تتجه الحكومة الإسرائيلية لفرض تدابير مالية جديدة من شأنها أن تزيد الأعباء على بيع وشراء العقارات، وهو ما يأتي ضمن محاولاتها لزيادة الإيرادات للاقتصاد الذي تضرر بشدة بسبب الحرب على قطاع غزة والتي تجاوزت عامها الأول، بالتزامن مع اتساع الصراع إلى لبنان.
وبحسب ما ذكرته منصة غلوبس الإسرائيلية المختصة بالاقتصاد، فإن وزارة المالية الإسرائيلية اقترحت مؤخرا، مسودة قانون جديد يحتوي على مجموعة من التدابير بعضها يتعلق بالعقارات، من المتوقع أن يكون لها تأثير كبير على الأشخاص الذين يبيعون ويشترون العقارات.
أحد هذه الإجراءات يتعلق بتجميد شرائح ضريبة شراء العقارات، وعدم تعديلها خلال السنوات الثلاث المقبلة بغض النظر عن ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين.
وبحسب ما تقوله “غلوبس”، فإن هذه الشرائح تحدد مقدار الضريبة التي سيدفعها المشتري بناء على سعر الشقة، وكلما ارتفع السعر زادت نسبة الضريبة.
ويعني القرار الجديد إذا تم تطبيقه أنه سيتم تثبيت مستوى الإعفاء الضريبي على شراء العقارات، وهو ما يعني أنه كلما زاد سعر العقار سيتعين على مزيد من الأشخاص دفع المزيد من الضرائب.
وفي الوضع الحالي، فإن الأشخاص الذين يشترون شقة تصل قيمتها إلى 1,978,745 شيكل لا يدفعون أي ضريبة شراء.
ونقل موقع غلوبس، عن المحامية وخبيرة العقارات، فيريد أولبينر ساكل، قولها: “في الواقع الذي نعيشه، من الواضح لنا جميعا أن أسعار الشقق لن تنخفض، بل ستزداد. إذا قمت بتجميد معدلات الضريبة، فإن المسؤولية الضريبية ستزداد عمليا، مما يجعل سعر الشقة أغلى، ويترك الأشخاص الذين يواجهون صعوبة في شراء شقة بتكلفة أعلى. وهذا يؤذي كل مشتري شقة لأول مرة، وخاصة الأزواج الشباب الذين يكافحون لتأمين رأس المال الأولي للحصول على الرهن العقاري، حيث يتأثرون بأي تغيير بسيط في التكاليف”.
خبير الضرائب العقارية المحامي، مئير مزراحي، يؤكد أيضا لمنصة “غلوبس، أن هذا هو على الأرجح الإجراء الأكثر أهمية في مسودة القانون الجديدة.
ويضيف: “نحن نتحدث عن جمع مبالغ ضخمة من المال كل عام. في عام 2023، تم جمع ما يقرب من 8 مليارات شيكل كضريبة شراء. ثلاث سنوات من التجميد هي فترة طويلة جدا، يمكن خلالها أن يرتفع المؤشر بشكل كبير بينما تبقى معدلات الضريبة كما هي”.
إجراء آخر مقترح في مسودة القانون الذي أعدته وزارة المالية، يرتبط أيضا بالعقارات ولكن بشكل “مخفي”، إذ من شأنه أن يزيد الضرائب على أولئك الذين يمتلكون أكثر من شقة واحدة.
هذا الإجراء يتعلق بالضريبة الإضافية، والتي تبلغ حاليا 3 بالمئة، وتُفرض على الأشخاص الذين يتجاوز دخلهم السنوي الخاضع للضريبة 721,560 شيكل (اعتبارا من عام 2024)، حيث تقترح مسودة القانون إضافة 2 بالمئة إلى الضريبة الإضافية، كما تضع تغييرا يتعلق بأي شخص يملك أكثر من شقة واحدة، وهو إدراج المكاسب الرأسمالية من الشقق الإضافية في حساب الدخل الخاضع للضريبة.
توضح المحامية، إفراط سولومون، شريكة ومتخصصة في الضرائب العقارية،، في تصريحاتها لموقع “إلوبس”، بأن هذا إجراء مهم حيث يضيف فعليا ضريبة جديدة بنسبة 5 بالمئة على بائع الشقة الذي يمتلك أكثر من شقة.
وتقول: “تم اعتبار الضريبة الإضافية في السابق ضريبة مخصصة للأثرياء فقط، ولكن بما أن البند الجديد يشمل المكاسب الرأسمالية من بيع الشقق، فإنه يخص عددا كبيرا من الأشخاص. يكفي أن يبيع الشخص شقة تكون مكاسبها الرأسمالية مليون شيكل، وبعد دفع ضريبة المكاسب الرأسمالية البالغة 25 بالمئة، سيبقى له ربح قدره 750 ألف شيكل، والذي سيخضع لضريبة إضافية بنسبة 5 بالمئة، أو إجمالي 30 بالمئة، وهذا أمر بالغ الأهمية”.
إجراء إضافي تنص عليه مسودة القانون أيضا وهو تجميد سقف الإعفاء الضريبي الذي يبلغ 5,654 شيكل شهريًا من دخل إيجار الشقق، والذي لا يتعين على المالك دفع ضريبة عليه.
تكاليف باهظة للحرب
التعديلات التي تسعى الحكومة الإسرائيلية لتطبيقها لزيادة الضرائب وتقليل المزايا لبعض الفئات، تأتي بالتزامن مع الزيادة المستمرة في الإنفاق على الحرب، وزيادة عجز الميزانية الذي يزيد حاليا على 8 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة مع 4 بالمئة قبل الحرب.
وأعلنت وزارة المالية الإسرائيلية الشهر الماضي، أن عجز الميزانية ارتفع خلال 12 شهرا حتى أغسطس إلى 8.3 بالمئة من 8 بالمئة في يوليو، ومقارنة بهدف يبلغ 6.6 بالمئة لعام 2024 بأكمله.
وبلغ الإنفاق على الحرب التي اندلعت في أكتوبر الماضي نحو 97 مليار شيكل (26 مليار دولار). ورجحت الوزارة أن يواصل العجز ارتفاعه خلال الربع الثالث.
وقدر بنك إسرائيل، في مايو الماضي، أن التكاليف الناجمة عن الحرب ستبلغ 250 مليار شيكل (66 مليار دولار) حتى نهاية العام المقبل، بما في ذلك النفقات العسكرية والنفقات المدنية، مثل الإسكان لآلاف الإسرائيليين الذين أجبروا على الفرار من منازلهم في الشمال والجنوب. وهذا يعادل حوالي 12 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل.
ويبدو أن هذه التكاليف سترتفع أكثر مع تفاقم القتال مع إيران، وحزب الله في لبنان، مما يضيف إلى فاتورة الدفاع الحكومية ويؤخر عودة الإسرائيليين إلى منازلهم في شمال البلاد.