كتبت- دعاء سمير- وكالات: تهدف خطة جديدة للسكك الحديدية عالية السرعة من المفوضية الأوروبية إلى تقليص أوقات الرحلات عبر أوروبا خلال العقود القليلة المقبلة. حددت الخطة، التي أُعلن عنها يوم الأربعاء، هدفًا يتمثل في ربط جميع المحاور الرئيسية في الاتحاد الأوروبي بخدمات قطارات لا تقل سرعتها عن 200 كيلومتر في الساعة (125 ميلًا في الساعة) بحلول عام 2040، على أن تتجاوز سرعة العديد من الخدمات 250 كيلومترًا في الساعة (155 ميلًا في الساعة).
وإذا تم تنفيذ هذا التحديث والتوسع بشكل كامل، فإن التوفير في الوقت الذي توفره هذه الترقية والتوسعة سوف يكون مذهلاً: سوف تستغرق القطارات من برلين إلى كوبنهاجن أربع ساعات بدلاً من سبع ساعات حالياً، وسوف تنخفض أوقات الرحلة بين وارسو وفيينا إلى أربع ساعات وربع الساعة بدلاً من سبع ساعات ونصف الساعة حالياً، في حين سوف تنخفض أوقات السفر بين مدريد ولشبونة بنحو الثلثين، إلى ثلاث ساعات بدلاً من تسع ساعات حالياً.
في بعض الحالات، لن تكون طرق القطارات ذات السرعة الأعلى أسرع فحسب، بل ستكون جديدة تماما ــ سيتم إعادة فتح وتحسين اتصال السكك الحديدية المغلق حاليا بين اليونان وبلغاريا، مما يسمح بالسفر من أثينا إلى صوفيا في ست ساعات، بدلا من أكثر من 13 ساعة حاليا بالقطار والحافلة.
وقال مفوض الاتحاد الأوروبي للنقل والسياحة المستدامة أبوستولوس تسيتسيكوستاس في إطلاق الخطة، إن هذه التحسينات مجتمعة قد تكون كافية لإحداث تحول حاد نحو السفر بالسكك الحديدية، مشيرا إلى أنه إذا كان لدى الركاب “وسيلة للذهاب إلى مكان ما بسرعة وأمان، فتأكدوا من أن المواطنين سيختارون القطار بالتأكيد على أي وسيلة نقل أخرى”.
سيكون تحقيق هذه الأهداف معقدًا ومكلفًا، ومجرد اعتمادها كأهداف لا يضمن تحقيقها. تُقدّر المفوضية أن هناك حاجة إلى استثمار قدره 345 مليار يورو (397 مليار دولار) بحلول عام 2040. في الوقت نفسه، ستبلغ تكلفة مضاعفة عدد المسارات الحالية التي تسير بسرعة 250 كيلومترًا في الساعة أو أكثر ثلاثة أضعاف بحلول عام 2050، 540 مليار يورو. وبينما سيأتي بعض هذا التمويل من خزائن المفوضية – حيث ستغطي الأموال المخصصة حتى الآن حوالي 10% من التكلفة – سيأتي معظمه من مصادر أخرى، مثل الحكومات الوطنية وشركات القطارات.
وتقدر المفوضية أن المكاسب التي ستجنيها الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي من هذا الاستثمار سوف تتجاوز التكاليف بكثير، حيث تصل الفوائد غير المباشرة إلى 750 مليار يورو في المجموع إذا حققت المفوضية هدفها لعام 2050، من التحسينات مثل الحد من التلوث وتكاليف الازدحام إذا تحول المزيد من الركاب من السفر بالسيارات والطائرات.
لكن تحقيق فوائد بهذا الحجم يتوقف على مدى استخدام القطارات، والذي سيتجاوز مجرد تحديث المسارات. كما أعربت المفوضية عن التزامها بتوفير أسعار معقولة وشفافية الحجز لزيادة عدد الركاب. تُعرف خدمات القطارات عالية السرعة الحالية في أوروبا بأنها باهظة الثمن بالنسبة للنخبة الثرية، بينما غالبًا ما يختار المسافرون الآخرون السفر جوًا نظرًا لاختلاف التكلفة بشكل ملحوظ.
ومن أبرز الأمثلة على ذلك نفق القناة الواصل بين لندن وأوروبا القارية، وهو حاليًا أغلى خدمة سكك حديدية في أوروبا. وفي مؤتمر صحفي، أشار مسؤولو المفوضية إلى هذا الخط كتحذير: فرغم تشغيله لأكثر من 30 عامًا، إلا أن هذه الخدمة تقترب الآن فقط من الانفتاح على شركات القطارات المنافسة، ويعود ذلك جزئيًا إلى نقص مرافق تخزين وإصلاح القطارات فائقة السرعة على الجانب البريطاني.
كما أن أسعار التذاكر غير متساوية. فحجز نفس مسار القطار بين بروكسل وكولونيا، على سبيل المثال، غالبًا ما تختلف تكلفته تبعًا لحجزه عبر شركة النقل الوطنية الألمانية “دويتشه بان” أو شركة النقل الوطنية البلجيكية “SNCB”.

