وشهدت العاصمة الإيرانية ليلة من التصعيد المكثف، حيث أفادت وكالة “تسنيم” الإيرانية بتعرض مقر وزارة الدفاع لغارة جوية، إلى جانب استهداف منشآت تابعة لدعم القوات المسلحة ومنظمة الأبحاث والابتكارات الدفاعية.
تقارير إسرائيلية تحدثت عن عملية نوعية نفذها الموساد عبر إطلاق صاروخ من داخل الأراضي الإيرانية باتجاه منشأة تابعة للحرس الثوري في طهران.
إلى ذلك، استهدفت الغارات مستودعا نفطيا في منطقة شهران شمال غربي طهران، وموقعاً غرب البلاد يستخدم لتخزين وإطلاق صواريخ أرض-أرض وصواريخ كروز.
قتلى ودمار في الداخل الإسرائيلي
في المقابل، سقطت صواريخ إيرانية على مناطق مدنية إسرائيلية، بينها مدينة بات يام، حيث أسفر القصف عن مقتل عدد من المدنيين وإصابة العشرات.
كما تسبب صاروخ في مدينة تمرة العربية شمال إسرائيل بسقوط قتلى وتدمير منازل، إضافة إلى أضرار واسعة في منطقة رحوفوت.
تقييمات استخباراتية وخطر نووي
إذاعة الجيش الإسرائيلي كشفت عن حصول تل أبيب على معلومات استخباراتية وُصفت بـ”الذهبية”، تفيد بأن إيران على بُعد أسابيع فقط من القدرة على إنتاج قنبلة نووية، مؤكدة أن طهران سرّعت تطوير مكونات منظومة التسلح النووي، خصوصاً ما يعرف بـ”مجموعة السلاح”.
التقارير تشير إلى أن طهران تمتلك أكثر من 400 كغم من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، وبإمكانها الوصول إلى نسبة 90% خلال أسبوعين، وهي النسبة المطلوبة لصناعة القنبلة.
إيران: الرد محدود والمفاوضات مجمدة
من جهته، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن بلاده لا تسعى لتوسيع رقعة المواجهة، مضيفا: “ركزنا ردّنا على أهداف داخل إسرائيل ولا نريد جرّ دول الجوار إلى الصراع ما لم يُفرض علينا ذلك”.
وأكد عراقجي أن إيران غير مستعدة للقبول بأي اتفاق نووي يُجردها مما وصفه بـ”حقوقها النووية”، مشيراً إلى إلغاء الجولة السادسة من المفاوضات التي كانت مقررة في مسقط.
إنذارات إسرائيلية وتحركات دولية
الجيش الإسرائيلي وجّه تحذيرا عاجلا للإيرانيين بالابتعاد عن مواقع الصناعات العسكرية، مؤكداً أن أي تواجد قربها يعرض حياتهم للخطر. وفي السياق ذاته، كشف الرئيس القبرصي عن تلقي بلاده رسائل إيرانية لنقلها إلى إسرائيل، متوقعاً محادثة مع نتنياهو لاحقاً اليوم.
مشهد إقليمي معقد ومسارات دبلوماسية مشروطة
في تحليله لـ”سكاي نيوز عربية”، قال الدكتور محمد صالح صدقيان إن إيران لا ترفض العودة إلى طاولة المفاوضات، لكنها تشترط إنهاء الهجمات الإسرائيلية أولاً.
وأكد أن طهران تعتبر الضغط العسكري وسيلة لإفشال المسار الدبلوماسي، مشيراً إلى أن إيران قد تفعل أنظمة صاروخية جديدة كرد إضافي على التصعيد.
ترويكا أوروبية تحاول إعادة إحياء الحوار
وفي أوروبا، أبدى وزيرا الخارجية الفرنسي والألماني استعداد بلديهما، إلى جانب بريطانيا، لإطلاق محادثات فورية مع طهران. وأكد وزير الخارجية الألماني أن “إيران لم تُظهر الجدية في السابق، لكنها لا تزال أمام فرصة للتفاوض”.
الباحث الألماني في الشؤون الأمنية رفائيل بوسونغ أوضح لـ”سكاي نيوز عربية” أن الدول الأوروبية تحاول الحفاظ على دور الوسيط، لكنها تعاني من محدودية التأثير وسط تزايد العسكرة والتصعيد.
سيناريوهات مفتوحة في ظل غياب استراتيجية خروج
في خضم هذا المشهد، يبرز سؤال رئيسي: هل تمتلك إسرائيل فعلا استراتيجية لإنهاء المواجهة؟ مراقبون يرون أن إسرائيل قد تكون نجحت في توجيه ضربة استباقية لإيران، لكنها دخلت معركة إقليمية مفتوحة لا تملك وحدها قرار إنهائها.
أما طهران، فتبدو غير مستعدة للتنازل عن برنامجها النووي، وتراهن على خلق توازن ردع عبر الوكلاء والرد المحدود، وسط تحذيرات من انزلاق المنطقة إلى مواجهة شاملة يصعب احتواؤها.