بعد 3 أعوام عجاف، هبطت فيها أسعار جلود الأضاحي في مصر لأدنى مستوياتها، ووصل الأمر بإلقاءها أحيانا في القمامة، يتوقع الخبراء انفراجة كبيرة في أسعار هذه الجلود في موسم عيد الأضحى الحالي.
وتمتلك مصر ثروة حيوانية ضخمة، وإن كانت تأثرت في الفترة الأخيرة بمشكلة ارتفاع أسعار الأعلاف الناتجة في أحد أسبابها عن أزمة أوكرانيا، ولكنها ما زالت تقدم جلودا تفيض عن حاجة المدابغ والصناعات الجلدية المحلية.
ويوضح مسؤولون في تجارة الجلود وأصحاب مزارع لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” كيف بدأت أزمة تصريف الجلود، وأشار بعضهم لانفراجة كبيرة هذا الموسم.
انخفاض الإنتاج الحيواني
شهد قطاع الثروة الحيوانية في مصر تذبذبا في عدد رؤوس الماشية منذ عام 2012، غلب فيه النقصان في بعض الأعوام على الزيادة.
وحاليا يوجد في مصر 3 ملايين و530 ألف رأس من المواشي، فيما كان العدد 7.5 مليون رأس في 2022، أي بانخفاض يتجاوز النصف، فيما شهد عام 2022 زيادة بمليون رأس عن عام 2020 والذي بلغت أعداد الماشية فيه 6.5 مليون رأس، لكن كل تلك الأرقام جاءت أقل بكثير عن مستوى 18 مليون و989 ألف رأس الذي كان في عام 2012.
أسعار الجلود
يستهل أحمد أبو الحجاج، صاحب مزرعة مواشي، حديثه بأنه في المواسم الثلاثة الأخيرة انخفضت أسعار الجلود، حتى إن بعض الأهالي أعطوها مجانا للمؤسسات الخيرية، أو تخلصوا منها في صناديق القمامة الموضوعة في الشوارع.
وحسب أبو الحجاج، فإنه في تلك الفترة هبط السعر إلى ما بين 100و 150 جنيه لجلد العجل مقارنة بما بين 1000 و1300 جنيها، وما بين 10 و20 جنيه لجلد الخروف، مقابل 100 جنيه سابقا.
قبل أن يتم تجميع الجلود تُحفظ في غرفة مخصصة في كل مجزر مرخص، وفي نهاية يوم الذبح يتم تنظيف الجلود، ثم تمليحها وتجميعها بواسطة متعهد يرسلها إلى مدابغ الجلود في القاهرة، كما يوضح الدكتور فتحي سلمي، مدير عام الطب البيطري بمحافظة الأقصر.
ويضيف نقيب مزراعي الأقصر السابق، المهندس علي قناوي، أنه كان يشترك في عملية التجميع، المجازر والتجار والمساجد والجمعيات الخيرية.
ويصف قناوي، حال الجلود بأنها أًصبحت “بلا سعر تقريبا” في السنوات الثلاثة الماضية، وتجميعها بات يتم بشكل فردي، معربا عن أمله في انتباه وزارتي الزراعة والصناعة والتجارة، لهذه الثروة التي تُهدر، ويمكن أن تحقق عوائد بمليارات الجنيهات.
انفراجة في الأسعار
وفق محمد مهران، رئيس شعبة الجلود بالغرفة التجارية، فإن من أسباب تراجع أسعار الجلود، كان الظروف الاقتصادية وجودة الجلود السيئة، الناتجة عن سلبيات في الذبح والسلخ.
إلا أن مهران، يستبشر بأن الموسم الحالي سيشهد انفراجة، بعد اهتمام المجازر بطرق الذبح والسلخ السليمة التي تحفظ جودة الجلود؛ وقد تصل الأسعار هذا الموسم لـ500 جنيه، وقد تزيد حسب الجودة.
ويتوقع رئيس شعبة الجلود، أن الإنتاج سيفيض عن حاجة المدابغ والصناعة المحلية؛ ولذا يدعو لتصدير هذه الجلود للخارج في فترة وجود الفائض والموسم، خاصة وأنها ستكون مصدرا هاما لإدخال العملة الصعبة.
الاكتفاء الذاتي من اللحوم
وللحد من تأثير الأزمات العالمية على الزراعة والثروة الحيوانية، اتخذت الحكومة المصرية خطوات لتحقيق الاكتفاء الذاتي، حيث قال الدكتور حسام سلام، عضو لجنة الدعم الفني بقطاع الثروة الحيوانية والداجنة في الوزارة، خلال تصريحات تلفزيونية في يونيو 2022، إن مقدار الاكتفاء وصل في ذلك العام إلى 60 بالمئة من اللحوم الحمراء.
وأمام مجلس الشيوخ، قالت وزيرة التخطيط، الدكتورة هالة السعيد، في يونيو الجاري، إن الوزارة خصصت استثمارات للعام المالي 2023-2024 بـ 116,6 مليار جنيه لتنمية الزراعة.
ومما تستهدفه هذه الاستثمارات، زيادة نسبة الاكتفاء الذاتي من اللحوم الحمراء إلى 70 بالمئة، ومن الأسماك إلى 98 بالمئة، مع التوسع في إنشاء المجازر النموذجية لتصل إلى 3 آلاف مجزر.