مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تعود العلاقات الأمريكية الصينية إلى دائرة الضوء. فقد شهدت فترة رئاسته الأولى حربا تجارية شاملة أثرت بعمق على أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم. اليوم، تتجه الأنظار إلى مستقبل هذه العلاقة، في ظل ملفات شائكة ما زالت عالقة بين البلدين.
في خطوة لم يشهدها التاريخ السياسي الأمريكي من قبل، وجه الرئيس المنتخب دعوة إلى الرئيس الصيني شي جينبينغ لحضور حفل تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة، في سابقة تاريخية تهدف على ما يبدو إلى تخفيف التوترات بين البلدين. ووفقا لسجلات وزارة الخارجية الأمريكية، لم يسبق لأي رئيس دولة أن شارك رسميا في حفل تنصيب رئيس أمريكي.
لكن الرئيس الصيني، شي جينبينغ، قرر إرسال نائبه هان تشنغ لتمثيله في هذه المناسبة. وفي تصريحات أدلى بها تشنغ، أعرب عن أمله في أن تسهم هذه الخطوة في تعزيز وجود الشركات الأمريكية في الصين وتحقيق استقرار العلاقات بين القوتين الاقتصاديتين، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الصينية “شينخوا”.
تشنغ التقى عشية التنصيب بنائب الرئيس الأمريكي المنتخب جيه دي فانس، إلى جانب شخصيات بارزة مثل الرئيس التنفيذي لشركة “تسلا” إيلون ماسك، وأعضاء من مجتمع الأعمال الأمريكي وممثلي مجلس الأعمال الأمريكي الصيني وغرفة التجارة الأمريكية.
وركزت الاجتماعات على سبل تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، في وقت يترقب فيه العالم طبيعة العلاقة بين واشنطن وبكين في ظل الإدارة الجديدة.
هذا وتناولت المناقشات حول مكافحة تهريب الفنتانيل، أحد أخطر أنواع المخدرات.
وأكد تشنغ خلال حديثه مع إيلون ماسك، أن الصين ترحب باستثمارات شركته “تسلا” وغيرها من الشركات الأمريكية. وأشار إلى أن هذه الاستثمارات يمكن أن تستفيد من الفرص التي يوفرها النمو الاقتصادي في الصين، بما يعزز التعاون الاقتصادي ويسهم في تحسين العلاقات بين الصين والولايات المتحدة.
وحسب بيان وزارة الخارجية الصينية، أكد هان على المصالح المشتركة الواسعة بين البلدين، والمساحة الهائلة للتعاون التي تتشارك بها الولايات المتحدة والصين، في العلاقات الاقتصادية والتجارية، على الرغم من وجود بعض الخلافات والاحتكاكات.
تيك توك
وبالرغم من أن الرئيس الصيني لن يحضر حفل تنصيب ترامب شخصيا، إلا أنهما أجريا مكالمة هاتفية يوم الجمعة ناقشا خلالها التجارة والفنتانيل وتيك توك.
وعاد التطبيق الصيني للعمل في الولايات المتحدة يوم الأحد، بعد ساعات فقط من انقطاعه استجابة لحظر فيدرالي، وقال ترامب إنه سيوقف الأمر مؤقتًا بأمر تنفيذي يوم الاثنين.
وبعد الاجتماع، عبر إيلون ماسك التي تدير شركته “تسلا” مصنعا كبيرا في شنغهاي، عن آرائه عبر منصته “إكس”. وأكد معارضته المستمرة لحظر تطبيق “تيك توك” في الولايات المتحدة، معتبرا أن ذلك يتعارض مع حرية التعبير.
وفي تغريدة لاحقة، أشار ماسك إلى وجود “اختلال” في الوضع الحالي، حيث يسمح لـ”تيك توك” بالعمل بحرية في أمريكا، بينما تمنع منصة “إكس” من العمل في الصين.
واعتبر ماسك هذا التفاوت غير عادل، داعيا إلى إجراء تغييرات لتحقيق توازن أكبر بين البلدين فيما يتعلق بحرية الشركات التكنولوجية.
وتم حظر “إكس” في الصين إلى جانب تطبيقات ومواقع التواصل الاجتماعي، بما في ذلك يوتيوب وغوغل وفيسبوك، والعديد من وسائل الإعلام الأمريكية الكبرى.
وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” قد ذكرت في وقت سابق، أن السلطات الصينية تفكر في بيع أصولها في الولايات المتحدة لإيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة “تسلا” و” سبيس إكس”.
وقالت شبكة “سي إن إن” إنها تواصلت مع شركة “بايت دانس” التي تمتلك تيك توك لتأكيد الخبر، لكنّ المتحدث باسمها مايكل هيوز رفض التعليق، قائلًا إنه لا يمكن التعليق على أمر يعتبر محض خيال.
لكن، حسب “سي إن إن” قد يشكل ماسك مخرجا للشركة الصينية التي لا تريد خسارة سوقها في الولايات المتحدة، كما أنه شخص لديه أعمال تجارية هائلة في الصين، ومقرب من الرئيس المنتخب دونالد ترامب، بينما تبحث الصين عن نفوذ في مفاوضات التعرفة الجمركية.
لمحة عن الماضي
خلال ولايته الأولى، فرض ترامب تعريفات جمركية على واردات صينية تجاوزت قيمتها 300 مليار دولار.
وفي تصريحات حديثة، تعهد ترامب بفرض تعريفات إضافية لا تقل عن 10% على السلع الصينية، في خطوة تهدف إلى زيادة الضغط على بكين، التي تعاني من تباطؤ اقتصادي وتسعى جاهدة لتحقيق الاستقرار.
وتشير التوقعات إلى أن تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 60% على جميع الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة قد يكون ضربة قاسية لاقتصاد الصين، ما قد يؤدي إلى تصعيد التوترات الاقتصادية بين القوتين العالميتين ويعزز التنافس التجاري بينهما.
هذا ويتوقع أن يكون ملف تايوان من أبرز القضايا المطروحة على الطاولة، حيث لوح ترامب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 150% أو حتى 200% على السلع الصينية في حال تصعيد التوترات بشأن الجزيرة. ورغم أن الولايات المتحدة لا تعترف رسميا بتايوان كدولة، فإنها تعد داعما رئيسيا لها وموردا أساسيا للأسلحة.
في المقابل، أبدى ترامب مرونة في بعض القضايا، مشيرا إلى إمكانية التعاون بين الولايات المتحدة والصين في مجالات عدة، مثل الصراعات الإقليمية، والحد من تصدير المواد المستخدمة في إنتاج الفنتانيل.
المصادر الإضافية • أ ب