بعد أكثر من عشر سنوات من استكشاف مجرتنا، أنهى المسبار الفضائي غايا، التابع لوكالة الفضاء الأوروبية (ESA)، مهمته الكبرى بجمع بيانات تكفي لإنشاء خريطة ثلاثية الأبعاد دقيقة لدرب التبانة. ومع أن المركبة الفضائية ستُحال إلى مدار آخر، فإن “الكنز العلمي” الذي جمعته سيُحدث ثورة في فهمنا للكون.
واستعرضت وكالة الفضاء الأوروبية أحدث النتائج عبر صورة فنية تُظهر مجرتنا كما قد تبدو لمراقب خارجي. هذه الصورة، التي استندت إلى عشر سنوات من البيانات التي أرسلها غايا، تُعد أفضل تصور تمت إعادة بنائه لمجرتنا حتى الآن.
منذ إطلاقه من غيانا الفرنسية في ديسمبر 2013، عمل غايا على رسم أكبر وأدق خريطة لدرب التبانة، إذ قام بمسح 1.7 مليار نجم من موقعه على بُعد 1.5 مليون كيلومتر عن الأرض، محدداً مواقعها بدقة بالغة.
وأعلنت وكالة الفضاء الأوروبية أن غايا سيقوم بإصدار بياناته النهائية في عام 2026، ما يتيح للعلماء إنشاء خريطة ثلاثية الأبعاد غير مسبوقة للمجرة. ورغم توقفه عن مسح النجوم، فإن العمل العلمي سيبدأ بالفعل في استغلال هذا الكنز العلمي الهائل.
ويستعد فريق العمليات لإصدار البيانات الخامسة والأخيرة في نهاية العقد الجاري، حيث سيتم نقل جميع البيانات التي جمعها غايا خلال أكثر من عشر سنوات ونصف في عملية ضخمة.
قبل إحالته للتقاعد في مارس المقبل، تخطط وكالة الفضاء الأوروبية لتقديم تجربة فريدة لهواة الفلك. إذ ستصبح المركبة “أكثر سطوعاً بعدة درجات” أثناء الاختبارات الفنية، ما يجعل من الممكن رؤيتها من خلال تلسكوبات صغيرة، لكن لن تكون مرئية بالعين المجردة.
وستصدر الوكالة دليلاً لمساعدة الهواة على تحديد موقع غايا ودعوتهم لمشاركة مشاهداتهم.
خلال العقد الماضي، أحدث غايا تحولاً في فهمنا للمجرة، حيث قدم معلومات دقيقة عن مدارات أكثر من 150,000 كويكب، واكتشف تيارات من النجوم القديمة التي اندمجت مع درب التبانة. كما كشف عن ثقب أسود كبير يزن 33 ضعف كتلة الشمس، على بُعد أقل من 2,000 سنة ضوئية من الأرض.
مع انتهاء الاختبارات، ستُحال المركبة الفضائية إلى مدار بعيد عن الأرض لتجنب أي تداخل مع الأقمار الصناعية الأخرى، ما يُبقي العلماء منشغلين بكنوزها العلمية لسنوات قادمة.