في دورته السابعة، يواصل مهرجان ميدفست مصر تقديم تجربة فريدة تمزج بين الفن والوعي النفسي، عبر 31 فيلمًا قصيرًا من 15 دولة.
فاهتمام ميدفست مصر بالصحة النفسية ليس وليد هذه الدورة، فإسم “ميدفست” يدمج بين الطب والمهرجان، ومنذ انطلاقه عام 2017، جمع المهرجان بين صناع السينما والأطباء النفسيين والمتخصصين، ليقدم تجربة ثقافية فريدة تمزج بين الفن والعلاج، وتهدف إلى رفع الوعي المجتعمي بالصحة النفسية من خلال الأفلام، والنقاشات، وورش العمل.
هذا العام، جاء عنوان الدورة “محطات”، ليعبر عن مراحل نفسية وإنسانية نمر بها في حياتنا، وتترك أثرها العميق على وعينا وسلوكا.
ست محطات… ست زوايا لفهم الإنسان:
خطوات – البداية دائمًا داخل النفس. أفلام هذه المحطة تروي لحظات فارقة لشخصيات تستكشف قوتها الداخلية في مواجهة الألم أو الخوف أو التغيرات المفاجئة.
حركات – هنا يتكلم الجسد حين تعجز الكلمات. تسلط الأفلام الضوء على كيف يعبّر الجسد عن التوتر، الألم، الهوية، وحتى الأمل.
علاقات – لأننا لا نعيش في عزلة، تستكشف هذه المحطة الخيوط الخفية التي تربطنا بالآخرين: الأمهات، الأحباء، الأصدقاء، الغرباء… وأثر كل علاقة على توازننا النفسي.
جوانا – الغوص في الداخل. تسلط الأفلام الضوء على صراعاتنا الذاتية، من الوسواس القهري إلى فقدان الأمان، إلى البحث عن الذات خلف الأقنعة التي نرتديها.
علامات – ومضات من التعافي. تطرح هذه المحطة أسئلة حول كيف نتجاوز الألم، كيف نتصالح مع موت أحباءنا، وكيف نعيد تشكيل ذواتنا بعد الانكسار.
حدود – الهروب والبحث عن الأمان. تستعرض أفلام هذه المحطة تجارب النزوح والانتماء والانكسارات التي يتعرض لها الإنسان حين يُجبر على العبور من مكان إلى آخر، جسديًا أو نفسيًا.
هذه المحطات ليست مجرد تصنيفات فنية، بل دعوات للتأمل الجماعي في ما نمر به من مشاعر معقدة في الحياة اليومية، وما نكتمه من ألم أو قلق أو عزلة.
ميدفست لا يعرض أفلامًا فقط، بل يفتح نوافذ للحوار مع النفس ومع الآخرين، مؤكدًا أن الصحة النفسية ليست رفاهية، بل ضرورة إنسانية، وأن السينما يمكن أن تكون بابًا للفهم، والتعاطف، وربما الشفاء.
إنها تجربة تعيد تعريف التوعية الصحية، وتجعل من الفن نافذة لفهم الذات، ومكانًا آمنًا للحوار حول ما يؤلمنا بصمت.
ففي عالم تتزايد فيه الضغوط اليومية، وتتسارع فيه وتيرة الحياة، أصبحت الصحة النفسية ضرورة لا يكن تجاهلها،، لم تعد المعاناة النفسية أمرًا يجب كتمانه، بل قضية إنسانية تمس كل فرد في المجتمع، من هنا تأتي أهمية المبادرات التي تُسلّط الضوء على هذه الجوانب الخفية فينا، وهو ما يفعله ميدفست مصر بذكاء وجرأة.
وفي زمن أصبحت فيه الصحة النفسية تحديًا جماعيًا، يثبت ميدفست أن الثقافة والفن يمكن أن يكونا جزءًا من الحل، ووسيلة لبناء مجتمع أكثر وعيًا وتعاطفًا وإنسانية.