يغادر “الطفل المعجزة” السابق لعالم الأزياء الباريسية الصفوف الأولى لعالم الرفاهية، فبعد أربعة عشر عامًا على توليه إدارة بالمان في سن الخامسة والعشرين، أعلن أوليفييه روستينغ رحيله عن المنصب الإبداعي للدار الباريسية العريقة.
ويشكّل هذا الإعلان، الذي صدر يوم الأربعاء، نهاية واحدة من أطول وأكثر المراحل تأثيرًا وإثارة في مشهد الأزياء الفاخرة المعاصر.
وقال المصمم في بيان: “أنا فخور للغاية بكل ما حققته وممتنّ لفريقي، لعائلتي التي اخترتها بنفسي”. من جهته، شدد الرئيس التنفيذي لدار بالمان، ماتيو سغاربوسا، على أن مساهمته “ستترك بصمة لا تُمحى في تاريخ الموضة”.
تم تعيين روستينغ مديرًا إبداعيًا لبالمان في أبريل 2011، وكان يبلغ من العمر 25 عامًا فقط. عمل في مشغل الدار منذ عام 2009 وكان مجهولًا نسبيًا آنذاك. جعله هذا التعيين أصغر مصمم يتولى إدارة علامة باريسية كبرى منذ إيف سان لوران، وأول مصمم صاحب بشرة سوداء يقود دار أزياء فرنسية عريقة عبر جميع خطوطها.
تحت قيادته، ارتفع حجم أعمال بالمان من 30.4 مليون يورو في عام 2012 إلى ما يقرب من 300 مليون يورو في عام 2024. لكن تأثيره تجاوز الأرقام، إذ أعاد روستينغ تعريف العلاقة بين الموضة والمشاهير ووسائل التواصل الاجتماعي. ومن مشغله في شارع فرانسوا الأول، أسس ما يُعرف بـ”جيش بالمان”، وهي جماعة عالمية تحتفي بالتنوّع والتمثيل والجمال الجريء. في عام 2015، أصبحت تعاونه مع H&M ظاهرة غير مسبوقة في ديمقراطية الأزياء الفاخرة، حيث اصطف الناس في طوابير طويلة، ونفدت المجموعة خلال ساعات، مما رسّخ ظاهرة بالمان عالميًا.
بعد استحواذ مجموعة “مايهوولا” القطرية على بالمان في عام 2016 مقابل 500 مليون يورو، وسّع روستينغ طموحات الدار. قدّم عروض أزياء على شكل مهرجانات مفتوحة للجمهور، أعاد إطلاق خط الأزياء الراقية في عام 2019، وأطلق خطوط الإكسسوارات والجمال بالتعاون مع شركة “إستيه لودر”.
كما كوّن المصمم علاقات وثيقة مع شخصيات مشهورة مثل ريانا وكيم كارداشيان وجيجي حديد، وجعل من بالمان مرادفًا للفخامة المبهرة والهوية المميزة والعاطفة. قصته الشخصية، التي سُردت في الفيلم الوثائقي Wonder Boy، والحادث المنزلي الذي تعرض له عام 2021، شكلا مرحلة أكثر تأملًا ونضجًا في مسيرته وخطابه الإبداعي.
قدّم روستينغ عرضه الأخير في الأول من تشرين الأول أكتوبر في باريس، وهو نفس المكان الذي شهد بدايته عام 2011. وقال آنذاك: “الجميع يتحدث عن العصور الجديدة، لكن يمكنك أيضًا أن تبني عصرك الخاص بالبقاء في نفس الدار وتحدي نفسك”، في إشارة إلى تسارع تغييرات المديرين الإبداعيين في صناعة الرفاهية.
يؤكد هذا الخبر إغلاق فصل حاسم في تاريخ بالمان الحديث فبقيادته، تضاعف حجم أعمال الدار عشر مرات، وتموضع اسمها في قلب الثقافة المعاصرة.
