وحيد يتعلق باتفاقية أضنة.
وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، خلال مشاركته في مقابلة تلفزيونية على شاشة قناة “سي إن إن التركية”، الإثنين، إن أنقرة لن تنسحب من سوريا قبل أن يصبح النظام قادراً على إحياء وتنفيذ اتفاقية أضنة، مؤكداً أنه “لا يمكن اشتراط انسحاب قواتنا كخطوة أولى لتطبيع العلاقات”.
وأضاف تشاووش أوغلو أن تركيا من أكثر الدول دعماً لوحدة أراضي سوريا، وأن هذه القضية ذات أهمية حيوية بالنسبة لأنقرة.
ولفت إلى أنه يجب التعاون مع نظام الأسد في قضايا مثل العودة الآمنة للسوريين إلى بلادهم، ومكافحة الإرهاب، واستمرار تدفق المساعدات الإنسانية.
وقال: “يمكن (سحب قواتنا من سوريا) في كان هناك استقرار دائم في البلاد ووصلت الإدارة السورية إلى القدرة على إعادة تنفيذ اتفاقية أضنة”.
وعن العمليات العسكرية التركية في سوريا، قال: “سنواصل استهداف الإرهاب، ولن تتمكن الولايات المتحدة الأمريكية أو أي دولة أخرى من حماية الإرهابيين”.
وصرح بأن الولايات المتحدة تسعى لتأسيس حزام في الشمال السوري بهدف نقل النفط المستخرج من شمال شرق البلاد إلى البحر ومن هناك إلى الأسواق العالمية، وبالتالي مساعدة تنظيم “بي كي كي/ واي بي جي” الإرهابي.
تحقيق رغبة “بي كي كي”
وتساءل تشاووش أوغلو عمّا إذا كانت المعارضة التركية تريد الانسحاب من سوريا تحقيقاً لرغبة الأسد أم نزولاً عند رغبات تنظيم “بي كي كي” الإرهابي.
وقال: “لماذا تقول المعارضة: سننسحب من سوريا؟ هل لتلبية مطلب الأسد أم تلبية لمطالب بي كي كي الإرهابي؟ أنا متأكد من شيء واحد وهو أنهم يقدمون تعهدات لتلبية مطالب بي كي كي”.
كما بيّن أن الاجتماع الذي سيُعقد في العاشر من مايو/ أيار الجاري، سيتركّز حول الملف السوري وسيتناول أيضاً تشكيل الأرضية اللازمة لعودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم بشكل آمن.
وشدد على ضرورة أن يعود اللاجئون السوريون إلى بلدهم بشكل “آمن وإنساني وعلى دفعات، ووفق خطة معينة”، مشيراً إلى عودة 550 ألف لاجئ سوري من تركيا إلى المناطق التي طهرتها قوات بلاده من الإرهاب في الشمال السوري.
كما أشار إلى أهمية “التعاون” مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى جانب النظام، من أجل تأمين عودة اللاجئين بشكل “شفاف” وبالتنسيق مع الأمم المتحدة.
وأشار إلى أن النظام يرغب في عودة السوريين إلى بلدهم، مبيناً أن ذلك يتطلب حالياً توفير الأمن لهم وتلبية احتياجاتهم، وقال إن النظام “غير قادر على ذلك حالياً بالقدر الكافي”.
الاجتماعات الرباعية
وأواخر نيسان الماضي، عُقد في موسكو اجتماع رباعي ضم وزراء دفاع ورؤساء استخبارات تركيا وروسيا وإيران ونظام أسد، وذلك في إطار المساعي الرامية بتطبيع العلاقات بين أنقرة والأسد.
وقالت وزارة الدفاع التركية في بيان آنذاك، إن الاجتماع ناقش الخطوات الملموسة التي يمكن اتخاذها لتطبيع علاقات أنقرة ودمشق، إضافة لتكثيف الجهود لإعادة اللاجئين السوريين إلى أراضيهم.
يأتي ذلك بعد اجتماع سابق عُقد في 15 و16 من شهر آذار الماضي حول سوريا على مستوى نواب وزراء الخارجية في موسكو، لم يتم فيه التوصل إلى حل لأي من الأمور العالقة بين دمشق وأنقرة، فيما أصرت ميليشيا أسد على خروج القوات التركية من الشمال، الأمر الذي رفضه الأخير.
وكان اجتماع ثلاثي بمشاركة وزيري الدفاع التركي الروسي ونظام الأسد ورؤساء المخابرات عُقد أيضاً في موسكو في 28 كانون الأول الماضي تم التوصل فيه إلى اتفاق لاستمرار هذه الاجتماعات وتبادل وجهات النظر حول عدة أمور على رأسها ميليشيا حزب العمال وقسد شرق سوريا والتي تدعمها واشنطن.
اتفاقية أضنة
وترتبط أنقرة مع حكومة نظام أسد باتفاقية وقعت في مدينة أضنة التركية عام 1998، وتمنح القوات التركية الحق بالتوغل بعمق 30 كيلو متراً داخل الأراضي السورية في حال تعرضها لتهديداتٍ مصدرها العمق السوري.
وكان توقيع هذه الاتفاقية وتقديم الأسد الأب هذا التنازل قد أنقذ النظام من هجوم تركي في ذلك العام، على خلفية هجمات نفذها حزب العمال الكردستاني ضد الجيش التركي عندما كان زعيم الحزب عبدالله أوجلان يقيم في دمشق، قبل إجباره على المغادرة تطبيقاً لبنود تلك الاتفاقية.