في مشهد يتكرّر بشكل مقلق، انتشر خلال الأيام الماضية، على مواقع التواصل الاجتماعي، شائعة وفاة الشيف عبير الصغير، إحدى أبرز صانعات المحتوى في مجال الطبخ، لتتصدر محركات البحث، وتثير موجة من القلق والحزن بين متابعيها، من دون مصدر موثوق، وذلك قبل أن تخرج بنفسها لتنفي الخبر، وتؤكد أنها بخير شاكرة محبتهم، ومستنكرة كيف يمكن أن تتحول كذبة بهذا الحجم إلى “ترند” خلال ساعات.
هذه الحادثة، التي تبدو للوهلة الأولى عابرة، تسلّط الضوء على ظاهرة خطيرة تتصاعد بلا رادع، وهي ترويج شائعات الوفاة عبر الإنترنت، والتي تحوّلت إلى وسيلة سهلة لصناعة التفاعل وكسب المشاهدات، من دون أي مانع إنساني أو مهني، وكأن حياة الناس أصبحت لعبة أرقام ومشاهدات.
ففي زمن السوشيال ميديا، أصبح الترويج للموت وسيلة لجذب الانتباه، ومنافسة محمومة على “اللايك” و”الشير”، دون مراعاة للأذى الذي تسببه هذه الشائعات.
إن ما حدث مع عبير الصغير، وقبلها مع العديد من الشخصيات العامة، هو اعتداء مباشر على الحق في الحياة، والكرامة، وراحة البال. فلا يمكن تبرير نشر خبر وفاة إنسان حيّ، دون مراعاة لمشاعر أسرته أو محبيه، ودون التفكير بتبعات ذلك عليه نفسيًا واجتماعيًا.
الأخطر من الشائعة نفسها، هو سهولة ترويجها، وسرعة انتشارها، كما أن الأمر لم يعد مقتصرًا على أفراد مجهولين، بل باتت بعض الصفحات والحسابات ذات المتابعة الواسعة تشارك بوعي أو بجهل في صناعة هذا النوع من المحتوى المؤذي، في غياب أي رقابة حقيقية أو مساءلة قانونية.
وفي الختام، لا بد من التوقف عن ترويج هذه الأخبار، ومحاسبة من ينشرها أيضا، لأن الأرواح ليست مادة إعلامية، ولا وسيلة لزيادة عدد المتابعين، ومن يتلاعب به لأجل مكسب رقمي، هو شريك في الإساءة، لا يستحق المتابعة ولا التصفيق.