يبحث الكثير عن ملاذ قريب أو بعيد، يساعد على التوازن، والهدوء، والتقرب من الطبيعة. هذا ما قد تجده في دولة بوتان الواقعة في القارة الآسيوية، التي يمكنك من خلالها أن تستفيد كذلك من التجربة البوذية لتحقيق بعض أهدافك المتعلقة بالصفاء الذهني. ماذا يمكن فعله في بوتان؟
هناك بلدان تقيس نجاحها وتقيّم قدراتها من خلال الاقتصاد، أي بدراسة الناتج المحلي الإجمالي الذي يعتمد على الصادرات والواردات والضرائب وكل ما يلحق ذلك.
لكن بوتان تقيس قوتها عن طريق تحقيق السلام والرضا لدى من يتواجد فيها، وتقيس نجاحها الوطني من خلال مؤشر السعادة الوطني الإجمالي. فشتان ما بينها وبين دول أخرى ترى للسعادة أشكالا مادية غالبا.
قررت بوتان أن تكون مختلفة -وهي التي يقع جزء من جبال الهيمالايا فيها- لتقدس الطبيعة، والروحانية، والممارسات الصحية القديمة. إذ يمكن لرحلة إليها أن تساعدك على إعادة شحن طاقتك من خلال مجموعة من الأنشطة كالذهاب إلى الحمامات الحجرية الساخنة والبحيرات المقدسة والتنزه.
التنزه إلى البحيرات المقدسة عبر الممرات المذهلة
أعيد افتتاح مسار ترانس بوتان الذي يمتد عبر بلاد الهيمالايا في العام الماضي، بعد 60 عاماً من إغلاقه. ويستغرق هذا المسار الهائل عشرة أيام لإتمام السير فيه، ما يجعله تحدياً كبيراً.
أما بالنسبة للزوار الذين يرغبون في خوض المغامرة في سلاسل الجبال الضبابية في بوتان، والتسلق إلى الأديرة المتاخمة للمنحدرات في نطاق زمني أقصر، فهناك الكثير من المسارات الأخرى.**
تقول خبيرة المشي لمسافات طويلة في بوتان “دورجي بيدها” إن مسار نوبتسوناباتا هو المفضل لديها. ويأخذك هذا الطريق عبر قمم تدعى “ها” في غرب بوتان، وهي منطقة يعتبر الإقبال السياحي عليها أقل من غيرها.
ويمرّ المسار عبر الأشجار المزهرة وغابات العرعر العطرة، وفيه ممرات شاهقة يصل ارتفاعها إلى 4350 متراً فوق مستوى سطح البحر. يعتبر الطريق منعشا ومثاليا لبعض التأمل الذاتي عند الوصول إلى بحيرة “نوبتسوناباتا” المخيفة في اليوم الثالث.
الحمام الحجري الساخن
الدلال على الطريقة البوتانية يعني التوجه إلى الحمامات الحجرية الساخنة، وهي ممارسة علاجية مستمدة من التبت في القرن السابع.
وتعتبر الحمامات المفتوحة في الهواء الطلق من الأنشطة الأكثر أصالة، وهناك الكثير من الحمامات العامة الداخلية أيضاً. وهنا تستلقي في حوض استحمام خشبي مملوء بمياه طبية وعليها أعشاب مبعثرة.
يتم تسخين الأحجار المأخوذة من قاع النهر حتى تتوهج ثم يتم إسقاطها عند الأقدام، لترسل موجة من الحرارة عبر الماء وتطلق المعادن العلاجية. وعندها، يبدأ الجسم والعقل بالاسترخاء بعد أن يحاط الزائر بالبخار والروائح الجميلة.
زيارة المعابد.. والتعرف على البوذية
يمكن أن تكون زيارة أحد المعابد في بوتان تجربة تأملية هامة بغض النظر عن معتقداتك الدينية أو الروحية. وكثيرا ما يحتاج الزائر للتنزه والتأمل في طريقه إلى المعابد المتواجدة على سفوح الجبال.
حتى أن أحد الأديرة الذي يدعي “عش النمر” يحتاج الوصول إليه التسلق لمدة ثلاث ساعات بسلوك طريق فيه غابات ضبابية، ويقع الدير عند حافة منحدر.
في الطريق، يمكن التوقف للحظة تأمل بجانب عجلة عملاقة ملونة تدور بواسطة تيار مائي متدفق، وهي مخصصة للصلاة.
وبمجرد الوصول إلى المعبد، يشرح مرشدون مثل دورجي أهمية اللوحات المعقدة والغامضة للآلهة وتماثيل بوذا. وقد تؤثر فلسفاتهم على حياتك ونظرتك الخاصة.