نشرت في •آخر تحديث
ظل اختفاء ريتا روبرتس في التسعينيات لغزا حتى تمكنت مبادرة “Identify Me” التابعة للإنتربول من التعرف على جثتها من خلال وشم مميز. والآن، تسعى الوكالة للحصول على مساعدة الجمهور في عشرات القضايا الأخرى التي لا تزال عالقة، أملا في الحصول على أي معلومة، ولو صغيرة، تساعد في حل هذه القضايا.
تعود هذه الحملة إلى قصة مؤثرة من أوائل التسعينيات، حين لم تكن وسائل الاتصال متاحة بسهولة. القصة تتعلق بـ”ريتا روبرتس”، التي غادرت مسقط رأسها كارديف متجهة إلى هولندا. بعد فترة من انتقالها، توقفت رسائلها وبطاقاتها البريدية إلى عائلتها.
كانت ريتا في أوائل الثلاثينيات، وكانت تعرف هولندا جيدا. ظنت العائلة في البداية أن انقطاع الاتصال ناتج عن انشغالها بحياتها اليومية. شقيقتها دونا قالت: “كان من الأسهل علينا تصديق أنها توفيت في حادث تحطم الطائرة الذي وقع في هولندا عام 1992، بدلا من تخيل سيناريوهات سلبية”.
وتابعت دونا: “ربما سئمت منا، أو رحلت وتزوجت شخصا وأنجبت أطفالا، واستمرت في حياتها بعيدا عنا”.
بحثت دونا بمفردها، وطلبت المساعدة من برنامج “Crimewatch” التابع لـ”بي بي سي” ومن عدة جهات أخرى، في محاولة لتعقب أختها، لكن دون جدوى.
استمر البحث المؤلم عن إجابات حتى العام الماضي عندما أطلقت مبادرة للإنتربول تحمل اسم “حدد هويتي”، والتي تضمنت 22 حالة لنساء متوفيات مجهولات.
في غضون يومين، تعرفت عائلة ريتا على صورة وشم وردي مألوف في التغطية الإخبارية. تواصلوا مع الإنتربول، وبفضل ذلك تم التعرف على جثة ريتا. تم العثور عليها في أنتويرب ببلجيكا عام 1992، بعد أن تعرضت لقتل عنيف، لكن السلطات لم تحدد هويتها قط.
الآن، يسعى الإنتربول لإجراء عملية بحث أوسع نطاقًا، ويطلب المساعدة من الناس في جميع أنحاء العالم لتحديد هوية 46 امرأة يُعتقد أن العديد منهن قُتلن في ست دول أوروبية، على أمل أن يتمكن أقاربهن من معرفة مصائرهن وحل القضايا المعلقة.
“ذاكرة، نصيحة، قصة مشتركة”.. عامة الناس قد يحلوا بعض القضايا
قال الأمين العام للإنتربول، يورغن ستوك، إن “هدف الحملة بسيط: نريد التعرف على النساء المتوفيات، تقديم إجابات للعائلات، وتحقيق العدالة للضحايا. ولكننا لا نستطيع القيام بذلك بمفردنا”.
وأوضح أن “هذا هو السبب وراء مناشدتنا عامة الناس للانضمام إلى هذا الجهد، فمساعدتهم قد تُحدث فرقًا كبيرًا”. وأشار إلى أن “حتى أبسط المعلومات يمكن أن تكون لها أهمية كبيرة في حل هذه الحالات العالقة”.
تم توسيع الحملة، التي كانت في الأصل مبادرة بلجيكية وهولندية وألمانية، لتشمل فرنسا وإيطاليا وإسبانيا، حيث تعتقد السلطات أن الإجابات عن بعض القضايا قد تكون خارج الحدود.
نشر الإنتربول والسلطات المحلية بيانات متنوعة تتضمن تحليل الحمض النووي، البيانات البيومترية، التصوير بالرنين المغناطيسي، واستخدام الذكاء الاصطناعي، في محاولة لإشراك الجمهور في هذا الجهد.
ومع ذلك، فإن الاطلاع على المعلومات التي تقدمها الإنتربول ليس بالأمر السهل، إذ تُطرح عدة أسئلة مثل: كيف ماتت هذه المرأة؟ من قتلها، ولماذا؟
تبدو الوجوه التي تم إعادة بنائها وكأنها تنظر مباشرة إلى المشاهد، وبعضها يبدو مبتسمًا تقريبًا، مما يشكل تناقضًا صارخًا عند النظر إلى حقيقة أن العديد من الضحايا تم العثور عليهم في أوضاع مأساوية، على عكس الصورة التي تم تجسيدها بصعوبة من قبل المحققين.
اختار البعض لهذا السبب استخدام صور الأشياء التي وُجدت مع الجثث، مثل خاتم منقوش، أو قطعة ملابس ملونة، أو حقيبة سفر سوداء عُثر فيها على إحدى الضحايا. وفي بعض الحالات، يتوفر فقط وشم، كما في حالة ريتا روبرتس.
على الرغم من أن المعلومات المتاحة أحيانًا قد تكون جزئية، إلا أن خبراء الإنتربول يعتقدون أنها قد تكون كافية لتنشيط ذاكرة شخص ما أو تشجيع الأقارب على التواصل.
في العام الماضي، تلقى المحققون نحو 2000 نصيحة، مع إجمالي 3 ملايين زيارة للموقع الإلكتروني المخصص لهذه الحملة.
ثلاثة تصنيفات لمعلومات الجمهور
قال الدكتور فرانسوا زافييه لوران من وحدة الحمض النووي في الإنتربول لـ”يورونيوز”: “لدينا ثلاثة أو أربعة أنواع من النصائح التي نتلقاها. الأولى من أشخاص مقربين من شخص ما اختفى. وعندما يرون صورة لعنصر أو وجه شخص ما، يعبرون عن اعتقادهم بأنه شخص مباشر يعرفونه”.
“أما النوع الثاني من الرسائل يبعثها أشخاص لا يعرفون الشخص بشكل مباشر، لكنهم رأوا حالة شخص مفقود على الموقع الإلكتروني أو كانوا يبحثون في جوجل، محاولين مساعدة الشرطة ثم وجدوا خيطًا”.
وأضاف أن “بقية الرسائل، يمكن أن تكون معلومات حول شيء رأوه في إحدى الصور، كقطعة مجوهرات مثلا، فيقولون للجهة المختصة إن لديهم قطعة مماثلة اشتروها من مكان ما في تاريخ ما، ثم يدلونهم على مكان شرائها أملا في أن تكون هذه المعلومات مساعدة، وهي أحيانا كذلك”.