بقلم: يورونيوز
نشرت في
•آخر تحديث
في موقف يعكس تصعيداً دبلوماسياً واضحاً، أعلن وزير الخارجية والتعاون الدولي السوداني محيي الدين سالم أن الحكومة السودانية لا تعترف بما يسمى مجموعة الرباعية، موضحاً أن تشكيلها لم يصدر بموجب قرار من مجلس الأمن الدولي أو أي هيئة أممية، وبالتالي فهي لا تحظى بوضع رسمي لدى الخرطوم.
هذا الموقف جاء بعد أيام فقط من إعلان قوات الدعم السريع موافقتها على هدنة إنسانية اقترحتها دول الرباعية التي تضم الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات.
ورغم ذلك، شدد سالم على أن السودان يفضل التعامل مع هذه الدول بصورة ثنائية مباشرة، مؤكدًا أن علاقاته مع القاهرة والرياض وواشنطن تسير في إطار تفاهمات متبادلة بعيدًا عن أي صيغة جماعية غير رسمية.
مباحثات ثلاثية في بورتسودان
وجاءت تصريحات الوزير عقب اجتماع ثلاثي في مدينة بورتسودان جمعه بوزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر.
وقال سالم إن النقاشات تركزت على الأوضاع المتدهورة في مدينة الفاشر عقب دخول قوات الدعم السريع إليها، مشيراً إلى أن الهجوم تسبب في نزوح واسع للسكان نتيجة أعمال قتل واغتصاب ونهب ممنهجة.
وأضاف الوزير أن الاجتماع تناول كذلك معاناة النازحين في مناطق الدبة وطويلة، والأوضاع الصعبة التي يعيشها المدنيون المحاصرون في بابنوسة وكادوقلي والدلنج، مؤكداً أن تلك المناطق تواجه كارثة إنسانية متصاعدة.
دعوة لتحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته
وأوضح سالم أن وجهات النظر كانت متطابقة بين الأطراف الثلاثة بضرورة تحرك المجتمع الدولي بشكل فاعل للضغط على المليشيات المتمردة والدول التي تدعمها.
كما تطرق الاجتماع إلى ملف المرتزقة الأجانب الذين تستعين بهم قوات الدعم السريع، مشيرًا إلى أنهم ينحدرون من كولومبيا ودول في غرب إفريقيا وبعض دول الجوار. ودعا الوزير إلى التعامل مع هذه المسألة بجدية في إطار القانون الدولي والقانون الإنساني.
وفي لهجة شديدة، وصف وزير الخارجية السوداني ما يجري في بلاده بأنه “غزو مباشر” يتخلله قتل وسحل ونهب، معتبرًا أن المجتمع الدولي إذا أراد فهم الأزمة السودانية “فعليه أن يسمي الأمور بأوصافها الحقيقية”.
ورأى أن زيارة المسؤول الأممي توم فليتشر “قد تشكل بداية لتحركات جدية على الأرض”، مشددًا على أن الخرطوم ستواصل جهودها لإخراج المليشيات والمرتزقة من السودان.
فليتشر يصف المحادثات مع البرهان بالبناءة
وفي وقت سابق أمس أكد مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر أن لقائه مع قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان في بورتسودان كان “بنّاء”، موضحا في مقطع مصور نشره مجلس السيادة الانتقالي أن النقاش تركز على تمكين الأمم المتحدة من العمل في مختلف مناطق السودان “بحيث يكون العمل الإنساني محايداً ومستقلاً وغير منحاز”، بما يسمح بإيصال المساعدات إلى الذين هم في أمسّ الحاجة إليها.
وأشار فليتشر إلى أن المحادثات جاءت في إطار السعي لضمان حرية الحركة والتمويل الضروري لفرق الأمم المتحدة، مؤكدا أنه يعمل على “وقف الفظائع ودعم جهود السلام” منذ وصوله إلى البلاد.
وفي بيان صادر عن المكتب الإعلامي لمجلس السيادة، عبّر البرهان عن استعداد السودان للتعاون مع الأمم المتحدة ووكالاتها المختلفة، مشددا على أهمية استمرار التنسيق في الملف الإنساني وتسهيل وصول المساعدات في المناطق المتضررة.
جرائم في الفاشر ومقابر جماعية تحت الأنقاض
وأعقبت سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، في 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، موجة من العنف والانتهاكات الواسعة، شملت عمليات قتل جماعي واغتصاب ونهب، وفق تقارير أممية وشهادات ميدانية.
وأكدت الأمم المتحدة وقوع مجازر وانتهاكات مروعة بعد انقطاع الاتصالات تماماً عن المدينة، فيما أظهرت صور بالأقمار الصناعية مؤشرات على وجود مقابر جماعية وأنشطة متعلقة بـ”التخلص من الجثث”، بحسب تقرير لمختبر البحوث الإنسانية بجامعة ييل الأميركية.
الجنائية الدولية تحذر: جرائم حرب محتملة
في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني، أعرب مكتب الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية عن “بالغ القلق والانزعاج” إزاء التقارير الواردة من الفاشر، والتي تتحدث عن عمليات قتل جماعي واغتصاب ارتُكبت أثناء هجمات قوات الدعم السريع.
وقال المكتب إن هذه الأحداث تندرج ضمن “نمط أوسع من العنف” المستمر في دارفور منذ أبريل/نيسان 2023، محذرًا من أن هذه الأفعال، إن ثبتت، قد تُعدّ جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بموجب نظام روما الأساسي.
وفي تطور إنساني موازٍ، أعلنت المنظمة الدولية للهجرة أن أكثر من 36 ألف مدني فروا من بلدات وقرى في ولاية شمال كردفان خلال أسبوع واحد فقط، بعد تمدد قوات الدعم السريع في دارفور المجاورة.
وأوضحت المنظمة أن 36,825 شخصاً نزحوا بين 26 و31 أكتوبر/تشرين الأول، تاركين منازلهم وممتلكاتهم وسط اشتداد المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

