ولكن كيف وصلت المعركة إلى مرحلة اللاعودة ومن يكون هذا الجنرال الذي لا يزال يلطخ سمعة ألمانيا بالوحل؟ هويسلر يقول إنه كوّن انطباعا عن فون تروتا يسمح له بالقول إنه كان شخصا “مُتعنترا يريد تمييز نفسه عن الآخرين”، مضيفا أن “فون تروتا كان بالتأكيد عنصريا، ولكنه لم يكن مناضلا عرقيا كما يعتقد كثيرون، بل كان جنرالا خطته الرئيسية إخضاع الخصم وليس التصالح معه”، وإن المعركة “وصلت تدريجيا وليس فجأة إلى مرحلة التصعيد”.
هنا تختلف نظرة هويسلر إلى تطور المعركة عن نظرة بعض المؤرخين الآخرين الذين يقولون إن وصول المعركة إلى هذه المرحلة المتقدمة من القتل والإبادة يعود إلى عدم قدرة قوات فون تروتا على تحقيق إنجازات تساعده على حسم المعركة بسرعة. بمعنى آخر، الفشل وصلابة العدو كانا وراء ذهاب الجنرال الألماني إلى أبعد حدود الإبادة.
وما رأي من تبقى من شعبي هيريرو وناما في هذا الجنرال وجرائمه؟
البحث في بلد “المنفذين” عن إجابات عن هذا السؤال كان كالبحث عن إبرة في كومة قشّ، فالجالية الناميبية في ألمانيا لا تتجاوز بضع مئات. رغم ذلك، فإن الصدفة قادتنا إلى سليل أحد الضحايا، إسرائيل كاوناشيكي، حفيد إحدى نساء الهيريرو اللاتي تعرضن للاغتصاب من قِبل أحد ملاك الأراضي الألمان.
وعندما عرف إسرائيل بأنني أريد التحدث معه حول إبادة شعبه الهيريرو، اشترط إجراء المقابلة بالتثبيت في هذا التقرير أن اسمه إسرائيل نسبة للنبي يعقوب عليه السلام، وليس لإسرائيل التي “ترتكب الآن إبادة جماعية بحق الفلسطينيين”، فزاد حماسي للمقابلة ووافقت.