علق المخرج المصري كريم الشناوي، بأن أخطر ما يهدد مستقبل الصناعات الإبداعية هو تحويلها إلى مساحة دائمة لـ”المظلومية”، مؤكداً أن هذا المنطق إذا ترسخ سيصبح بمثابة قانون خطير، فالممثل الذي لا يُختار في تجربة أداء قد يعتبر نفسه مظلوماً، والمسؤول الذي يرفض فيلماً قد يبرر المنع بأنه ضحية، وحتى الجمهور قد يهاجم صانع العمل باعتباره تجاوز على قيم المجتمع.
وجاء تعليق الشناوي بعد الأزمة التي أثارها المخرج محمود يحيى، الذي دخل في إضراب عن الطعام مطالباً بعرض فيلمه الروائي الطويل الأول «اختيار مريم» في سينما زاوية. الفيلم، الذي قام ببطولته محمد رمضان وشارك في عدة مهرجانات وحصد جوائز، قوبل برفض زاوية لاعتباره غير مناسب لبرنامجها الحالي، ما دفع المخرج إلى الاعتصام أمام السينما ورفع بوسترات العمل، مؤكداً أنه أنفق كل مدخراته لإنتاجه، وأن من حقه الحصول على فرصة عادلة للعرض.
وأكد يحيى في فيديو نشره عبر حسابه أنه لا يطالب بمقاطعة زاوية، بل يرى فيها منبراً مهماً، لكنه يرفض أن يظل فيلمه مهمشاً، مشدداً على أن معركته سلمية ومبنية على المطالبة بحقه المشروع في عرض تجاري يعوض سنوات جهده. وخلال اعتصامه، تحدث عن تعرضه للاعتداء من قبل بعض العاملين في السينما، ما زاد من تعاطف كثيرين معه عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
من جهتها، أوضحت إدارة زاوية أن رفض عرض الفيلم لم يكن بدافع شخصي بل لاختلافه عن خطها البرامجي، مؤكدة احترامها لصانعه واعتذارها عما بدر من بعض الأفراد، مع التشديد على أن دار العرض تحتفظ بحقها في اختيار الأعمال التي تقدمها. وفي بيان لاحق، أعلنت زاوية أنها قررت عرض الفيلم بشكل استثنائي حفاظاً على صحة المخرج بعد إضرابه عن الطعام، لكنها شددت على أن مسؤولية التوزيع تقع على شركة التوزيع وليس على دار العرض.
الشناوي علّق على الأزمة قائلاً: “جوهر القضية هو حماية حرية الإبداع وحق دور العرض في الاختيار، وليس تحويل السينما إلى ساحة صراع أو معركة حياة أو موت. إذا تم اختزال كل شيء في منطق المظلومية، سيخسر الجميع: المبدع، الجمهور، والصناعة نفسها”. وأضاف أن الحل يكمن في توسيع فضاءات العرض وخلق فرص عادلة، مع الإيمان بأن الفيلم ذاته هو وسيلة المقاومة الوحيدة التي تليق بالفن.