في صيف 2025، أهدى لبنان العالم مشهداً استثنائياً من الجمال والإبداع عبر مهرجانات الأرز الدولية ومهرجانات القبيات، اللذين شكّلا معاً لوحة وطنية تفيض بالحياة، وتؤكد أن هذا الوطن الصغير بمساحته، الكبير بروحه، لا يعرف الاستسلام أمام الأزمات.
القيمون على المهرجانين أثبتوا هذا العام أنهم أصحاب رؤية وإرادة، قادرون على تحويل التحديات إلى فرص، راسمين ملامح صيف يليق بتاريخ لبنان العريق، ولم يكتفوا بمجرد تنظيم حفلات، بل صنعوا تجربة فنية وثقافية شاملة، تجذب الأنظار من الداخل والخارج، وتعيد تثبيت اسم لبنان على الخريطة السياحية والثقافية العالمية.
في جبال الأرز الشامخة، حيث عبق التاريخ يلتقي بخلود وصمود وقوة، وعراقة أرزه، ارتفعت الأصوات والألحان لتلامس السماء، حاملة رسائل حب وفخر لكل من حضر، وفي مرتفعات القبيات في قلب عكار، امتزج الفن بسحر الطبيعة، لتولد لحظات نادرة تُثبت أن الفن في لبنان ليس ترفاً، بل هو ساحة حقيقية يتغنى بها العالم، ووسيلة للتلاقي.
أشعل كفوري أجواء مهرجان الأرز بحفلته، حيث قدّم باقة من أشهر أغانيه، وكانت الحفلة بمثابة احتفال كبير لعشاق الموسيقى والحفلات، لتنعكس موهبته وحضوره القوي أمام جمهور متحمس استمتع بكل لحظة.
وفي مهرجان القبيات، تألّق الحلاني بإطلالته الفنية المميزة، مقدّمًا باقة من أغانيه الشهيرة، وأشعل الحماس بين الجمهور، الذي تجاوب مع كل نغمة، ليصبح الحفل تجربة موسيقية استثنائية لا تُنسى في تاريخ المهرجان.
كما برز التميّز في العديد من الحفلات الأخرى، منها حفلة الفنان مروان خوري وعروض Mayas وBlack Coffee ، حيث قدّم الفنانون تجربة موسيقية مليئة الإبداع، وأضافوا أجواءً احتفالية متكاملة لكل محبي الموسيقى والفن، مما جعل موسم المهرجانات هذا العام استثنائيًا بكل المقاييس، وتميزت جميع الحفلات بالأداء الممتاز والتنظيم الدقيق، حيث سارت الأمور بسلاسة تامة دون أي مشاكل.
الحضور الجماهيري الحاشد، والتنظيم الراقي، والتنوع الفني الذي جمع أسماء لبنانية وعالمية، كلها عوامل صنعت من مهرجانات الأرز والقبيات أبرز أحداث هذا العام، والأهم من ذلك، أنها قدّمت للبنان إنجازًا جديدًا يُضاف إلى مسيرته الطويلة في حمل رسالة الإبداع، والاحتفاء بالحياة رغم العواصف.
لقد تجاوز هذان المهرجانان حدود الفن التقليدي، وتحولا إلى رسالة وطنية واضحة: لبنان موجود، نابض، ومبدع، في كل نغمة وصوت وتصفيق، كان هناك إعلان صريح أن لبنان لا ينكسر، بل ينهض، ويصدّر للعالم أجمل ما لديه: موسيقاه، ثقافته، وطاقة شعبه التي لا تنضب.
وهكذا، اختُتم صيف 2025 بصفحة مشرقة تُضاف إلى سجل لبنان المليء بالإنجازات الثقافية، ليبقى الفن دائمًا نافذة يطل منها الوطن على العالم، وجسرًا يعبر فوقه الأمل من الحلم إلى الواقع.