كتبت- دعاء سمير -كشفت نيجيريا خططًا واسعة النطاق لمنح الطائرة الصينية “سي 919” شهادة اعتمادٍ للاستخدام المحلي في مجال الطيران، في خطوة قد تُعيد تشكيل خارطة الطيران في إفريقيا بين نفوذ بكين وضغوط الغرب.
وبحسب “بيزنس إنسايدر أفريكا”، فإن هذه الخطوة قد تفتح الباب على مصراعيه لدخول الصين إلى أكبر سوق طيران في القارة، في وقت تبحث فيه شركات الطيران النيجيرية عن بدائل استراتيجية تعزز قدرتها التشغيلية وتقلل اعتمادها على الغرب.
وبحسب مصارد مطّلعة فإن هيئة الطيران المدني النيجيرية، بدأت بالفعل دراسة إجراءات اعتماد الطائرة الصينية، وهي عملية معقدة تمتد لأشهر وتتطلب اختبارات تقنية وتنظيمية دقيقة.
من جانبه أوضح مدير الهيئة، الكابتن كريس أونا ناجومو، أن المفاوضات مع شركة “كوماك” الصينية قطعت شوطاً، في إطار مساعٍ للحصول على مكان في سوق النقل الجوي الإفريقي.
ويرى الخبراء أن الطائرة “سي 919″، التي تطورها شركة “كوماك” المملوكة للدولة الصينية، تمثل ردًّا مباشرًا على طائرات “بوينغ 737” و”إيرباص A320″، وهما العمود الفقري لأساطيل الطيران حول العالم، لكن رغم ذلك، لا تزال الطائرة تواجه تحديات كبرى، أبرزها غياب الاعتماد من الهيئات الغربية المرجعية مثل إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية والوكالة الأوروبية لسلامة الطيران، إضافةً إلى تأخر تسليمات الطائرات للمشترين.
في محاولة لإغراء نيجيريا، عرضت “كوماك” تقديم دعم متكامل يشمل تدريب الطواقم وتوفير خدمات الصيانة، فضلاً عن صفقات “التأجير الجاف” التي تتيح لشركات الطيران استئجار الطائرات دون طواقم، ويرى مراقبون أن هذه الحوافز قد تجعل دخول “سي 919” إلى نيجيريا أكثر سهولة، خاصة في ظل تحسن سمعة البلاد في سوق التأجير العالمي بعد رفع تصنيفها ضمن مجموعة العمل الخاصة بالطيران؛ ما يعزز ثقة شركات التأجير ويفتح الباب أمام أساطيل أحدث لـ13 شركة طيران نيجيرية.
رغم أن السفر الجوي لا يزال مرتفع التكلفة بالنسبة لكثير من النيجيريين، إلَّا أن بيانات اتحاد النقل الجوي الدولي تشير إلى انخفاض متوسط أسعار التذاكر الحقيقية بنسبة 43.6% بين عامَي 2011-2023، وهذا التراجع يعكس تحسناً نسبياً في سوق الطيران المحلي، لكنه يظل هشاً أمام التحديات الاقتصادية؛ ما يجعل دخول طائرة جديدة مثل “سي 919” اختباراً لقدرتها على تقديم حلول فعّالة ومغرية.
وحتى الآن، تعمل “سي 919” حصراً لدى شركات طيران صينية، فيما يشهد الطراز الأصغر “سي 909” انتشاراً محدوداً لدى 3 شركات في جنوب شرق آسيا، ولذلك فإن اعتماد نيجيريا لهذه الطائرة سيشكل أول اختراق حقيقي لها في إفريقيا؛ ما قد يفتح الباب أمام بكين لتعزيز حضورها الجوي في القارة، ويدفع المنافسة المباشرة مع بوينغ وإيرباص إلى ساحة جديدة خارج أوروبا وأمريكا.